محمد بودن: التوجه الأطلسي للمغرب ينسجم مع القناعات الجوهرية في نطاق التعاون جنوب- جنوب قبل عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي، كانت مبادرات المملكة اتجاه الدول الإفريقية متعددة ومتنوعة حيث قام الملك محمد السادس بجولة في عدة دول إفريقية في إطار التعاون جنوب-جنوب، وقد تعززت هذه الزيارات بعد عودة المغرب إلى الاتحاد الإفريقي مطلع 2017، وقد كان آخرها "مشروع القارة" المتعلق بأنبوب الغاز نيجيريا-المغرب وصولا إلى أوروبا ثم المبادرة الملكية لتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي كنقاط قوة لتغيير وجه القارة وتعزيز الاستقرار والتنمية فيها. في هذا الإطار أكد وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، يوم السبت 17 فبراير 2024، بأديس أبابا، أن التزام المغرب بتحقيق أهداف التنمية بإفريقيا نابع من الرؤية الإستراتيجية لجلالة الملك محمد السادس. وذكر بوريطة، الذي مثل جلالة الملك محمد السادس في القمة ال37 للاتحاد الإفريقي المنعقدة يومي السبت والأحد الماضيين، بأديس أبابا، بأن الملك أكد في خطاب العودة إلى الاتحاد الإفريقي، في 31 يناير 2017، على أهمية تحفيز "انبثاق إفريقيا جديدة" قادرة على تحويل تحدياتها إلى إمكانات حقيقية للتنمية والاستقرار، مبرزا أن أجندة 2063 تعد أحد المشاريع الرائدة للاتحاد، التي من شأنها تعزيز بروز قارتنا واندماجها. وفي هذا الصدد، قال محمد بودن رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، إن التوجه الأطلسي للمملكة المغربية ينسجم مع القناعات الجوهرية في نطاق التعاون جنوب – جنوب الذي يعتبر نهجا ثابتا في الرؤية المغربية من منطلق الالتزام والتضامن المغربي تجاه العمق الإفريقي الذي تجسد في إبراز جلالة الملك محمد السادس لأهمية تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي. وأضاف بودن في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن المغرب يمثل صوت إفريقيا، وقد انعكست هذه المكانة في مختلف مبادرات المغرب الذي يعمل في الإطار الثنائي والإطار الجهوي والإطار القاري على تعزيز ثقة إفريقيا في نفسها وامتلاك مقومات التطلع نحو المستقبل بكل ثقة، مضيفا أن هناك عدة دلالات أساسية للمبادرة الملكية لتسهيل ولوج دول الساحل نحو المحيط الأطلسي. وأوضح المتحدث نفسه، أن المبادرة الملكية السامية المعلن عنها في خطاب الذكرى 48 للمسيرة الخضراء، تعكس دراية المغرب وفهمه لمنطقة الساحل وتطلعاتها، "طالما أنها المنطقة هي الأكثر تضررا من تحديات عدة في سياق تعثر تجربة مجموعة دول الساحل الخمس مؤخرا". مضيفا أن المبادرة تمثل تعبيرا قويا عن التضامن الموصول للمغرب مع دول القارة وخاصة دول الساحل في طموحها نحو تحقيق الاستقرار والتنمية وتعزيز صمودها على المدى المتوسط. وأشار المتحدث نفسه، إلى أن المبادرة المتعلقة بالساحل تعكس قراءة وفهما مغربيا للمجريات في الفضاء الجيوسياسي للمنطقة مما يجعلها مكونا أساسيا في الرؤية المغربية للفضاء الأطلسي الذي يضم 23 بلدا، مشيرا إلى أن المبادرة الملكية ستعزز المساهمة المغربية في الترافع عن إفريقيا جهويا وقاريا ودوليا من منطلق المصداقية التي يتمتع بها المغرب واحترامه لسيادة واختيارات الدول. كما أبرز بودن، أن المبادرة الملكية من أجل الساحل تعبير عن التمسك بالتعاون جنوب – جنوب، مبرزا أن المغرب يأخذ زمام المبادرة لتمكين دول الساحل من الولوج للبنيات المينائية والطرقية في ترجمة للعمل المغربي الملموس مع أفريقيا وترجمة لمعاني الأخوة والصداقة العميقة كما جاء في الخطاب الملكي السامي في 31 يناير 2017 بمناسبة عودة المملكة المغربية لأسرة الاتحاد الإفريقي. وأكد رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية، أن جوهر المبادرة الملكية يرتكز على تسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، قائلا: "كما هو معلوم فإن كل من مالي والنيجر وبوركينافاسو وتشاد، دول ليست لها منافذ بحرية وتلجأ في سلاسل التوريد أو التصدير إلى موانئ بعيدة أو طرق مكلفة وغير آمنة، أما موريتانيا فبالرغم من كونها من دول الساحل إلا أنها دولة أطلسية وقد شاركت في الاجتماعات الوزارية الثلاث للدول الإفريقية الأطلسية والتي كان آخرها في مستهل شهر يوليوز 2023، ولابد من الإشارة إلى أن الإستراتيجية الأطلسية التي تهم 23 بلدا في القارة تمثل قاطرة للمبادرة المتعلقة بالساحل التي تنسجم مع التوجه التضامني للمغرب مع عمقه الإستراتيجي وفي إطار مقاربة التعاون جنوب – جنوب. وأشار المتحدث عينه، إلى أن اجتماع مراكش يمهد الطريق لتطور غير مسبوق يهدف إلى تعزيز خيارات الأمن والتنمية المشتركين في منطقة الساحل وبما ينعكس إيجابا على جهود التكامل والاندماج في القارة الإفريقية سواء في إطار أجندة التنمية الإفريقية 2063 أو في إطار ضخ عوامل فاعلة في مشروع اتفاقية التجارة الحرة الإفريقية وغيرها، مشيرا "لأسباب عديدة من بينها تعثر تجربة مجموعة الخمس بالساحل مؤخرا وتطوير البنية التحتية للدول الأكثر هشاشة في المنطقة وجعل الساحل طريقا للتنمية في أفق الاستفادة كذلك من ثمار أنبوب الغاز نيجيريا المغرب، يمكن اعتبار اجتماع مراكش لحظة قوية لتسليط الضوء على إمكانات الساحل والدور الإيجابي للمغرب تجاه عمقه الاستراتيجي". كما أكد بودن أن المبادرة الملكية تسمح بتسهيل ولوج دول الساحل نحو الأطلسي بدينامية ملموسة في الفضاء الجيوسياسي للساحل، مؤكدا أن المملكة المغربية أخذت زمام المبادرة لتعضيد جهود دول الساحل في الوقت الذي لازالت بعض الأطراف تعتقد أن دول منطقة الساحل لا يمكنها أن تحلم بالنهوض من جديد.