اختفى عن الأنظار منذ قيادته للمنتخب الرديف بكأس العرب بقطر، وما نتج عن هذه المشاركة من ردود فعل غاضبة ومنتقدة، بعد الخسارة أمام المنتخب الجزائري، عن طريق الضربات الترجيحية بدور الربع. بعد هذا الإخفاق، تفادي مناقشة أي عرض من العروض الذي قدمت له، مفضلا العودة للدراسة والتحصيل، عوض اللهاث وراء تعاقد جديد، قد لا يليق بطموحاته وقيمته كمدرب مجرب… بداية موسم (2022- 2023)، اقتنع بخيار العودة للوداد البيضاوي، وهو الذي سبق أن توج معه بعصبة الأبطال الإفريقية لكرة القدم، إلا أن سوء تفاهم بينه وبين الرئيس سعيد الناصيري، جعل العلاقة تنقطع بطريقة غير ودية تماما… بعدها، عمل مع الجيش الملكي كمشرف عام، يتابع المباريات ويعطي التعليمات من المدرجات. وبعد انتهاء الموسم، وتتويج الفريق العسكري كبطل للدوري، اختفى مرة أخرى عن الأنظار، إلا أن ظهر مجددا بعمان الأردنية، كقائد لمنتخب النشامى… وكم كانت البداية صعبة في قيادته لمنتخب بني على الإنقاذ، بطولة ضعيفة، لا تعرف سيرها العادي، لاعبون فاقدون لإيقاع المنافسة الرسمية، إلا أنه فضل ركوب التحدي، والتحدي هو معدن الرجال، إذ صم آذانه وتحمل الهجوم اللاذع من طرف الصحافة المحلية، وانزوى مع لاعبيه للعمل في صمت… خسر كل المباريات الإعدادية وبحصص جد مستفزة، إلى درجة أنه تحول إلى شخص مستهدف من طرف مختلف الأوساط الرياضية بالأردن، إلا أن ثقة المسؤولين بالاتحاد المحلي، كانت أقوى من تبعات الضغط الإعلامي والجماهيري.. تم تجديد الثقة في كل محطة من محطات الإعداد التي مرت بفترات صعبة، إلى أن وصل الموعد الآسيوي بملاعب المونديال بالدوحة القطرية… وفي مفاجأة جد مدوية، قاد الإطار المغربي منتخب الأردن نحو نتائج باهرة. تمكن من تجاوز منتخبات تتمتع بصيت عالمي، ولعل أبرزها المنتخب الكوري، المدجج بنجوم تلعب بأبرز الدوريات الأوروبية… واصل المسار بكثير من التفوق إلى أن جاء الموعد الختامي، حيث واجه منتخبا قطريا يجمع أغلب المتتبعين، على كونه حظي بنوع من التعاطف من طرف طاقم تحكيم له سوابق، فيما يخص عدم النزاهة، وقبول الدخول في مساومات… حدث ما حدث، وتقبلت كل الأطراف النتيجة التي أعلنت عن تتويج المنتخب القطري، كبطل لهذه النسخة التي احتضنها وعمل "بجد" على الفوز بها… وبالرغم من الفوز القطري، فإن الجميع تعامل مع المدرب الحسين عموتة كمتوج حقيقي، استحق التهنئة من أعلى مستوى، قدم قناعات كبيرة، وحول النشامى من مجموعة مهزوزة، فاقدة للقدرة على التنافس، إلى منتخب حقيقي، امتلك روح الفريق باستماتة وقتالية، وهى مميزات ساهمت في تحقيق ما كان بالأمس، من سابع المستحيلات… إنه شرف كبير للأطر الوطنية، بتقديمها الدليل على أن العمل وحده مفتاح النجاح، لأن هناك اقتناع تام بأن الاجتهاد، بعيدا عن الضجيج الإعلامي، وعدم المبالغة في التهافت وحب الظهور من العوامل الأساسية للنجاح. وقد نجح عموتة إلى أبعد الحدود، في تقديم الدليل على أن هناك أطرا وطنية مجتهدة، لا تنتظر إلا الثقة، ووضعها في المكان والظرف المناسبين… برافو سي الحسين…