من الغريب أن تلهج بعض الصحف بخبر دون الوقوف على خط الحياد. هذا الخبر يشير إلى اقتراب فسخ العقد الذي يربط جامعة كرة القدم بالمشرف العام على المنتخبات الوطنية بيم فيربيك، فجامعة كرة القدم ما فتئت تنتظر عثرة صغيرة لمدرب المنتخب الأولمبي حتى تضع رأسه على مقصلة الإقالة.. مدرب يوصف لا يفعل إلا ما يريد ولا يحب أن يتلقى الأوامر من أحد .!! وها هو فيربيك قد نجح في تحقيق المراد وأهل المنتخب إلى دورة الألعاب الأولمبية المقرر إقامتها بلندن السنة القادمة، لكن السؤال الآن: هل سنرى فيربيك ربانا لسفينة الأشبال في أولمبياد لندن العام المقبل؟ الإجابة تجدونها عند جامعة كرة القدم .!! تفاصيل القضية لا تعود بالأساس إلى الحركة اللاأخلاقية التي قام بها فيربيك خلال مباراة السنغال، والتي جاءت فرصة مناسبة للإطاحة بالمدرب الهولندي من منصبه الحالي لأسباب شخصية حسب ما يروج حاليا، فقبل شهور ظهر حديث عن رغبة جامعة الكرة بالانفصال عن فيربيك، لكن المبرر للطلاق لم يكن موجودا آنذاك، بينما الآن.. فإن رده على استفزاز الجماهير المغربية في مباراة السنغال نظرا للأداء المهزوز التي قدمته العناصر الأولمبية، والتي كلفها أن تتأهل بنتائج الآخرين، فرصة سانحة لإسقاط المشرف العام، خصوصا وأن اللاعبين المغاربة قد تلقوا منه تعليمات تخبرهم بنتيجة المباراة بين الجزائر ونيجيريا، ما خفض من مستوى المنتخب الأولمبي الذي لم يكن من الأساس مرتفعا .!! لسنا هنا لتقمص دور المحامي والدفاع عن فيربيك .. وبالتالي فمن الإجحاف أن ننكر الآثار الإيجابية التي تركها منذ قدومه في صفوف المنتخب الأولمبي. لا يمكننا بتاتا أن ننكر أن هذا المدرب على مدار ما يقارب 18 شهرا جال بلدان أوروبا لإقناع مجموعة من اللاعبين ذي الأصول المغربية بحمل قميص «أشبال الأطلس». هذا الأمر الذي قد يراه البعض بسيطا لن يقوم به أي مدرب مغربي حتى لو وفرت له كافة الشروط.. إذن فلنسامح بيم على حركة لاأخلاقية وردة فعل طبيعية كانت ستصدر من أي مدرب يتعرض للضغوطات من كل جانب -كما هو الحال مع فيربيك-، فكيف وجماهير طنجة استفزته هي الأخرى بطريقتها، فما كان من فيربيك إلا أن رد على الإساءة بمثلها، والبادئ أظلم!!! ينتقض البعض على فيربيك كونه لا يعتمد على اللاعبين المحليين أو بتعبير أدق محترفي البطولة الوطنية، وشتان ما بين الاحتراف الأوروبي والاحتراف المغربي. هؤلاء يرون أن بعض الأسماء الممارسة ببطولتنا الوطنية تستحق تمثيل المنتخب الأولمبي، وأن فيربيك يعاني حزازة من اللاعبين المحليين إلى درجة أن منهم من يقول إن فيربيك «يكره» المحليين.. كل ما في الأمر أن المدرب الهولندي اقتنع بأن لاعبي البطولة الوطنية غير مؤهلين لحمل قميص المنتخب الأولمبي. فماذا جنى من اعتماده على المحليين في بطولة اتحاد شمال إفريقيا لكرة الودية؟ سوى هزيمتين متتاليتين أمام منتخبين (السعودية وغامبيا) وأقل ما يقال عنهما أنهما ليسا بمستوى منتخبنا الأولمبي، كل هذا يثبت أن حساسية فيربيك من لاعبي البطولة مقبولة بالقياس إلى مستوى بطولتنا وإلى مستوى اللاعبين أنفسهم، فالأفضلية دائما ستكون للاعبين المحترفين الذين يمارسون على أعلى مستوى، وإن كانت هذه الفئة لا تخلو هي الأخرى من نقاط ضعف .!! لكن فيربيك كأي إنسان مجبول على الخطإ، قام بمجموعة من الهفوات التي أغضبت الجمهور المغربي بسبب المستوى المهزوز خلال الدور الأول، ولعل الغلطة الكبرى لفيربيك هي عدم استدعائه لمهاجم صريح بدل الدفع بقاسمي أو تيغداوين أو برادة أو البيضاوي، هذه الأسماء كما نعلم تميل للعب الحر أو في الأطراف، وبالتالي فإن إسم مهاجم أولمبيك أسفي عبد الرزاق حمد الله، كان سيحد من الانتقادات التي طالت المدرب الهولندي، بل كان سيعزز من القوة الهجومية للعناصر الأولمبية التي سجلت في مباراة مصر أكثر مما سجلت خلال مباريات الدور الأول الثلاثة. غير أن فيربيك اختار عدم استدعاء هداف البطولة، وبفضل المهاجم القناص وصل الأشبال إلى الدور الثالث من التصفيات الإفريقية، والتاريخ سيذكر -إن نسي فيربيك هذا- أن حمد الله هو من قاد الأشبال للمشاركة في البطولة الحالية بهدف في الأنفاس الأخيرة أمام جمهورية الكونغو. اختيارات فيربيك أصابت أو لم تصب تحترم، وقناعاته بخصوص المحليين مقنعة مع التحفظ الوحيد حول المهاجم المسفيوي، وإذا كانت نتائجه إيجابية تتحدث عن نفسها.. ففي اعتقادي أن فيربيك الذي أتذكر أنه ربط بين التأهل وبقائه مشرفا على المنتخب الأولمبي، قد حقق الهدف بحجز تأشيرة السفر إلى لندن، ومن تم لن يكون هناك أي معنى لإقالته.. إذن فلندع بيم يعمل في هدوء .!!!