دافع المخرج الإسباني، مونتشو أرمينداريز، في شريطه «لا تخافي»، المشارك ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش عن حق الطفولة المغتصبة في الحياة. يضع المخرج الإسباني الجمهور أمام دراما شخصية اجتماعية صادمة، من خلال سرد تفاصيل دقيقة للطفلة «سيلفيا»، متقاسما معهم أحزانها وعزلتها وتهميشها وكذا صراعها الداخلي للتغلب على مشاعرها التي كانت في كثير من الأحيان سببا في إحباطها وطموحها نحو مستقبل أفضل. يحكي «لا تخافي» عن سيلفيا، فتاة ستغتصب طفولتها في سن مبكرة على يد أقرب المقربين إليها، والدها، الذي من المفترض أن يكون حارس براءتها ، لكن حيوانيته ودناءته ستمزق رابط الأبوة بإطلاقه العنان لغريزيته التي ترمي به في زنا المحارم والرذيلة. من جانب آخر، سلط المخرج الضوء على الطرف الآخر للقصة ، الأم التي من المفروض أن تكون علاقتها أكثر حميمية مع سيلفيا، التي أضحت أسيرة صراعات داخلية ونفسية، إلا أنها فضلت تغاضي الطرف وتجاهل الواقع معتبرة إياه بعضا من شطحات مخيلة الصغيرة «سيلفيا»، محذرة إياها من تكرار نفس القول. بهذا الاعتداء الشنيع على براءة «سيلفيا» فارقت الابتسامة مبكرا محيا هذه الطفلة ، فاتحة المجال للحزن والدهشة من هول ما تعرضت له خاصة وأنه من والدها الذي لم يكن في واقع الأمر سوى ذئب بقناع إنسان. في سن الخامسة والعشرين، تفكر «سيلفيا» في التحرر من صدمة الطفولة ، متطلعة إلى حياة جديدة بكثير من الأمل، سلاحها في ذالك العزيمة والإرادة القوية وإيمانها الراسخ بأن ما تكسر في الطفولة سيبنيه المستقبل. وفعلا ستبدأ سيلفيا مسار حياة جديدة بالتردد على طبيب نفسي، وفرض ذاتها داخل محيطها، مقتنعة بأن التخلص من هاجس الخوف سبيلها نحو تحقيق ذاتها. ويعكس «لا تخافي» واقعا تعيشه شريحة واسعة في كل مجتمعات العالم مهما اختلفت، كما يبعث رسالة بضرورة التحلي بالشجاعة والإرادة من أجل فضح المسكوت عنه مهما كانت العراقيل. يشار إلى أن مونتشو أرمينداريز، الذي يعتبر واحدا من أبرز المخرجين السينمائيين في إسبانيا، يتناول في أعماله السينمائية الجوانب الاجتماعية بكل تجلياتها، ومن أشهر أعماله في هذا الإطار شريط «أسرار القلب». يشار إلى أنه يتنافس على جوائز الدورة الحادية عشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى غاية العاشر من دجنبر الجاري، إلى جانب «لا تخافي»، 14 شريطا يمثلون سينمات عدد من بلدان العالم.