ثمل هذا الليل بقربي، ومن عيون الصبح أبتهل الدعاء، أتوق لروحي أبسط ذاتي وأستعطي من أيامي الابتسامة والثناء. كي لا أهجر النور بترنيمة خرساء، أغوص في وحل ذكرياتي لأغرق في زبد الشعور. أمزقُ أكفان العش الزئبقي الصباح، فيُشرنقني الاستخفاف الموصود بالقلب. خرائط صفراء وتجاعيد زمن غادرت أشياءه .... الأغصان جرداء، بخريفها يحلق غراب يشتهي فريسته ليمكث طويلا ليقتنص تلك الفراشات الملونة بأزاهير يفوح منها عطر الأمل، بأشرعة النجاة، فينظر مليا إلى ما حوله يرتجي رغبة البقاء لزمن آخر. حداد الخدر في مسامات العذارى تَستمع فيه فقط للجانب الآخر من صهيل الضوء، الأنوار البائدة كانت تركض، بكل تضاريس التجاعيد المحمرة وتلك العيون الباحثة عن النعاس والوحدة. مُرتبكة الفقد حد السكون المرتجف للتراب الذي يحاول لملمة الصدى. هكذا أنت أيتها الغيمات عند كل منحدر وهمي من على شرفات العمر. كانت تقيس الاخضرارت الفائتة، وحسب كهولة خطوط العمر. كل هذا… وَبعض محار الليل، فارغ النجوم.. تالله الشمس.. لا تدري أن الماء يكره جدائل نطقها، وذلك الصمت الذي لم ينتهز الليل، بحلم جديد، يحاكي القلق بعد كل جولة للعيش بسلام. ترى… أيكون الدفء جريمة، أم أن وجهي لم يعد صالحا لقبلة أخرى… وأنا كنجمة مسلوبة شرقية القوام، تشع بالرحيق نسيجها رقيق تجولت في سمائي وهي قادمة من وادي التعب. إنني أخبز ذاتي أذر طحينها من رماد غيابي أنتظر رسالة مني وأتصدق بها. تصدقوا… فالصدقة تمحو التعب، وتكحل العيون، وتهجر الغياب وتطرد الظنون وهواجس إبليس حينما يجرع الشمع وميض الليل لتبدأ ثمالتي. أنا وخيوط شمسي ولهفة الحروف برائحة قهوتي فأنا امرأة تعشق القهوة في كل مكان حتى في المقاهي القديمة ودكاكين الوراقين والأزقة القديمة وحتى دواوين شعري والأرق. تمحوها… تنقلها… تبعدها عنا السحب كلما استباح الصمت أزقة ذاكرتي الداكنة. كيف لألغام الوجيعة أن تهمد هكذا أمامي، دون أن تتفجر. كيف أمكنها أن تختزلني في تهيؤات أنيقة وتهزمني بكل بساطة هكذا كلما وجدتني هناك. أنا وكلما سابقت ملامحي للوصول أجدني ابتعد في أول مفترق للرحيل. أجلس متكئة على سنوات عمري، أحدق بجذع حلمي أنزع لحاءه المتجعد وجلده المتيبس.. كذاك الذي دس همومه في أكياس الغروب، و ليس بإمكان اللحظة أن تفسر سر الغياب ولن يعرف الذي أضاع رغبته في تيه الأسئلة، سر تدوين الأحلام، فوق سقف الأمنياتو كأنه محض وَهم. أزمنة تلو أزمنة، حتى لا يكون للفجر خيط. علني أمزج مابين عمري وتلك الشجرة والصمم الذي يلف من حولي جدران حقيقة خرساء. تشربني الطرقات ورشفات الأزمنة العائدة من رحلة الخلود الأخيرة إنه موسم الوجع يلتهم بقايا أمنياتي القديمة. فأنا جناية في دين الموت هكذا أجدني كلما فرس القلق في وجه قافيتي أستجدي الصمت لحقيقة أخرى. وحيث أنا، أستميل نوايا الصراخ عند كل ليلة نسي فيها القمر ميعاد الصمت فيخترق سكوني الثمل سراب من ذاكرة ممزقة كتب على رمشيها… الحلم شقاء أعود أنا… وذلك العمر المستخف بالحياة. أراقص ذرات الرمل على رأس كل طريق أحمر ليعلن اللحن انهزامه لكل من تسول له نفسه نيل السعادة. آه … شيء آخر ينتابني ليس خوفا ولا أرقا فالأرق يقتل أهله. هكذا قالت لي العرافة قبل عام قبل أن تغلق السماء زرقتها وتغتسل بدمع جديد. وانتهى العام ولم ينتهي قلقي ليثبت لكل عابر سبيل أن رحيل الصيف لم يكن إلا نزوة دهر ورحلة السماء إلى وجه الخوف وقد هرول التعب على ناصيته لأخبر العابرين على ليلتي. فالأضواء في وضح الأجوبة هناكَ عندَ حافة الثُريات الباهتة، القناديل في وضح الأجوبة، وبض الانعكاسات جذر، للأحلام المُختبئة في معطف الشتاءات. فقد خلقت الألوان من خيوط الأضواء، هكذا عديمة الدفء. وكيف تشيخ النجوم البعيدة وتبتر تعاويذ النساك عند كل جيد يبتل بالحيرة وإن مرافئ الوصول باتت معتمة الثنايا بطرا وقبل ذلك بليل. آيتها النوايا أمهلك مسافة نبض وليلة أخرى من الصخب والأرق لا يبالي بسمعة الليل. لا زوايا في اتجاهات الصراخ، لتلك الأوراق التي عبرت المستقر، وفي نصف المسافة، الأفكار لا ترافق سقوط الذرات، علها تخبر خطوط يدي أن التصفيق لشاعرة صماء هي ترتيلة خرساء تستدين من الشمس سمرتها. حثما سنعود، مصيرنا أن نعود… سنعود إلى بسماتنا المشعة، سنعود إلى ضحِكاتِنا الطويلة المحشوّة بالأمل، سنعود إلى آمالنا البعيدة، سنعود.