عبر الممثل الدنماركي مادس ميكلسن (Mads Mikkelsen) ، عن ميله إلى الاشتغال دائما، على الأفلام التي تمتاز بالتعقيد والتركيب، نظرا لطبيعة شخصيته العنيدة والطموحة، مستطردا بأن التعقيد لا يعني أن الفن يجب أن يكون مركبا. وقال مادس ميكلسن، أول أمس السبت، في فقرة «حوار مع..»، بقصر المؤتمرات بمراكش، على هامش الدورة 20 للمهرجان الدولي للفيلم 2023، إنه أثناء اشتغاله على شخصيات الأفلام التي يشارك فيها، يحرص بشدة، على الاندماج بسرعة في الدور والخروج منه بالسرعة ذاتها، إيمانا منه بضرورة الفصل بين الحياة المهنية والأسرية التي لا دخل للأطفال والزوجة فيها، أي أن ذلك الشرير الذي يمثله في استوديو التصوير لا يصاحبه إلى المنزل، حيث الحياة مغايرة لما هو في الخارج. وأشار ميكلسن، في «الماستر كلاس» الذي أداره ناشين مودلي، إلى أنه لم يكن يحلم يوما بأن يكون ممثلا، لكن شغفه بمتابعة الرسوم المتحركة، والأفلام السينمائية وهو طفل صغير، جعله يقترب أكثر من المجال، لاسيما وأنه كان مولعا كجميع الأطفال، بمتابعة أفلام بروسلي (Bruce Lee)، وشارلي شابلن (Charlie Chaplin) الذي وصفه بالعبقري، نظرا للحضور القوي الذي كان يتمتع به أمام الكاميرا. وأوضح الممثل الدنماركي، أن طبيعة موضوع الفيلم هي التي تفرض على الممثل تشخيص الدور، مؤكدا أن لكل فيلم خصائص الاشتغال فيه، حيث الحاجة إلى وقت زمني ليملك ملامح الشخصية التي سيلعبها. وبخصوص اختيار لعبه الأدوار في الأفلام، كشف مادس ميكلسن الذي تم تكريمه في افتتاح المهرجان، أن السيناريو هو المحرك الأول لانخراطه في العمل، قبل التواصل مع المخرج، مشددا على أن النص القوي هو من يطرح المشاكل المعقدة، ويبحث عن حلها في الفيلم. ويرى ميكلسن، أن الجوائز التي يحصل عليها في المهرجانات السينمائية الدولية، هي محفز له لمزيد من الاشتغال والإبداع والابتكار بشكل جيد، مبرزا أن التتويجات التي يحظى بها، هي اعتراف بمجهود جميع طاقم الفيلم الذي يشتغل معه، من بينهم المخرج الذي يجب أن يكون متمكنا ليكون العمل رائعا، على حد تعبيره. وتعليقا على حضوره المتزايد في الأدوار الشريرة، لاسيما في السينما الأمريكية، قال إن لكنته الإنجليزية، تجذب المخرجين الأمريكيين بشراهة، لمنحه هذه الأدوار التي يراها الجمهور شريرة. وكشف مادس ميكلسن وجود اختلاف كبير بين التمثيل للسينما والتلفزيون، مبينا أن الاشتغال على المسلسلات التلفزيونية، يمنح للممثل فرصة تطوير الشخصية التي يلعبها، لأنه يكون أمام وقت زمني طويل، والذي يمتد أحيانا إلى ثلاث سنوات، مقدما نموذج مسلسل «هانيبال»، الذي وصفه ب»التجربة الرائعة»، بينما في الفيلم السينمائي، يكون الممثل أمام وقت جد محدود، لهذا يجب عليه تملك الدور وإتقانه أثناء التشخيص. ولا يحبذ مادس ميكلسن التمييز بين المخرجين، معتبرا أن لكل مخرج نظرته الخاصة، والمهم بالنسبة له، هو التواصل بشأن الشخصية التي يرغبون في أن يؤديها، بيد أنه يقدر كثيرا تجربة العمل مع مارتن سكورسيزي (Martin Scorsese) الذي فتح له المجال للاشتغال في السينما الأمريكية. وتعدد المواهب الرياضية، والفنية، يساعد الممثل، بحسب ميكلسن، في تقمص مختلف الأدوار، مقدما نموذج أفلام الحركة التي لا يشعر بالملل من التشخيص فيها، متسلحا بهواية الجمباز التي تجعل لياقته البدنية جيدة، وهو ما يحبذه المخرج الذي يبحث عن ممثل يقدم له إضافة للفيلم. ولا يجد الممثل الدنماركي الشهير، مشكلة في لعب الأدوار مع مختلف المخرجين الأجانب، ذلك أن اللغة، ليست عائقا بالنسبة له، حيث يركز بالدرجة الأولى على التدريب على الشخصية، ثم فيما بعد ينتقل إلى اللهجة أو لكنة حوار الفيلم، التي يمكن تجاوز مشاكلها من خلال التدريب، وكذا بالاعتماد على الهندسة الصوتية مع الطاقم التقني. ويصر مادس ميكلسن على ضرورة التواصل مع المخرج طيلة مراحل الإعداد للفيلم، لأنه سبيل النجاح في العمل، مشيرا إلى التجربة الخاصة التي خاضها إلى جانب المخرج الياباني هيديو كوجيما (Hideo Kojima)، في فيلم لعبة الفيديو «Death Stranding»، حيث ظل طيلة التصوير يتواصل مع المخرج الذي كان له تصوره الخاص للعمل. وجوابا عن سؤال تكرار لعب شخصية الشرير في جميع الأفلام، علق ميكلسن على أن هذا الموضوع، لا يشكل لديه مشكلة، أولا؛ لأن الممثل يصعب عليه تكرار نفسه، لاسيما إذا كان موهوبا. ومن جهة أخرى، لأن كل فيلم يصور الشر بطريقة خاصة ومغايرة عن الآخر، أي استنادا إلى ما يخدم القصة بالدرجة الأولى.