يعتبر انتخاب مجلس النواب في يوم 25 نوبر 2011 محطة نوعية مهمة في التاريخ السياسي المعاصر المغربي لعدة اعتبارات أهمها أنها أول انتخابات تنظم بعد اعتماد الدستور الجديد الذي أعاد النظر في الكثير من اختصاصات وسلطات المؤسسات الدستورية، كما أنها تأتي في ظروف استثنائية يمر بها العالم العربي قدّم فيها المغرب نموذجا للتحول السياسي الهادئ والسلس. تعتبر نسبة المشاركة في هذه الانتخابات التي وصلت 45% رقما مهما إذا استحضرنا الأجواء العامة الوطنية والجهوية التي مرت بها الانتخابات ودعوات المقاطعة التي أعلنتها أكثر من جهة سياسية معارضة، كما تمثل في الآن نفسه تقدما نسبيا مقارنة مع انتخابات 2007. من جهة أخرى فإن إعلان نسبة المشاركة كما هي وفتح كل الأبواب للملاحظين الدوليين والوطنيين يؤكد ترسيخ مبادئ الديمقراطية بالمغرب. إن إجراء هذه الانتخابات تحت أعين أكثر من 4000 ملاحظ وطني ودولي أعطى لهذا الاستحقاق قيمة مضافة وأضفى عليه صفة الشفافية والنزاهة. وما يؤكد هذا الاستنتاج أن الهيئات الملاحظة أقرت بأن عملية انتخاب مجلس النواب مرت في أجواء عادية وسليمة وهذا ما سيعزز من مصداقية النتائج المعلن عنها، وسيمنح أملا جديدا للناخبين بمستقبل الحياة السياسية المغربية. إن حصول حزب العدالة والتنمية على المرتبة الأولى في هذه الانتخابات الذي ظل في فترة طويلة في صفوف المعارضة يؤكد جدية ومصداقية العملية الانتخابية. إن افتراض ترأس هذا الحزب للحكومة القادمة سيشكل دون شك مؤشرا مهما على التحول السياسي الكبير في المغرب، وسيشكل انطلاقة لعملية تداول سياسي جديد. تؤكد النتائج أيضا أن النظام السياسي المغربي أصبح أكثر قوة وقادرا على استيعاب كل التغيرات السياسية ولم يعد يعنيه من يحتل المرتبة الأولى من الأحزاب السياسية مادامت جميعها مجمعة على القواعد السياسية للنظام السياسي المغربي ومحترمة لمبادئ العمل الديمقراطي المتعارف عليه. إن المرحلة السياسية لما بعد انتخابات 25 نونبر 2011 ستكون بالتأكيد حبلى بتغيرات ومستجدات غير مسبوقة وستُبقِي المشهد السياسي المغربي أكثر حيوية ونشاطا لمدة طويلة. إنها حقا انتخابات جديدة بآليات جديدة وقيم جديدة ووجوه جديدة ومشهد سياسي جديد. *أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس *مستشار لدى مركز الدراسات الدولية - يعنى مركز الدراسات الدولية، ومقره الرباط، بالأبحاث والدراسات السياسية. ويعتبر فاعلا نشطا في إغناء النقاش حول التكامل المغارب ، كما يهتم كذلك بالمشاكل المرتبطة بالهجرة، الإرهاب، والإشكاليات المتعلقة بتجزئة وتقسيم الدولة. في العام 2010 قام مركز الدراسات الدولية بإصدار كتاب، باللغة الفرنسية، تحت عنوان «عقدين من الإصلاحات بالمغرب (1999-2009)»، هذا الكتاب هو نتاج عمل جماعي لعدد من الأساتذة الجامعين والباحثين المتخصصين. تم نشره من طرف مؤسسة النشر كارتا لا. في يناير 2011، قام المركز بإصدار، لدى نفس مؤسسة النشر، كتاب ثانٍ باللغة الفرنسية تحت عنوان «المغرب- الجزائر: مقاربات متقاطعة لجوار عدائي»0 وقام المركز بإصدار كتابه الثالث باللغة الفرنسية تحت عنوان «النزاع حول الصحراء أمام منظمة الأممالمتحدة». كما يتوفر المركز على عدد من المواقع الإلكترونية التي ينشر فيها بعضا من أبحاثه. من بين هذه المواقع نذكر موقع «ابن خلدون» الذي تم إنشاؤه مؤخرا. يمكن الاطلاع على هذا الموقع من خلال العنوان: http://www.ibn-khaldoun.com