نظمت شبكة خليج الداخلة للمناخ والتنمية المستدامة، مساء الثلاثاء الماضي بالداخلة، ورشة موضوعاتية قاربت إشكالية تدبير الموارد المائية على مستوى جهة الداخلة – وادي الذهب. وتنعقد هذه الورشة، المنظمة تخليدا لليوم العالمي للبيئة، بتعاون مع المنسقية الجهوية الائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة بالداخلة – وادي الذهب ومركز يداس للأبحاث والدراسات بالصحراء وجمعية مدرسي علوم الحياة والأرض بجهة الداخلة – وادي الذهب، وبشراكة مع اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان، تحت شعار "تثمين أفضل للموارد المائية من أجل تنمية فلاحية مستدامة بجهة الداخلة وادي الذهب". ويندرج هذا اللقاء العلمي في إطار الوعي بأهمية المحافظة على الماء وإدراك المخاطر التي تهدده جراء التغيرات المناخية وتأثير الأنشطة البشرية خاصة النشاط الفلاحي غير المستدام، كما تأتي في سياق الحرص على ضمان الأمن المائي المستدام، لكونه يشكل رهانا كبيرا للمملكة عموما وللجماعات الترابية لجهة الداخلة – وادي الذهب بشكل خاص، في تناغم تام مع الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة الهادفة إلى المحافظة على الموارد المائية الجوفية وتوفير مجال عيش أفضل للساكنة. كما شكلت الورشة فرصة لتسليط الضوء على إشكالية تدبير الموارد المائية بمختلف أنواعها، بدء بتدارس المفهوم العلمي والقانوني لتدبير وتثمين هذه الموارد وعلاقتها بالاقتصاد الفلاحي، مرورا بتقاسم الخبرات والتجارب الناجحة محليا ووطنيا، وانتهاء باقتراح صياغة أولية لمقاربة مندمجة وتشاركية لتدبير مستدام للموارد الجوفية خاضعة لمنطق رابح – رابح، تمكن كل المعنيين من مؤسسات عامة وجماعات ترابية وفاعلين اقتصاديين وهيئات داعمة ومجتمع مدني من ربح رهان التنمية المستدامة. وفي كلمة بالمناسبة، أكد رئيس شبكة خليج الداخلة للمناخ والتنمية المستدامة، محمد يداس، أن هذه الورشة تشكل مناسبة لدراسة ومناقشة عدد من القضايا التي تهم الموارد المائية بجهة الداخلة – وادي الذهب، التي من المحتمل أن تسجل عجزا مائيا في أفق السنوات العشر المقبلة، بالنظر إلى فرشتها المائية الأحفورية وعدم توفرها على مصادر لتغذيتها كالأنهار وغيرها، فضلا عن تواجدها في صحراء ذات تساقطات ضعيفة. وأضاف يداس، وهو أيضا منسق الائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة بالداخلة – وادي الذهب، أن اللقاء يكتسي أهمية بالغة في مسار اهتمام شبكة خليج الداخلة للمناخ والتنمية المستدامة وشركائها في قضايا البيئة والتنمية المستدامة، كما يمثل فرصة للاطلاع على الرؤية الاستراتيجية الجهوية ولمجالس الجماعات الترابية للجهة في مجال التنمية المستدامة والمحافظة على الموارد المائية. وأشار إلى أن بلوغ أهداف التنمية المستدامة يستدعي اعتماد نموذج تنموي أكثر تشاركية واندماجية، يساعد على خلق الثروة وتوفير فرص الشغل، ويضمن المحافظة على المنظومات البيئية المهددة بالتدهور من خلال الاستغلال والتدبير المعقلن للموارد بما فيها الموارد المائية، وتفعيل خطة فلاحية متوازنة داخل الأقاليم الجنوبية تهتم بحماية الموارد وتنويعها لتلبية متطلبات التنمية الجهوية. من جهتها، قدمت إكرام الجابري، مهندسة دولة بالمديرية الجهوية للفلاحة، عرضا تطرقت من خلاله إلى معطيات تهم الوضعية الراهنة للقطاع الفلاحي والموارد المائية بجهة الداخلة – وادي الذهب، مشيرة إلى أن الضيعات الفلاحية على مستوى الجهة تعتمد نظام الري الموضعي على مساحة 1020 هكتار، وتستهلك 8 ملايين لتر مكعب في السنة. وأشارت الجابري في هذا العرض إلى التحديات والإكراهات التي تعرفها جهة الداخلة – وادي الذهب، والمتمثلة على الخصوص، في هيمنة المناخ الجاف والصحراوي، وندرة المياه، وقلة هطول الأمطار، والاعتماد على الفرشة المائية كمورد هيدرو فلاحي أساسي. ولمواجهة هذه الإكراهات، تضيف الجابري، اتخذت وزارة الفلاحة، في إطار البرنامج الوطني لتوفير الماء، عددا من التدابير الرامية إلى ترشيد استعمال مياه الري، من خلال تقديم مساعدات مالية لاستخدام الري بالتنقيط، وتنفيذ البرنامج الوطني للتزويد بمياه الشرب والري (2020 – 2027)، وإنشاء محطة لتحلية مياه البحر عبر استعمال الطاقة الريحية. من جانبه، قدم لامانة الكنتي، إطار ومسؤول عن الملك العمومي المائي بوكالة الحوض المائي للساقية الحمراء ووادي الذهب، عرضا تناول فيه السياق المناخي والهيدرولوجي بالمغرب، كما تطرق إلى الدور الذي تضطلع به وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة في تنزيل السياسة المائية. وأوضح الكنتي أن مساهمة الوزارة في تنزيل السياسة المائية تشمل تعزيز الإطار القانوني للمراقبة البيئية، وتنفيذ البرنامج الوطني للتطهير السائل المندمج، والبرنامج الوطني لتدبير النفايات المنزلية، ومكافحة التلوث الصناعي، واعتماد المخططات الوطنية والجهوية حول التغيرات المناخية، بالإضافة إلى الإعلام والتوعية والتربية. وتمحورت باقي المداخلات حول مناقشة مواضيع همت تراجع منسوب الفرشة المائية بجهة الداخلة – وادي الذهب وسبل ترشيدها، والاستغلال المفرط للفرشة المائية، وأدوار المجتمع المدني في ضبط استنزاف الموارد المائية وعقلنة استعمالها، والإجراءات والتدابير التي قامت بها المؤسسات العمومية للحفاظ على الفرشة المائية بالجهة، وأهداف المخطط الوطني للماء لمواجهة إكراهات انخفاض الموارد المائية نتيجة التغيرات المناخية والاستغلال المفرط للثروة المائية الجوفية، وضمان استعمال ناجع ومستدام لهذه الموارد. وساهم في تأطير هذه الورشة الموضوعاتية ثلة من الخبراء والأساتذة الباحثين في قضايا الماء والبيئة والتنمية المستدامة، بالإضافة إلى منتخبين ورؤساء مصالح خارجية وممثلي جمعيات المجتمع المدني العاملة في مجال البيئة بجهة الداخلة – وادي الذهب.