مشروع تنموي ضخم على ضفاف البحيرة بالقرب من مدينة الناظور تقع مدينة الناظور (تصغير لاسم آيت ناضور أحد الدواوير الواقعة بالقرب من بحيرة مارشيكا) التي كانت قديما ملتقى للحضارات الفينيقية والقرطاجية والرومانية والإسلامية، وسط منطقة فلاحية غنية.. وظلت المدينة، حتى وقت قريب، بعيدة عن الدينامية الحقيقية للتنمية التي انطلقت في عدد من المناطق بالمغرب، وذلك على الرغم من أنها تزخر بمؤهلات اقتصادية وطبيعية هامة. غير أن الناضور، تشهد منذ نحو عشر سنوات، طفرة اقتصادية غير مسبوقة مما جعل البعض يصف هذه المدينة التي تقع شمال المملكة «بالمدينة - الصاعدة». وقد تمكنت المدينة، باعتبارها قطبا لصناعة الحديد والصلب والمعادن بامتياز وفضاء بنكيا من الدرجة الأولى بالمغرب، من استقطاب استثمارات هامة في سنوات قليلة. وتم إطلاق استثمارات كثيرة في الناضور وخاصة في مجال البنيات التحتية، من مطار دولي وميناء (المسافرين، والبضائع والمواد المصنعة)، ومناطق صناعية، وطرق (الطريق الساحلي بالشمال). وعلى الرغم من أن العديد من القطاعات الاقتصادية تعرف طفرة مشجعة بهذه المنطقة، فإن القطاع السياحي لم يتطور بما فيه الكفاية، ولم يشهد في الواقع أي استثمار ملحوظ، رغم المؤهلات الطبيعية التي تزخر بها المنطقة والتي تضم أحد أجمل بحيرات منطقة المتوسط (مارشيكا باللغة الاسبانية تعني البحر الصغير) وشواطئ شاسعة جميلة. ومن أجل التغلب على العجز المسجل في هذا المجال وضمان إقلاع اقتصادي حقيقي لهذه المنطقة، ضاعفت السلطات العمومية جهودها بقرارها إقامة مشروع تنموي ضخم على ضفاف بحيرة مارشيكا، بالقرب من مدينة الناضور. ويتمحور هذا المشروع، الذي اكتسب صيتا دوليا والذي سيعمل على تغيير المنطقة، حول سبع منجزات لا يتردد البعض في وصفها ب»سبعة عجائب»، من ضمنها مدينة أتالايون ومدينة الشاطئين والمدينةالجديدة للناضور وخليج النحام ومارشيكا الرياضية، ومروج مارشيكا وقرية الصيادين. وتعتبر الإحصائيات المتعلقة بهذا المشروع العملاق ذات دلالة خاصة حيث البرامج معدة تدريجيا بين 2009 و2025. والهدف هو جعل المنطقة محطة سياحية شاسعة تمتد على مساحة ألفي هكتار وعلى مسافة 25 كلم. وسيمكن المشروع من توفير 100 ألف سرير، وإنجاز ألف فيلا، و2400 شقة، وست مناطق سياحية (مارينا) بكلفة إجمالية تصل إلى 46 مليار درهم، وكذا إحداث 15 ألف منصب شغل (4700 منصب مباشر و10 آلاف و300 منصب غير مباشر) خلال فترة الانجاز. وحين تشرع هذه المواقع في العمل بشكل مكثف، ستمكن من إحداث نحو 65 ألف منصب شغل منها نحو 30 ألف منصب مباشر و35 ألف منصب غير مباشر. وبالإضافة إلى الجانب المالي، الذي لا يقل أهمية عن الجوانب الأخرى، فإن هذا المشروع الضخم يحظى باهتمام المختصين في قضايا التنمية ولاسيما من خلال تفرده وتركيبته التي تجمع مختلف العوامل الضرورية من أجل تنمية مستدامة بالمنطقة التي ينتظرها مستقبل زاهر يستند إلى مؤهلاتها الاقتصادية والبشرية والجغرافية. كما يحظى هذا المشروع بإعجاب المراقبين من حيث أصالته المتمثلة في كونه يعكس رؤية جديدة للمغرب في المجال التنموي الذي أرادت له السلطات العليا بالدولة أن يكون عاما وناجعا وفي مستوى تطلعات بلد يسعى إلى شق طريقه ضمن الأمم الديمقراطية والمتطورة. ومن خلال البحث عن توازن بين مختلف المكونات وعلى الخصوص التكنولوجية والبيئية، اختمرت لدى أصحاب المشروع فكرة إنجاز مشروع مجتمعي وليس فقط مجرد مشروع عادي. من جهة أخرى، ومن أجل تنفيذ هذا المشروع تم إحداث شركة مجهولة الاسم برأسمال عمومي سميت ب»مارشيكا ميد» بمقتضى ظهير (5 مارس 2008) وبرأسمال يبلغ 500 مليون درهم موزعة بالتساوي بين الدولة وصندوق الحسن الثاني للتنمية، ولكن بالنسبة لكل واحد من المشاريع السبعة المكونة للبرنامج سيتم إحداث فرع مخصص ستفتح أسهمه في وجه الخواص. وحسب رئيس المجلس الإداري ل»مارشيكا ميد» السيد سعيد زارو، فإن برنامج تهيئة الموقع السياحي لمارشيكا بالناظور، الذي أطلق صاحب الجلالة الملك محمد السادس، أشغال إنجاز جزئه الأول، يجسد رؤية مندمجة للتنمية المستدامة الموجهة لمنح الإقليم مشروعا سياحيا ضخما يكتسي بعدا بيئيا قويا منفتحا على الخواص. وقال إن هذا البرنامج «يطمح إلى جعل مارشيكا، ثاني أكبر بحيرة في الحوض المتوسطي، ووجهة سياحية نظيفة». وتهدف الدراسات والبرامج، التي تندرج في إطار هذا البرنامج، إلى أن تكون قاسما مشتركا يجعل من موقع مارشيكا قطبا سياحيا يحترم البيئة بامتياز من خلال تثمين المؤهلات الاجتماعية والاقتصادية والموارد الطبيعية للإقليم، والحفاظ على التنوع البيئي وتأهيل الساحل البحري وإعادة تشجير الفضاءات الخضراء وإعادة استعمال المياه العادمة. وأشار السيد زارو إلى أن شركة «مارشيكا ميد» استعانت بمكاتب دراسات ومهندسين معماريين وخبراء مغاربة وأجانب ذوي صيت عالمي. وقد أوصت النتائج التي خلص إليها هؤلاء الخبراء بتنفيذ برنامج تنموي يتمحور حول سبعة مواقع سياحية عوض موقع واحد، واعتماد رؤية ملائمة على المستوى البيئي من أجل مستقبل الإقليم. وأكد أن المرحلة الأولى من هذا البرنامج تتضمن إنجاز مدينة أتالايون ومدينة الشاطئين باستثمارات بقيمة 7 ملايين درهم، وكذا إنجاز قناة جديدة وإعادة تأهيل القناة الحالية بالميناء الترفيهي, موضحا أن القناة الجديدة، الذي يبلغ عرضها 300 متر وعمقا 6 أمتار، ستقام على بعد 1500 متر غرب القناة الحالية. ووفقا للسيد زارو فإن إنجاز هذه القناة سيمكن من تجديد مياه البحيرة، وتحسين الجودة بالوسط الطبيعي، وتسهيل عملية الابحار عبر تقليص حجم التيارات البحرية مما سيكون له وقع إيجابي على التنوع البيولوجي للموقع. وبالنسبة لوزير التجهيز والنقل السيد كريم غلاب فإن الأمر يتعلق بمشروع كبير للسياحة والبنيات التحتية، موضحا أن الوزارة ستنجز هذه القناة الجديدة التي ستمكن من تجديد مياه البحيرة وتسهيل الابحار من خلال التقليص من قوة التيارات البحرية. وأضاف أن هذه القناة الجديدة ستسهل حركية السفن والبواخر وتعمل على ضمان توازن بيولوجي وبيئي أفضل بالنسبة للبحيرة التي ستعوض القناة القديمة التي سيتم تحويلها إلى ميناء ترفيهي بكلفة إجمالية تبلغ 380 مليون درهم تمتد على 18 شهرا. وكان وزير الداخلية السيد الطيب الشرقاوي، قد أكد في مداخلة أمام مجلس النواب، أن مشروع تهيئة موقع بحيرة (مارشيكا) سيشكل رافعة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية للجهة الشرقية عموما، وقطب حاضرة الناظور الكبير بشكل خاص. وأبرز أن هذا المشروع يندرج في إطار ترسيخ الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي والعمراني الذي تشهده ربوع المملكة، وعلى وجه الخصوص المناطق الشمالية ومنطقتي الريف والشرق من خلال استثمار الإمكانات الطبيعية الفريدة التي توفرها بحيرة مارشيكا ونواحيها مما يجعلها أداة رافعة لاقتصاد بيئي وتنمية مستدامة على مستوى منطقة الناظور الكبير. وأضاف السيد الشرقاوي أن إنجاز هذا المشروع، الذي يوجد على مقربة من أوروبا ومن المحطة السياحية للسعيدية، ستنجم عنه لا محالة آثار إيجابية في الميادين الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية، كما سيشكل فرصة فريدة للجماعات المحلية المعنية لكي تخفف من أعبائها ومصاريفها في ميادين تنمية البنيات التحتية والتجهيزات والتعمير، ويضمن لها في نفس الوقت مداخيل ذاتية قارة ومرتفعة تعزز استقلالها المالي وتفتح أمامها آفاقا كبيرة للإستثمار. وأشار إلى أن إسناد إنجاز هذا المشروع إلى مؤسسة عامة تتميز بالمرونة والنجاعة والشفافية، من شأنه إعطاء ضمانات كافية لتحقيق مشروع تهيئة موقع بحيرة مارشيكا.