أعلنت المؤسسة المغربية للنهوض بالتراث الصحراوي، اليوم الخميس بالرباط، عن تأسيس «دار الجنوب»، التي ستضطلع بتثمين التراث الصحراوي والارتقاء به إلى مستوى الإسهام الفعلي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وخلال لقاء تواصلي نظمته المؤسسة بالمناسبة، تم التعريف بهذا المشروع الجديد ودوره في تلبية حاجة المغرب للحفاظ على تراثه الأصيل والنهوض بقطاع الصناعة التقليدية في المناطق الصحراوية، واستثمار المهارات المحلية في تطوير مستوى العيش لدى العاملين في ميادين التراث الصحراوي. وحضرت هذا اللقاء فعاليات اقتصادية واجتماعية وحقوقية ونخبة من الفنانين والمثقفين ورجال الإعلام من المغرب وموريتانيا وإسبانيا وبلجيكا وفرنسا، من بينهم أحمد حجي مدير وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والإجتماعية بالأقاليم الجنوبية، وأحمد حرزني الرئيس السابق للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، وأحمد ولد حمزة عمدة نواكشوط، وفرانسيسكو مارتين سواريز رئيس مؤسسة ليديا كريسيا بلاس بالماس. وقدم ممثل الشركة المشرفة على إنجاز مشروع «دار الجنوب»، بيانات عنها، مشيرا إلى أنها تتكون من أربع فضاءات مخصصة لعرض منتجات التراث الصحراوي (من قبيل الآلات الموسيقية والحلي والمجوهرات إلى جانب منتجات الإقتصاد الإجتماعي والخدمات اليدوية للتعاونيات والجمعيات النسوية)، فضلا عن خيمة صحراوية تقليدية مبنية بطريقة عصرية تخول لزائرها أن يعيش للحظات في حضن الصحراء وجمالية خيامها. وقال مدير وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالأقاليم الجنوبية، في كلمة بالمناسبة، إن هذه المؤسسة «ستضطلع بدور بارز في تأطير التعاونيات التي تعمل في مجال الاقتصاد الإجتماعي ودعم الأنشطة المدرة للدخل»، مشيرا إلى أنها «ستواكب النسيج الجمعوي بالأقاليم الجنوبية للمملكة من أجل فك جزء من إشكالية التسويق». وأضاف أن (دار الجنوب) ستضطلع كذلك «بالدور الأكبر في التعريف بالمنتجات المحلية للمغرب الصحراوي من خلال العرض النموذجي والبحث عن الشراكات الهادفة على المستويين الوطني والدولي». من جانبه، اعتبر نائب رئيسة المؤسسة المغربية للنهوض بالتراث الصحراوي، المكي المستاري، أن الهدف من هذا المشروع اجتماعي في المقام الأول بحكم أنه يأخذ على عاتقه تكوين الشباب العامل في مختلف الحرف وفنون الصناعة التقليدية، مؤكدا أن طموح المؤسسة قوي لخلق مراكز مشابهة في مختلف جهات المملكة. من جهته، أكد أحمد حرزني، الرئيس السابق للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، أن هذه المبادرة جد هامة بحكم أن الأقاليم الجنوبية للمملكة التي تتميز بغنى وتنوع تراثها تمتلك الكثير من المؤهلات لتساهم بشكل فعال في الرقي بالثقافة المغربية. وشدد على أنه ينبغي «أن نكون طموحين» لتجاوز التحديات التي بات يعرفها «عالم تتناقص موارده يوما بعد يوم»، مؤكدا، في هذا السياق، أن الإنسان االصحراوي بصفة عامة هو «مدرسة» بالنظر إلى الظروف البيئية والمناخية التي استطاع التأقلم معها والتغلب عليها. من ناحيته، أشاد عمدة نواكشوط بالجهود التي تبذلها المؤسسة المغربية للنهوض بالتراث الصحراوي من أجل التعريف بهذا التراث والمحافظة عليه، مشيرا إلى أن هذا التراث «يجسد التراث الموريتاني ويتقاطع معه بفضل العلاقات السوسيو-اقتصادية التي ربطت منذ القدم بين المغرب وموريتانيا». وأكد أن التراث يعد، بهذا المعنى، قاسما مشتركا يتعين تعزيزه وتثمينه، ولاسيما من خلال العمل الذي يقوم به المجتمع المدني، داعيا إلى العمل على ترسيخ ثقافة التبادل والانفتاح على المستويين الإقليمي والدولي. وقال فرانسيسكو مارتين سواريز، في كلمة بالمناسبة، إن مشاركته في هذا اللقاء تتوخى بحث إمكانيات الشراكة بين «دار الجنوب» والمؤسسة التي يشرف عليها في أفق تعريف أفضل بمنتجات التراث الصحراوي. وأبرز المتدخلون، خلال هذا اللقاء، أهمية الموروث الصحراوي في مجال التنمية المستدامة ودور «دار الجنوب» في التعريف بالمغرب الصحراوي على المستوى الوطني والدولي وفي الحفاظ على التراث اللامادي لمجموع جهات المملكة.