لا بديل عن تحقيق الانتصار لتفادي حسابات الانتظار لن يكون من خيار أمام المنتخب المغربي وهو ينازل نظيره التنزاني يوم غد الأحد على السابعة والنصف مساء بملعب مراكش الجديد برسم الجولة السادسة والأخيرة من التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس إفريقيا للأمم 2012، والمقررة مطلع السنة القادمة بالغابون وغينيا الاستوائية، سوى الضرب بقوة وتحقيق الفوز لتفادي حسابات اللحظة الأخيرة المعقدة. ولا ينبغي أن تنسي نشوة الصحوة الإيجابية والمتأخرة نوعا ما النخبة الوطنية، التي نجحت في محو تلك الصورة الباهتة التي ظهرت بها في بداية هذه التصفيات، حقيقة لا جدال فيها، وهي أن لا شيء تحقق لحد الآن خصوصا في السباق نحو النهائيات، حيث أن المنتخبات الأربعة تمتلك فرصة للتأهل مما سيدفع بها إلى التنافس والدفاع عن حظوظها المتفاوتة، حتى الأنفاس الأخيرة في مواجهتي مراكشوالجزائر العاصمة. كما أن الكثيرين ينتظرون أي كبوة ل»أسود الأطلس» لإنعاش آمالهم في التأهل المباشر أو من خلال احتلال أفضل مركز ثان، الشيء الذي يحتم على زملاء الحارس نادر المياغري فرض أسلوب لعبهم والضغط منذ البداية على منافسيهم من أجل الحسم في أمر بطاقة التأهل الوحيدة عن هذه المجموعة. ومما لا شك فيه أن مدرب المنتخب المغربي إيريك غيريتس، سيعمل على توظيف جميع الإمكانات البشرية والتقنية المتوفرة لديه خلال هذه المباراة الهامة والحاسمة، إضافة إلى الإعداد البدني والتكتيكي وخاصة الذهني الذي يعول عليه بشكل كبير لإعطاء جرعة إضافية للاعبيه. وبالإضافة إلى اختيار ملعب مراكش الجديد لإجراء هذا اللقاء، والذي يرتبط ارتباطا وثيقا بالفوز الكبير والتاريخي على منتخب الجزائر (4-0)، فإن هذه المباراة ستشكل فرصة للمصالحة مع عادل تاعرابت ووضع حد لحلقة محزنة في مسار هذه النخبة الشابة والواعدة والتي توجد في طور البناء. وتبقى للمجموعة الرابعة، التي يتواجد بها المنتخب المغربي، خاصية تنفرد بها عن باقي المجموعات الإقصائية الأخرى، كونها الوحيدة التي تحتفظ فيها المنتخبات الأربعة -وإن بدرجات متفاوتة- بحظوظها في الظفر ببطاقة التأهل الوحيدة للنهائيات. ويتصدر منتخبا المغرب وجمهورية إفريقيا الوسطى صدارة ترتيب المجموعة الرابعة برصيد 8 نقط لكل منهما مع امتياز للمنتخب المغربي بفارق الأهداف (+ 4 مقابل + 2)، وليظلا الأقرب حسابيا للتأهل أمام المنتخبين التنزاني والجزائري اللذين لهما خمس نقاط مع امتياز بفارق الأهداف لفائدة الأول (- 1 مقابل - 5). وسيكون لهذا المعطى تأثير كبير خاصة من الناحية المعنوية للمنتخبات الأربعة في هذه الجولة الحاسمة وبشكل خاص على المنتخبين التنزاني والجزائري اللذين سينزلان بكل ثقلهما وسيلعبان جميع أوراقهما لأنه ليس لهما ما يخسرانه. ولا يستبعد عدد من الملاحظين سيناريو تعادل المنتخبات الأربعة في عدد النقاط في نهاية التصفيات، على الرغم من أن التخمينات ترجح كفة المنتخب المغربي كأول متأهل وبدرجة أقل منتخب جمهورية إفريقيا الوسطى. وبني الملاحظون حججهم على أن نتائج هذه المجموعة ومنذ بداية التصفيات كانت غير متوقعة ورافقتها الكثير من المفاجئات، بدء من «الانقلاب» الذي أحدثه منتخبا تنزانيا وجمهورية إفريقيا الوسطى بإرغامهما في الجولة الأولى منتخبي المغرب والجزائر على التعادل على التوالي بالرباط (0-0) والجزائر (1-1)، ليشكلا بعد ذلك الشبح المخيف للمجموعة، غير أن النخبة المغربية تداركت الموقف بفوزها بهدف يتيم لمهاجم أجاكس أمستردام الهولندي منير الحمداوي في دار السلام، لكنها تراجعت بعد هزيمتها أمام نظيرتها الجزائرية بعنابة بذات النتيجة إلى المركز الرابع والأخير، قبل أن تستعيد توازنها بالفوز الكبير والساحق أمام نفس المنتخب بمراكش 4-0، لكنها عادت من جديد لتهدر فرصة ذهبية لضمان التأهل المبكر في بتعادلها 0-0 مع منتخب إفريقيا الوسطى في مباراة الفرص الضائعة ببانغي برسم الجولة الخامسة من التصفيات. وللحسم في نتيجة هذه المباراة، وبالتالي حجز بطاقة التأهل لحضور المونديال الإفريقي، يتوجب على عناصر المنتخب المغربي، إخراج كل ما في جعبتها وإبراز ما لديها من إمكانيات ومهارات فردية وجماعية تكرس من خلالها أولا أحقيتها بتمثيل المجموعة في النهائيات القارية وتكون في مستوى طموحات وتطلعات الجمهور الرياضي المغربي التواق لمعاينة «أسود الأطلس» وهي تزأر من جديد. فعلى الورق، فإن أسود الأطلس مرشحون لانتزاع الفوز، إذ إلى جانب الدعم الموصول والظروف المواتية التي توفرها مدينة مراكش التي دخلت سجل تاريخ كرة القدم المغربية من بابه الواسع كمدينة تجلب الحظ للمنتخب المغربي، فإن الفوز الصغير والثمين (1-0) الذي تحقق على ذات المنافس بدار السلام، يجب أن يعزز ثقة مجموعة غيريتس في أنفسهم وفي مؤهلاتهم الهائلة لتحقيق فوز ثان لكن بنتيجة أكبر. وما يقوى هذا التفاؤل، كون المنتخب المغربي قطع شوطا كبيرا على مستوى التنظيم والانضباط، ويتوفر حاليا على مجموعة متوازنة ومتجانسة كما هو الشأن بالنسبة لخط الدفاع الذي بات جيدا ومتراص الصفوف ولم يرتكب إلا القليل من الأخطاء في المباريات الأخيرة. من جانبه، أثبت خط وسط الميدان نجاعته في مهامه المزدوجة والمتمثلة في التنسيق بين خطي الدفاع والهجوم، إلى جانب التمركز والضغط على الفريق المنافس في معتركه، وهو الأسلوب الذي نهجه في مباراته الأخيرة ببانغي والذي كان ينقصه فقط نجاعة في خط المقدمة، لتذهب أحلام الأسود بالعودة من الأدغال الإفريقية ببطاقة التأهل أدراج رياح الفرص الضائعة. وعشية هذه المباراة الهامة، أبى غيريتس إلا أن يطوي صفحة الماضي ويصفح عن مهاجم كوينز بارك رينجرز الإنجليزي عادل تاعرابت الذي أسالت مغادرته المفاجئة لتجمع المنتخب الوطني قبل المباراة الحاسمة أمام الجزائر في الرابع من يونيو الماضي بمراكش، الكثير من المداد لكنه انمحى بقرار غيريتس الأخير. وقد أثار هذا القرار ردود فعل عديدة ومتباينة وسط الرأي العام الوطني انقسمت بين ضرورة «معاقبة» فارس الملاعب الإنجليزية ومنحه فرصة أخرى، والتي من المرجح أن يكون الغرض منها إضفاء جو التلاحم والتآزر بين مكونات المجموعة وتعزيز روح التضامن بين عناصرها. وفي نهاية المطاف، فإن التفاتة غيريتس بعودة تاعرابت إلى صفوف النخبة الوطنية تتم في نفس المكان وفي ظل الظروف نفسها التي وقعت فيها المشكل (انسحابه من تجمع المنتخب المغربي)، ستزيد من حماس اللاعبين وفي مقدمتهم المعني بالأمر من أجل الدفاع عن الألوان الوطنية من خلال التوقيع على نتيجة الفوز واستعادة الروح التي مكنته من اكتساح منتخب «الخضر» قبل أربعة أشهر، وبالتالي تأمين المشاركة في نهائيات كأس الأمم الإفريقية التي غاب عن نسختها الأخيرة في أنغولا. ويبقى على الجمهور، من جهته قول كلمته، كما كان الحال أمام منتخب «الخضر»، حيث يبدو في الأفق أنه سيكون في الموعد وبكثافة وسيدعم بشكل غير مشروط العناصر الوطنية، خصوصا أن الرهان يبقى كبيرا بالنسبة لكرة القدم الوطنية والمتمثل أولا في العودة إلى الساحة الإفريقية واستعادة مجد «أسود الأطلس» الغابر.