كما المعتاد مع حلول شهر رمضان المبارك، تتحول شوارع المدن إلى ساحة لمعركة بين السيارات والمارة. والازدحام هو السمة الأبرز خلال أوقات الذروة في هذا الشهر الفضيل، بفعل التحرك الجماعي للسيارات والحافلات في الطرقات. وتحدث العديد من الاختناقات المرورية في الشوارع، كما هو الحال مع الانكماش في حركة السير بمدينة الدارالبيضاء، المعروفة بكثافة عدد سكانها. تبدأ الصورة الواقعية لهذا المشهد الفوضوي في الظهور مع دخول شهر الصيام، حيث يصبح الصراع على الوصول إلى وجهتك معركة يومية لا تنتهي. أثناء ساعات العصر، يبدأ الموظفون والمستخدمون في الخروج من أماكن عملهم للذهاب لمنازلهم، أو فضاءات التسوق لاقتناء حاجياتهم من السلع والمتطلبات الضرورية لفطورهم. وهذه العودة الجماعية للمنازل، تؤدي إلى حركة مرور مكثفة ومزدحمة للغاية، حيث يتدافع أصحاب السيارات فيما بينهم للبحث عن مخارج ومسالك طرقية تؤدي إلى عبور آمن وسط "بلوكاج" يصبح أكثر تعقيدا في الأماكن السكنية الكثيفة. وزارت جريدة بيان اليوم، شارع "درب السلطان" بالعاصمة الاقتصادية، ووقفت عند الاختناق المروري، بفعل التسابق المحموم والمستعجل على العودة إلى البيت بأسرع وقت ممكن. وفي ظل هذه الحالة المزدحمة، يتناغم صوت المكابح المتقلبة مع تلاحم المارة، الذين يتبادلون الحديث عن مشاكل الحياة وتحدياتها في أيام الصيام والسهر. وبغض النظر عن تلك الضوضاء والازدحامات، فإن روح التسامح والتعاون والتضامن تظل مغمورة في قلوب الناس، حيث يسعون جميعا إلى تخفيف الازدحام وتسهيل حركة المرور بين الأزقة المخنوقة، على أمل أن يصبح هذا "الروتين العصيب" من ذكريات الماضي الجميل، بعد استعادة الطرقات لهدوئها وسكينتها المعتادة. وقالت فدوى، طالبة بسلك الإجازة وتشتغل بالموازاة مع دراستها، إنها تجد صعوبة كبيرة لحظة عودتها، تحديدا، إلى المنزل بفعل الازدحام الشديد في الطرقات. وكشفت فدوى أنها تواجه صعوبة في التسوق قبل الفطور بسبب الازدحام المتزايد في المحلات قبيل وقت آذان صلاة المغرب. وأضافت في حديثها مع بيان اليوم، إلى أنه توجد ضرورة ملحة اليوم، لمحاولة معالجة مشكل الازدحام خلال شهر رمضان، حفاظا على سلامة الجميع وتجنبا لوقوع حوادث السير. وتقترح فدوى، تطبيق إجراءات حازمة من قبل السلطات المعنية، لمعاقبة المخالفين لقوانين السير والجولان داخل المدن، الذين يتسببون في الازدحام بدون اكتراث لسلامة الآخرين. من جهته، أوضح المهدي سائق سيارة الأجرة بالبيضاء، أنه من بين أسباب الازدحام المروري هو انعدام المسؤولية لبعض السائقين، موضحا أن اللامبالاة هي من تجعل الاكتظاظ يعم الطريق والشوارع . ودعا المهدي في تصريح لجريدة بيان اليوم إلى ضرورة القيام بالتوعية والتحسيس بالطرقات، حول أهمية القيادة بحذر والتقيد بقوانين المرور خلال شهر رمضان، وذلك للمساعدة في التقليل من الحوادث، وبالتالي الازدحام. أما عبد النور صاحب دراجة نارية، فيرى أن الطرق خلال شهر رمضان، سمتها الأساسية "الاكتظاظ" و"الازدحام"، بسبب عدة عوامل، منها اللامبالاة لدى بعض السائقين الذين يستخدمون الهواتف الذكية أثناء القيادة، وكذا خرق قواعد السير، مما ينجم عنه توقفات مفاجئة على الطرق. ويعتبر عبد النور، أن تكثيف الرقابة الأمنية على الطرق، وتشديد العقوبات على المخالفين لقوانين المرور، هو الحل الأمثل لمعالجة هذه الإشكالية. والمعاناة نفسها، تعانيها السيدة خديجة، أثناء تنقلها، إذ تواجه صعوبات كبيرة في قيادة سيارتها خلال شهر رمضان، بسبب الازدحام والتوتر الناتج عن الصيام وضعف الطاقة. وفي ظل هذا الوضع، باتت خديجة تفضل استخدام "الترامواي" كبديل للسيارة من أجل التنقل داخل المدنية، علما أن تكلفة التنقل أقل، كما أن ربح الوقت يكون أكبر، لأنها تفضل قيادة سياراتها في أجواء هادئة فقط. ودعت خديجة في حديثها مع الجريدة إلى ضرورة السياقة بحذر وعقلانية لتجنب الحوادث، موضحة أن المسؤولية ملقاة على السلطات العمومية وكذلك المواطنين. ولم تفت خديجة الفرصة إلى التنبيه للحالة المزرية لبعض الطرقات التي يجب إصلاحها، فضلا عن تشجيع استخدام وسائل النقل العامة والمستدامة، بالإضافة إلى تعزيز التوعية بأهمية عدم استخدام السيارات الخاصة عندما يكون ذلك ممكنا، مشددة على أن هذه الجهود المشتركة يمكن أن تسهم في تحسين حركة المرور وتخفيف الازدحام بشكل فعال ومستدام.