الدفاع يثير دور الدفوعات الشكلية في ضمان المحاكمة العادلة قررت غرفة الجنايات الابتدائية بالدارالبيضاء، أول أمس الاثنين، البث في الدفوعات الشكلية، التي تقدم بها دفاع المتهمين في ملف «الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي»، أو ما يعرف بملفات «الفساد المالي» يوم الاثنين المقبل، مع الشروع في المناقشة. وعرفت جلسة الاثنين الأخير، تقديم دفوعات شكلية أخرى، تتعلق باستدعاء مجموعة من المدراء السابقين بمديرية المنشآت العامة التابعة لوزارة المالية، ضمنهم محمد بوسعيد، الطالبي عبد العزيز، الفاضلي عبد الجليل، قباج عبد الواحد، لكون هؤلاء في نظر دفاع أحد المتهمين كانوا يؤشرون على جميع الصفقات التي لها علاقة بالمتابعة المسطرة في حق موكله. وبعد الانتهاء من تقديم دفاع المتهمين لجميع دفوعاتهم الشكلية، تناول الكلمة ممثل النيابة في إطار التعقيب، حيث أشار أن الأمر يتعلق بطلبات أولية وبدفوعات الشكلية، وأنه سبق له أن أدلى بوجهة نظره فيما يخص استدعاء الشهود. وبالنسبة لإحضار الوثائق، قال ممثل النيابة العامة، إن المحكمة تتوفر على وثائق كافية وليست في حاجة إلى مزيد من الوثائق، وفيما يخص الدفوعات المستندة إلى الفصلين 218 و220 من قانون المسطرة الجنائية، فقد اعتبر أن الفصل 323 خير جواب على ذلك. وخلص في تعقيبه، إلى أن ما تم تقديمه من دفوعات شكلية وطلبات أولية كان في غير إبانه، مستندا بذلك على كون هيئة المحكمة سبق أن استمعت إلى المتهم عبدالله بوستة، حسب محضر الجلسة المنعقدة بتاريخ 4 أكتوبر الماضي، حيث وجهت له سؤالا عن التهمة المنسوبة إليه، فأجاب بالنفي، وبالتالي، فاستنادا إلى الفصل 323، فهذه الدفوعات الشكلية، كان يجب أن تقدم قبل الشروع في مناقشة الملف. دفاع المتهمين من جهته، وفي إطار التعقيب، اعتبر أن ممثل النيابة العامة، لم يحدد موقفه من استدعاء الشهود، وأن جوابه جاء مبهما وغامضا، وأنه لا يساهم في تحقيق العدالة، وذهب محام آخر إلى القول، إن ملتمسات الدفاع لم تأت من باب العبث أو من باب المماطلة، بل تهدف إلى المحاكمة العادلة، استنادا إلى الفصلين 119 و120 من الدستور الجديد، اللذين يعتبران المتهم بريء حتى تثبت إدانته، مع نص أحدهما على حقوق الدفاع وحقوق الإنسان وضمان المحاكمة العادلة. وأضاف الدفاع، أن هناك خبرات حسابية أنجزت من طرف مكاتب لتدقيق الحسابات، مما يفرض استدعاء هؤلاء الخبراء لاستفسارهم، إضافة إلى وزراء سابقين تعاقبوا على وزارة التشغيل كعباس الفاسي وخالد عليوة. وقال محام آخر، أن الدفاع ما يزال له الحق في إثارة الدفوعات الشكلية، وأن الاستماع إلى المتهم عبدالله بوستة لا يمكن أن يحرم دفاع باقي المتهمين من تقديم دفوعاتهم، مبرزا أيضا أن قول ممثل النيابة العامة، بكون المحكمة تتوفر على وثائق كافية للملف، لا يراد منه البحث عن الحقيقة الكاملة، متسائلا عن خلفيات إحالة الملف على المحكمة رغم عدم توفر مجموعة من الوثائق، كمحاضر الضابطة القضائية، وغياب المواجهة بين المتهمين واكتفاء المحكمة بالاعتماد على تقرير لجنة تقصي الحقائق. وبلغة غير مباشرة، موجهة إلى هيئة المحكمة، قال «نحن ننتظر إشارة توضح لنا بالملموس أين نحن كدفاع»، وعبر بالمناسبة عن تمسك الدفاع من جديد بكل الدفوعات والطلبات التي قدمت، ملتمسا من هيئة المحكمة البث في هذه الدفوعات بحكم مستقل. هذا وعرفت نفس الجلسة، غياب أحد المتهمين، وقدم دفاعه شهادة طبية في الموضوع، كما قدم بعض المحامين سحب نيابتهم عن بعض المتهمين، وتسجيل محامين آخرين مكانهم، كما استمعت المحكمة لأول مرة، إلى متهمين اثنين في إطار التأكد من هويتهما ويتعلق الأمر بمحمد كورجة، وسعيد رويلة. وكان دفاع المتهمين، قد تقدم في جلسة سابقة بدفوعات شكلية، التمس خلالها استدعاء أعضاء لجنة تقصي الحقائق البرلمانية، في مقدمتهم رحو الهيلع، الذي كان رئيسا لهذه اللجنة، من أجل أن تستمع لهم هيئة الحكم. كما تقدم الدفاع بملتمسات أخرى، سبق أن أثيرت في جلسات أخرى تتعلق أساسا بعدم الاختصاص القضائي لهيئة المحكمة، باعتبار الملف يندرج في إطار الجرائم المالية، ودفوعات أخرى تخص آليات عمل لجنة تقصي الحقائق البرلمانية، وخلفيات عدم أخذ قاضي التحقيق بكل الوثائق المعلقة بتقرير اللجنة عن الاختلالات، التي عرفها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي منذ سبعينيات القرن الماضي، إضافة إلى ملتمس يتعلق باستدعاء بعض الأشخاص لهم علاقة بالملف واستبعاد قرار الإحالة لقاضي التحقيق الذي لم يقم سوى بنسخ تقريراللجنة. كما أثار بعض المحامين في دفوعاتهم الشكلية تقرير مفتشية وزارة المالية، والإطار القانوني الخاص به، وعدم احترامه لبعض مواد ظهير 1960، إذ التمس الدفاع باستدعاء ممثلي النقابات بالمجلس الإداري خلال المرحلة الممتدة من 1981 إلى 2001، وممثلي مكاتب الخبرات، وضرورة الاطلاع على مضمون الكتاب الأسود، الذي سبق لنقابة للاتحاد المغربي للشغل أن صاغه، حول وضعية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.هذا ويتابع في الملف، 25 متهما في حالة سراح، ضمنهم مدراء سابقون إلى جانب كتاب عامين للصندوق وأشخاص آخرين بعد متابعتهم من طرف النيابة العامة، من أجل ارتكابهم جناية «المساهمة في تبديد أموال عامة». وتعود وقائع هذا الملف، إلى تقرير صادر عن لجنة تقصي الحقائق البرلمانية سنة 2002، استمعت فيه اللجنة إلى 48 شاهداً وفحصت 1900 وثيقة بلغ مجموع صفحاتها 88 ألف صفحة وقامت ب 13 زيارة ميدانية إلى مقر الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وإلى المندوبيات الجهوية والإقليمية والمصحات. وخلصت اللجنة إلى أن المسؤولية تقع على عاتق المدراء العامين الذين تعاقبوا على إدارة الصندوق وهم محمد كورجا 1972-1971 وامحمد لعلج 1995-1992 ورفيق الحداوي 2001-1995 ومنير الشرايبي 2001. وأكدت اللجنة أيضا في تقريرها أن الوثائق التي اطلعت عليها تبين وتبرهن بما لا يدع الشك أن الكتاب العامين الذين تناوبوا على إدارة الصندوق يتحملون بدورهم المسؤولية بالنظر إلى أنهم كانوا يتمتعون بتفويض كامل إلى جانب رؤساء المصالح وبعض الشركات المتعاقدة مع الصندوق عبر صفقات وصفت بالمشبوهة. بعض فصول المسطرة الجنائية المثارة خلال التعقيب المادة 218 إذا تبين لقاضي التحقيق لدى محكمة الاستئناف أن الأفعال تكون جناية، اصدر أمرا بإحالة المتهم على غرفة الجنايات. يجب أن يتضمن هذا الأمر هوية المتهم وبيان الأفعال الإجرامية وجميع الظروف من شانها أن تشدد أو تخفف العقوبة، وينص كذلك على الوصف القانوني للجريمة مع الإشارة إلى النصوص المطبقة. لا يمكن الطعن في الأمر المذكور إلا بالنقض وفق الشروط المنصوص عليها في المادتين 523 و524. يحيل قاضي التحقيق ملف القضية على الوكيل العام للملك من أجل الاستدعاء طبق الشروط المنصوص عليها في المادتين 419و420 من هذا القانون. يبقى الأمر الصادر بإلقاء القبض على المتهم أو بإيداعه في السجن قابلا للتنفيذ إلى أن يصبح مقرر هيئة الحكم مكتسبا لقوة الشيء المقضي به. يبث قاضي التحقيق بشأن الوضع تحت المراقبة القضائية. إذا تعلق الأمر بجنحة أو مخالفة، اصدر قاضي التحقيق أمرا بالإحالة على المحكمة المختصة وبت في شان الاعتقال الاحتياطي والوضع تحت المراقبة القضائية. المادة 220 توجه إلى محامي المتهم ومحامي الطرف المدني خلال الأربع والعشرين ساعة الموالية لكل أمر قضائي رسالة مضمونة لإشعارهما بالأمر الصادر عن قاضي التحقيق. يشعر المتهم والطرف المدني طبقا لنفس الكيفيات وضمن نفس الآجال بالأوامر القضائية بانتهاء التحقيق، وبالأوامر التي يمكن استئنافها إذا كان المتهم معتقلا يخبره بذلك رئيس المؤسسة السجنية. يشعر كاتب الضبط النيابة العامة بكل أمر قضائي في نفس يوم صدوره. المادة 323 يجب تحت طائلة السقوط، أن تقدم قبل كل دفاع في جوهر الدعوى، ودفعة واحدة، طلبات الإحالة بسبب عدم الاختصاص -ما لم تكن بسبب نوع الجريمة- وأنواع الدفع المترتبة إما عن بطلان الاستدعاء أو بطلان المسطرة المجراة سابقا، وكذا المسائل المتعين فصلها أوليا. يتعين على المحكمة البت في هذه الطلبات فورا، ولها بصفة استثنائية تأجيل النظر فيها بقرار معلل إلى حين البت في الجوهر. تواصل المحكمة المناقشات، ويبقى حق الطعن محفوظا ليستعمل في آن واحد مع الطعن في الحكم الذي يصدر في جوهر الدعوى.