احتفت ثاني أماسي فعاليات مهرجان الرباط الدولي التاسع للموسيقات الأندلسية، بميزاني الابطايحي والقدام من طبع عراق العجم، في عرضين موسيقيين قدمهما جوق الرباط لموسيقى الآلة وجوق مؤسسة محمد العربي التمسماني لمدينة تطوان. وأبدع جوق الرباط لموسيقى الآلة، برئاسة الأستاذ إدريس اكديرة، في أداء ميزان الابطايحي من نوبة عراق العجم، مصدر بموشح «أين الوفا يا من ضمن ،، وخان فيه»، جاعلا الحضور يعيش لحظات روحانية انصهرت في ثنايا النفوس متدفقة بالسعادة والأحاسيس الجميلة تمتح من مضمون الأشعار المغناة والأدوار اللحنية الرائقة. أما جوق مؤسسة محمد العربي التمسماني لمدينة تطوان، برئاسة الأستاذ محمد الأمين الأكرمي، الذي أدى ميزان القدام من نفس الطبع، فشنف الحاضرين بمستعملات هذا الميزان، مصدرة بموشح «أقبلت دولة الرضا ،، ومضى الهجر وانقضى»، مخللة بأداءات فردية تفاعل معها الجمهور. وحول القيمة المضافة لهذا المهرجان الدولي، أوضح الأستاذ إدريس اكديرة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن تنظيم مثل هذه التظاهرات بادرة طيبة وعملية توثيقية جديدة لطرب الآلة تضاف إلى العمل الذي أنجزته وزارة الثقافة المعروف ب»أنطلوجية الآلة». وأضاف أن المهرجانات الأندلسية، التي تقام سواء بالرباط أو في غيرها من الحواضر المغربية، تساهم في ترسيخ طرب الآلة وحضورها كتراث عريق وكفن راق يشرف المغاربة، وتمكن ممارسي هذا الفن والأجواق المشاركة من تبادل التجارب بينها والاطلاع على الأساليب الأدائية في الطرب الأندلسي، ودعا اكديرة، في هذا السياق، جميع القطاعات المعنية في هذا المجال إلى تكثيف جهودها لتكريس استمرارية هذا التراث وتحبيبه إلى الناشئة وتوثيقه ونقله إلى الأجيال المقبلة، وتحصينه من كل الشوائب التي تلحق به، وكذا الاهتمام برواده ودعمهم. من جهته، قال الأستاذ محمد الأمين الأكرمي، في تصريح مماثل، إن قيمة مثل هذه المهرجانات تكمن في كونها تساهم في التعريف بهذا التراث الذي يمثل هوية المغاربة وتاريخهم، وفي استمراريته كإبداع أصيل، وأكد على حسن اختيار «الرباط ،، تراث عالمي» كشعار لهذا المهرجان، بالنظر لكون هذه الحاضرة أنجبت أقطابا وأعلاما كثر لمعوا في سماء هذا التراث العريق. وخلص إلى أن مثل هذه المهرجانات تظل فرصة سانحة لتلاقي المبدعين، ولتوثيق عدد من الصنائع النادرة، وحافزا على البحث والتنقيب عنها وإبرازها، مشيرا إلى أن الشباب يقبل حاليا على محبة هذا الفن والتولع به، وهو ما يؤشر على أن الجيل الجديد، بعد جيل الرواد، سيحمل المشعل من أجل استمرار موسيقى الآلة وتبليغها إلى الأجيال الناشئة. وتواصلت فعاليات هذا المهرجان مع جوق مقداد زروق من الجزائر، وجوق الطرب الأصيل برئاسة الأستاذ محمد الزكي (درج عراق العجم)، وجوق المرحوم عبد الكريم الرايس لمدينة فاس برئاسة الأستاذ محمد ابريول (بسيط عراق العجم).