عبد السلام أبو درار: محاربة الفساد باتت تتطلب تفعيل مختلف آليات التعاون بما فيها الأمني والقضائي والمؤسساتي أكد رئيس الهيئة الوطنية للوقاية من الرشوة عبد السلام أبودرار أن مكافحة الفساد أضحت أولوية الأولويات، وإحدى الرهانات الكبرى المطروحة على جدول أعمال أعلى المستويات، الحكومية منها وغير الحكومية، لما يشكله الفساد من تهديدات حقيقية لأمن واستقرار المجتمعات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. واعتبر أبودرار خلال افتتاحه صباح أمس الاثنين بفاس فعاليات الدورة الثالثة للمؤتمر السنوي للشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومحاربة الفساد، بأن محاربة الفساد باتت تتطلب تفعيل مختلف آليات التعاون بما فيها الأمني والقضائي والمؤسساتي، قائلا «إن تطور الإجرام الدولي العابر للحدود، ليفرض اليوم المزيد من التكتل الدولي، عبر تفعيل آليات للتعاون الأمني والقضائي والمؤسساتي، سواء في إطار إقليمي عربي-عربي أو عربي-دولي، بغية تطويق مختلف مظاهره». وأبرز أن تنظيم هذا المؤتمر يعد تأكيدا متجددا لتفعيل التعاون العربي العربي للتصدي للفساد، انطلاقا من التخليق البنيوي لمختلف مستويات الحياة العامة في الأوطان العربية إلى محاربته وقائيا وزجريا وإصلاحيا، كشرط أساسي لتكريس مبادئ الحكامة الجيدة، مذكرا في هذا الصدد بالخطوات التي قطعها المغرب في مسار مكافحة الفساد، إذ ترجم إرادته السياسية على هذا المستوى بانضمامه للاتفاقية الأممية لمكافحة الفساد، توقيعا ومصادقة، معلنا عن تشبثه الراسخ بالمعايير الدولية للنزاهة والشفافية ومحاربة الفساد. كما عمل من خلال مقتضيات الدستور الجديد على الارتقاء بالهيئة المركزية للوقاية من الرشوة إلى هيئة وطنية مستقلة للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، وذلك حتى تتمكن من إرساء المنظومة الوطنية للنزاهة، على غرار باقي هيئات الحكامة الجيدة التي أفرد لها الدستور بابا مستقلا، مع التذكير بالمبادئ التي ترتكز عليها. وابرز أن اختيار «موضوع المشاركة المجتمعية في مكافحة الفساد وآفاق تطوير آليات البلدان العربية» موضوعا محوريا لهذا المؤتمر، يعد اعترافا من الشبكة العربية للنزاهة ومكافحة الفساد بالدور الطلائعي الذي يمثله المجتمع المدني، كشريك أساسي ووازن في إعداد وتتبع تنفيذ سياسات مكافحة الفساد، بما ينسجم مع مقتضيات الاتفاقية الأممية في إشراك المجتمع في منع الفساد ومحاربته. هذا ومن المنتظر أن يتم خلال فعاليات هذه الدورة التي تنظمها الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة بتعاون مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي والشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومحاربة الفساد، عرض تجارب مكافحة الفساد بكل من تونس، مصر والمغرب، هذا فضلا عن تجارب مقارنة لكل من البرازيل ،المكسيك والهند وجنوب إفريقيا وكوريا الجنوبية ،فضلا عن تجارب حول دور المجتمع المدني في محاربة الفساد وتعزيز النزاهة. وستعرف هذه الدورة التي تمتد على مدى ثلاثة أيام متتالية، أي طيلة أيام 19، 20 و21 دجنبر الجاري، مشاركة مسؤولين وبرلمانيين خبراء وممثلين عن القطاع الخاص من جميع البلدان العربية، وكذا ممثلين عن الهيئات المانحة الإقليمية والدولية. وسيناقش المشاركون عددا من القضايا المرتبطة بواقع الفساد في البلدان العربية مثل الحق في الولوج إلى المعلومات وآليات التبليغ والتظلم ودور المجتمع في صياغة سياسات واستراتيجيات مكافحة الفساد. ومن المنتظر أن تسفر أشغال المؤتمر، الذي يأتي بعد احتضان المغرب للمؤتمر الرابع للدول الأطراف في اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد، عن خلاصات وتوصيات تعزز أهمية المقاربة التشاركية في مجال مكافحة الفساد من خلال إشراك مختلف فعاليات المجتمع في الجهود المبذولة في هذا الإطار. يشار إلى أن «الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد» أنشئت في 30 يوليوز 2008 وتعد منبراً إقليمياً للتشبيك المعرفي وتنمية القدرات وحوار السياسات في مجالات اختصاصها.