يتواصل الجدل الذي خلقته الزيادات الجديدة والمتكررة لأسعار المحروقات بالمغرب، والتي أثقلت كاهل مختلف شرائح المجتمع، خصوصا الفئات الشعبية والوسطى من المواطنين وكذا المهنيين، باعتبار أن زيادة ثمن المحروقات تساهم بشكل مباشر في ارتفاع أسعار المواد الغذائية وغيرها. فقد أدانت الجبهة الوطنية المغربية بقوة هذه الزيادات التي عرفتها أسعار المحروقات بمختلف شركات التوزيع في المغرب، والتي أقدمت بشكل متزامن على زيادة أخرى في الأسعار للمرة الرابعة خلال شهر غشت الحالي. ويتعلق الأمر بزيادة كبيرة بلغت 1.6 درهم في البنزين و1.50 درهم في الغازوال. وطالبت الجبهة الوطنية المغربية في بيان توصلت الجريدة بنسخة منه، ب "التراجع عن الزيادات المهولة والمتتالية في أسعار المحروقات وغيرها من المواد الأساسية، وتسقيف هذه الأسعار وعلى رأسها أسعار المحروقات وتخفيض الضريبة على القيمة المضافة، وتأميم شركة "سامير" بالمحمدية وإنقاذها من الضياع". كما أشارت إلى أن شركات التوزيع تعلل هذه الإجراءات، التي "تزيد من إثقال كاهل سائر الفئات الشعبية والوسطى، بارتفاع أسعار المحروقات على الصعيد الدولي". ونادت الجبهة ب "إعادة الاعتبار لصندوق المقاصة والزيادة في تمويله عن طريق فرض الضريبة على الثروة وعلى الفلاحين الكبار"، كما انتقدت مجلس المنافسة واعتبرته دوره "صوريا".. وأضافت الجبهة أن هذه الزيادات تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن السوق ليست حرة، بل تحركها "أيادي لوبيات الاحتكار، معروفة لدى الجميع، وهي تنسق فيما بينها بشكل مكشوف لنهب جيوب المغاربة". وشددت على أن "نسبة الأرباح المكدسة وكذا الضرائب المفروضة تشكل عوامل أخرى تنضاف إلى الاحتكار لتفسير هذه الزيادات". ومن جهة أخرى، طالبت أحزاب ونقابات وجمعيات مهنية بإعادة تشغيل مصفاة "سامير"، وإعادة هيكلتها على أسس عصرية لإنشاء احتياطي استراتيجي يحمي السوق الوطنية من التقلبات المتواترة والحادة لأسعار النفط في الأسواق الدولية، معتبرة أن مجلس المنافسة مدعو إلى تحمل مسؤوليته الدستورية والقانونية، وذلك عبر اتخاذ إجراءات سريعة وجريئة وملموسة لحماية الاقتصاد الوطني من الاحتكار، وإعمال آليات المنافسة المؤدية إلى تخفيض الأسعار. وأدانت هذه الهيئات عجز الحكومة عن التدخل لحماية المواطن المغربي من الارتفاع الحاد في أسعار المحروقات، الذي انعكس على جل المواد والخدمات الأساسية، مستغربا ما اعتبرته "صمتا" و"تواطؤا" تنهجه الحكومة إزاء الانهيار الذي تعرفه القدرة الشرائية، والذي يشكل تهديدا للتوازنات الماكرو – اجتماعية بعد الزيادات المتتالية والسريعة في منظومة الأسعار والمحروقات بشكل خاص، ما انعكس على أثمنة الخضر والفواكه والمنتجات المعيشية. وطالبت هذه الهيئات الحكومة بتحمل مسؤوليتها الاجتماعية، واتخاذ إجراءات استثنائية عاجلة تهم دعم القدرة الشرائية، من خلال الزيادة العامة في أجور الموظفين والمستخدمين ومعاشات المتقاعدين والأرامل وذوي الحقوق، وتحسين دخلهم عبر التخفيض الضريبي، و إقرار ضريبة استثنائية على الأرباح المهولة لشركات المحروقات لإعادة توزيعها على الأوراش الاجتماعية، واعتماد ضريبة عامة على الثروة، والتعجيل بالتسقيف المرحلي للأسعار، حماية للسلم والتماسك الاجتماعيين. وفي رد على هذه الزيادات المتتالية لأسعار المحروقات، أعلنت، مجموعة من الهيئات النقابية بقطاع سيارات الأجرة عزمها تصعيد لهجتها ضد الحكومة بسبب ما أسمته المعاناة التي يعيشها المهنيون وغياب الدعم من طرف السلطات العمومية. فقد دعا التنسيق الوطني لسيارات الأجرة المهنيين إلى "توحيد الصفوف" من أجل مواجهة ما وصفه ب "سياسة صم الآذان، معلنا أنه سيمنح الحكومة والوزارات المعنية وعمالات وولايات المملكة مهلة من أجل وقف قرارات الزيادة في أسعار المحروقات.." وردا على غضب المهنيين، علمت بيان اليوم أن الحكومة ستتدارس في الاجتماع الحكومي ليوم غد الخميس، عددا من المراسيم والقرارات المتعلقة أساسا بارتفاع أسعار المحروقات، وستعلن عن العودة إلى صرف الدعم الاستثنائي الذي سبق أن أقرته لفائدة مهنيي النقل.