تقاطعت مواقف وآراء فرق برلمانية ممثلة بمجلس النواب في التأكيد على ضرورة التعبئة الشاملة وتظافر جهود السلطتين التشريعية والتنفيذية من أجل تجاوز التحديات القائمة لاسيما تلك المرتبطة بتدبير مخلفات زلزال الحوز. وأكدت الفرق النيابية (أغلبية ومعارضة) في تصريحات استقتها وكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة الدخول البرلماني الجديد الذي يدشن السنة التشريعية الثالثة من الولاية البرلمانية الحالية، على أهمية الدور "المواكب والميسر" للمؤسسة التشريعية في هذه الظرفية الخاصة، التي تتزامن مع إطلاق مجموعة من الأوراش لاسيما برنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز، تنفيذا للتعليمات الملكية السامية التي شددت على "ضرورة اعتماد حكامة نموذجية مقوماتها السرعة والفعالية والدقة والنتائج المقنعة، حتى يصبح برنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة نموذجا للتنمية الترابية المندمجة والمتوازنة". وفي هذا السياق، اعتبر، محمد غيات، رئيس فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب (أغلبية) أن السياق الوطني المرتبط بتدبير آثار الزلزال الذي ضرب عدة مناطق من المملكة، يفرض نفسه اليوم على كل الفاعلين بما في ذلك المؤسسة التشريعية، نظرا للتحديات الكبيرة التي تكتنف هذا السياق "والتي والحمد لله نجحت بلادنا في التفاعل معها بشكل أثار إعجاب العالم ". وسجل يات أن سياق الدخول البرلماني الحالي مطبوع بسمتين أساسيتين ترتبط الأولى بتبعات الزلزال والتزامات الحكومة إزاء هذا الورش، فيما تهم الثانية مواصلة ورش تنزيل الدولة الاجتماعية خصوصا دعم الأسر الفقيرة ودعم السكن، مسجلا أن هذا الأمر "يحتاج مواكبة قوية من المؤسسة التشريعية حتى يتم تنزيل هذا الورش بالكفاءة والفاعلية والجدية التي دعا لها جلالة الملك في خطابه الأخير بمناسبة عيد العرش". وأشار رئيس الفريق النيابي إلى أن أجندة هذه الدورة التشريعية تحفل أيضا بقضايا لا تقل أهمية، ذات صلة بقطاع العدالة ولاسيما إصلاح القانون الجنائي وقانون المسطرة المدنية والمؤسسات السجنية، ناهيك عن ورش تعديل ومراجعة مدونة الأسرة "الذي يتطلب منا نقاشات طويلة، لما له من أثر مباشر على حياة المواطن". وخلص إلى القول أن البرلمان المغربي يضطلع بالأدوار المنوطة به، وأن الأغلبية البرلمانية "تدخل غمار هذه الدورة التشريعية متماسكة ومنسجمة وواضعة نصب أعينها المصلحة الوطنية العليا". بدوره أكد، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، رشيد حموني، أن أجندة الدخول البرلماني الحالي تأثرت بتداعيات زلزال الحوز مشددا على أنه "من أولويات عمل البرلمانيين، والحكومة، الحرص على التفعيل الأمثل للتوجيهات الملكية السامية والقرارات القوية لجلالة الملك، والمتعلقة ببرنامج إعادة إعمار وتأهيل الأقاليم التي أصابتها هذه الكارثة الطبيعية ". وأبرز أن حزبه سيمارس من موقع المعارضة دوره الاقتراحي والرقابي والتنبيهي إزاء الحكومة في هذا الشأن والانخراط بقوة في النقاش المؤسساتي المطلوب بخصوص قضايا وملفات مدونة الأسرة، والقانون الجنائي، والمسطرة الجنائية، والمسطرة المدنية، والصحافة والنشر، وقضايا الفن والإبداع والثقافة. وأوضح حموني أن حزب التقدم والاشتراكية يحرص، على ممارسة معارضة وطنية، بناءة ومسؤولة، لافتا إلى أن أولى الأولويات ستظل بالنسبة له "هي الدفاع المستميت عن الوحدة الترابية للمملكة، وعن مكانتها إقليميا وقاريا ودوليا" وكذا المضي قدما في محاولات دفع الحكومة نحو اتخاذ إجراءات قوية وملموسة وذات أثر حقيقي، ومواصلة الاهتمام، على وجه الأسبقية، بالملفات الاجتماعية ذات الأولوية". من جهته، أكد رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، نورالدين مضيان (أغلبية) أن حجم الرهانات التي تكتنف هذه الدورة التشريعية "كبير جدا"، معتبرا أن أولى الأولويات "هي التعبئة الشاملة لتجاوز مخلفات الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز والأقاليم المجاورة، خاصة المرحلة الثانية المتعلقة بإعادة الإعمار، وتخفيف معاناة ساكنة تلك المناطق". وأضاف أن البرلمان مدعو للعمل بشكل متواصل مع الحكومة ومختلف السلطات العمومية بهدف التنفيذ الأمثل لبرنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من الزلزال والذي رصدت له ميزانية تقدر ب120 مليار درهم على مدى خمس سنوات، ويستهدف ساكنة تفوق 4.2 مليون نسمة، عبر مخطط طموح ومندمج لتنمية أقاليم الأطلس الكبير من خلال مشاريع مهيكلة. وعلى نفس المنوال، سجل رئيس الفريق الاشتراكي-المعارضة الاتحادية- عبد الرحيم شهيد، أن الدخول البرلماني الحالي يأتي في ظل سياقات استثنائية وطنية ودولية، فعلى المستوى الوطني، يقول شهيد، وعلى إثر تداعيات زلزال الحوز، وانطلاقا من الطريقة الناجعة التي تعاملت بها الدولة المغربية بجميع مكوناتها مع هذه الفاجعة، تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس، "سيكون أول تحدي أمام البرلمان، هو الإسراع بتجويد واعتماد المشاريع التي ستأتي بها الحكومة في إطار برنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة". أما التحدي الثاني فيتمثل، حسب شهيد، في اعتماد قانون المالية الذي يفتتح به النقاش العمومي والسياسي في مستهل كل سنة تشريعية، "والذي ننتظر من الحكومة المغربية، أن تجعل منه أداة لتنزيل مجموعة من المشاريع المهيكلة التي تؤسس للدولة الاجتماعية، بصورة تتجاوز المنطق المحاسباتي المنتصر للأرقام وللموازنات الماكرو اقتصادية الذي حكم إعدادها لكل من قانون المالية لسنة 2022 و2023، وتبني منطق جديد ينتصر للموازنات الاجتماعية". كما أعرب عن تطلع حزبه إلى أن تفي الحكومة خلال هذه السنة التشريعية بالتزاماتها وأن تتدارك الزمن السياسي الذي أ هدر "من أجل تنزيل مضامين النموذج التنموي الجديد من جهة، وإقرار إصلاحات حقيقية، وإعطاء الأولوية للملفات والقضايا ذات الطابع الاجتماعي، وتنزيل التوجيهات الملكية خاصة ما يتعلق بالأوراش الكبرى المهيكلة".