شكل إدماج العالم التكنولوجي والرقمي في القطاع الفلاحي، نقلة نوعية وهامة في النشاط المهني للفلاحين، الذين أحسوا بالفرق الحاصل بين الاشتغال بالوسائل التقليدية وآليات التدبير الحديث. ويعدد محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، مزايا التكنولوجيا الرقمية التي تعود بداياتها إلى سنة 2008 عقب إطلاق مخطط المغرب الأخضر، من قبيل تحقيق الضيعات الفلاحية لأرباح مضاعفة، وتحسين ظروف عمل الفلاحين ومعيشتهم، فضلا عن تقليل الوسطاء في السوق بعد اعتماد مجموعة من المنصات والتطبيقات الذكية والآليات التقنية المتطورة في تتبع وتسويق المحاصيل الزراعية والتربية الحيوانية (الأبقار، الأغنام، الدواجن..). وقال محمد صديقي في تصريح لجريدة بيان اليوم، في لقاء صحافي بمناسبة افتتاح النسخة الثالثة لأيام تكنولوجيا المعلومات في الفلاحة، التي نظمت منتصف شهر يناير 2023 بمكناس، تحت شعار «التحول الرقمي في صلب تنزيل استراتيجية الجيل الأخضر»، إن الوزارة تبذل مجهودا كبيرا لإنجاح استراتيجية التحول الرقمي في القطاع الفلاحي، مؤكدا على ضرورة التحول الرقمي بالنسبة لجميع فاعلي سلسلة القيمة الفلاحية، علما أن ورش الرقمنة في المغرب، يهدف إلى ربط مليوني فلاح بالخدمات الإلكترونية الفلاحية في أفق سنة 2030. وأبرز وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، أن مشروع الرقمنة يندرج ضمن المشاريع الأفقية لاستراتيجية الجيل الأخضر التي تهدف إلى جعل الفلاحة المغربية أكثر إنتاجية ومرونة وتنافسية في السوق الدولية، إلى جانب أنها مبتكرة وجذابة لمهنيي القطاع بشكل عام وللشباب والأجيال الناشئة من الفلاحين ورواد الأعمال على وجه الخصوص. ولا يمكن الحديث مع الفلاحين عن التكنولوجيا وفق محمد صديقي، بدون اعتماد الوزارة ذاتها لرقمنة خدماتها، موضحا أن هذه المؤسسة الحكومية العمومية، عملت هي الأخرى، على إطلاق القطب الرقمي للفلاحة والغابات ومرصد الجفاف، وهو مجموعة ذات نفع عام تضم 12 متدخلا يمثلون القطاعين العام والخاص، تضع خبراتها ودراساتها وجميع المعلومات في وجه الفلاحين المغاربة. وتتمثل مهمة هذا القطب، في خلق فرص التنمية لكل فرد وحلقة من سلاسل القيمة الفلاحية بالاعتماد على الرقمنة، وذلك إلى جانب مختلف الفاعلين والشركاء، خصوصا من خلال برامج البحث والتطوير الموجهة للسوق وخدمات التثمين والابتكار، وتنظيم برامج للتكوين في مجال الرقمنة بهدف تطوير النظام البيئي الفلاحي وتعزيز تماسكه. خفض التكاليف وتحسين المردودية قال ماجد الحلو مدير نظم المعلوميات بوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، إن التحول الرقمي يعد فرصة حقيقية لخفض التكاليف وتحسين مردودية الاستغلاليات الفلاحية للمزارعين وأدائهم مع الحفاظ على استدامة وسلامة البيئة لاسيما في ظل التقلبات المناخية المصحوبة بندرة المياه وارتفاع الأسعار للمدخلات الفلاحية بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي وblockchain وBig Data وIOT إنترنت الأشياء والطائرات بدون طيار Drones. وأضاف الحلو في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، قامت في العشرية الأخيرة بإيلاء الأهمية اللازمة لهذا الميدان، مشيرا إلى أنه تم وضع أنظمة معلوماتية لخدمة أهداف استراتيجية المغرب الأخضر عبر وضع خطة للتحول الرقمي للقطاع تهم البرمجة والقيادة والإنجاز والتتبع، والتنظيم والمراقبة. وشدد المتحدث ذاته، أن قطاع الفلاحة وصناعة الأغذية لا يمكن استثناؤه من الثورة الرقمية التي تعد مسرعا حقيقيا للنمو الاقتصادي والاجتماعي لأنه التحول الرقمي يوفر فرصة حقيقية لخفض التكاليف وتحسين مردودية الاستغلاليات الفلاحية للمزارعين وأدائهم مع الحفاظ على استدامة وسلامة البيئة. وأبرز أن التحول الرقمي للقطاع الفلاحي يشكل أداة لإرساء الإدارة الرشيدة للاستراتيجيات والبرامج التي وضعتها ونفذتها وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، «وهو يستند إلى المبادئ التوجيهية الملكية، التي يؤكد جلالته من خلالها في عدة مناسبات على أهمية تكنولوجيات المعلومات الجديدة وتبسيط الإجراءات الإدارية لتقديم خدمات جيدة للمواطنين بشفافية تامة، كما يستند هذا التحول الرقمي أيضا على التقدم الذي أحرزه المغرب في مجال تكنولوجيات المعلومات والاتصالات الجديدة منذ تحرير قطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية»، على حد قوله. ووقف المسؤول عن نظم المعلوميات بوزارة الفلاحة عند الاستراتيجية الجديدة «الجيل الأخضر» التي تم إطلاقها على يد جلالة الملك محمد السادس، حيث تم وضع أهداف واضحة للفترة 2020 – 2030، بالاعتماد على ركيزتين أساسيتين: الأولوية للعنصر البشري ومواصلة دينامية التنمية الفلاحية. فالأولى ستمكن، في مجال الخدمات الرقمية الفلاحية، من خلق جيل جديد من آليات المواكبة من خلال تطوير الخدمات الفلاحية الرقمية، حيث سيتم ربط مليوني فلاح ومستعمل في أفق 2030 بمنصات الخدمات الرقمية الفلاحية، وكذا دعم المستشارين الفلاحيين لتحدي رقمنة القطاع الفلاحي. أما الركيزة الثانية، فتروم توجيه الإنتاج نحو الجودة، والابتكار والتكنولوجيا الخضراء والفلاحة الدقيقة. وكلها سوف تساهم لا محالة في ضمان استفادة المرتفقين بصفة عامة، والفلاحين بصفة خاصة، من الخدمات المقدمة من طرف القطاع الفلاحي. وأشار ماجد الحلو للجريدة أن الولوج إلى الأسواق العالمية والمحافظة على الرتب المتقدمة كموردين أساسيين إليها يقتضي من الفلاحين مضاعفة مجهوداتهم من أجل توفير منتوج يحترم معايير الجودة والسلامة الصحية المعتد بها، «لذلك تمكن الرقمنة في العديد من الحالات الزبناء من التأكد من مدى احترام المنتجين لهذه المعايير بل ويشكل عدم توفير الولوج إلى المعلومات في جميع مراحل الإنتاج والتحويل والنقل حاجزا مانعا للولوج إلى هذه الأسواق، لذا توفر التطبيقات والأنظمة المعلوماتية المشتركة بين جميع المتدخلين في مختلف حلقات سلاسل الإنتاج الضمانة الأساسية لإتمام المعاملات التجارية». ومن جانب آخر، «يعد انخراط مؤسستي المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية والمؤسسة المستقلة لمراقبة وتنسيق الصادرات في منصة PORTNET ركيزة أساسية لتيسير وتسريع التعاملات التي تخص مجالات تدخلهما إلى جانب المصالح والمؤسسات الأخرى»، وفق تصريح الحلو. تجارب رائدة من جهته، كشف حمزة وزاني شاهدي، مدير شركة Infra Solutions، وصاحب تطبيق Farminos.com الخاص برقمنة عمليات تسويق المنتجات الفلاحية، أنه تم الاشتغال على هذا التطبيق سنة 2019، موضحا أن الإشكالية التي كانت لديهم في الضيعة في تلك الفترة هي تسويق منتجاتهم من الفواكه. وأضاف وزاني شاهدي، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أنهم كانوا بالفعل أمام إشكالية كبيرة في التخزين والتسويق، لأن الأشخاص الذين يشترون منهم السلع يرغبون في معرفة مصدر السلع وأنواع العلاجات التي تمت فيها، باعتبار أنهم حصلوا على شهادة «الأونسا». واستطرد المهندس في المعلوميات، أنه كان مفروضا عليهم أن يقوموا بهذه الأشياء التي يحتاجها الزبناء، وكان كل شيء يسجل فقط على الأوراق وكذلك عبر تطبيق «الإيكسيل» (Excel)، بالطرق التقليدية المعروفة، موضحا أنه كانت هناك صعوبة في تتبع عملياتهم بهذه الطريقة. وأردف المهندس الذي تابع دراسته العليا بين فرنسا وأمريكا «فقد كان أخي وأختي يشتغلان بهذه الطريقة (أي القلم والورقة) وطلبوا مني مساعدة، فقمت ببرمجة تطبيق، وتحول ما كانا يكتبونه على مستوى الورق إلى التطبيق، وساعدهما كثيرا، لأنه ساهم في إتاحة الكثير من الزمن لهما، أي من 10 إلى 15٪ من وقت المجموعة كلها، وكانت عندهما بعض الخسائر والكسور التي تم تجاوزها، بحيث أنه قبل التطبيق كانت بعض السلع تفسد بفعل النسيان، لكن مع التطبيق أصبح الأمر سهلا لأنه يحدد مواعيد خروج هذه السلع، الأمر الذي ساعدهما كثيرا في التسويق». وأكد المتحدث نفسه، على أن التطبيق ساهم في حماية ضيعة الأسرة من الكثير من الخسائر المادية، من خلال اقتصاد أزيد من 500 ألف درهم كانت تعتبر كسورا وضياعا لفائدة الضيعة قبل بداية العمل بالتطبيق، مضيفا أن جميع المتدخلين والعاملين في المزرعة ربحوا من وراء التطبيق، حيث أصبح العمل مريحا جدا. وعن إتاحة التطبيق للاستعمال من طرف الراغبين في ذلك، أوضح المهندس حمزة وزاني شاهدي، أنه في البداية كان الاشتغال مرتبطا بالضيعة الخاصة بالأسرة، مضيفا أنه حاليا لديهم أصدقاء بدأوا في تجربة التطبيق، مما دفعه للاشتغال والتحضير لبداية تسويقه لفائدة العموم. وفي سياق متصل، اعتبر وليد بن البدالي، صاحب مقاولة مختصة في الرقمنة، وحامل لمشروع فلاحي، بإقليم برشيد، أن تكوينه الأكاديمي الذي توج بحصوله على ماستر نظم المعلومات الجغرافيا وتدبير المجال الترابي، وارتباط بحثه في سلك الدكتوراه بتطبيق الذكاء الاصطناعي في دراسة التأثيرات البيئية، وجهه لإنشاء مقاولة تساهم في تنزيل التقنيات التكنولوجيا في عدة قطاعات أهمها المجال الفلاحي. وأكد بن البدالي، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن اعتماد الرقمنة والتقنيات الحديثة يساعد الفلاح على مراقبة محصوله الزراعي وماشيته وحسن تدبيرهما، مشددا على أن التكنولوجيا تساعد الفلاح في التخفيف من مصاريف الإنتاج. وأبرز الشاب بن البدالي أنه على سبيل المثال تساعد تقنية التصوير والتحليل عبر آلة "الدرون" في تسهيل تحديد أماكن الخلل والعدوى التي تصيب المحصول والحشرات المتواجدة بدقة 90٪، وبالتالي معرفة صنف الأدوية المناسبة لمعالجة المحصول الزراعي والنباتي، بدل استعمال التقنيات الكلاسيكية، مشيرا إلى أن هذه التقنية تمكن كذلك من معرفة كمية المياه التي يحتاجها المزارع في الحقول ومراقبة المواشي. من جهة أخرى، وقف بن البودالي في حديثه للجريدة على إشكالية غياب التحفيزات المادية لتشجيع المقاولات الفلاحية على استعمال التكنولوجيات الحديثة، رغم مساهمتها الكبيرة في تجويد المنتوج الزراعي والتخفيف من أعباء الإنتاج على المزارعين، فضلا عن التخفيف من التلوث البيئي الذي يعرفه هذا القطاع، باستعمال المحركات الميكانيكية. وسجل المتحدث نفسه، غياب انفتاح مؤسسات التكوين المهني على هذا التكوين العصري، معتبرا أنه بالإضافة إلى تكوين تقنيين فلاحيين لابد من الاهتمام بمسالك التكوين بمجالات استعمال التكنولوجيا الحديثة والرقمنة بالقطاع الفلاحي. وأشار الطالب الباحث، والحامل لمشروع تكنولوجيا الفلاحة، إلى أن تحفيز الدولة للفلاح ماديا وتسهيل ولوجه للأدوات التكنولوجية والأساليب الرقمية، يمكن أن يساهم بشكل كبير في توفير فرص شغل مهمة، على غرار ما تقوم به الدولة من دعم للفلاح لاعتماد السقي بالتنقيط حفاظا على الفرشة المائية. في سياق متصل، أفاد محمد زاز المدير العام لمقاولة OLEATECH المتخصصة في مجال الرقمنة والتكنولوجيا الفلاحية أن المقاولة التي يديرها منذ سنة 2006 متخصصة في ضيعات الزيتون على مستوى كافة التراب الوطني، مؤكدا أنهم قاموا بتسيير أكثر من 3600 هكتار عبر المغرب في مناطق مختلفة مثل الفقيه بنصالح، قلعة السراغنة، مراكش، فاس، ومكناس. وتابع محمد زاز في تصريح لجريدة بيان اليوم، أنهم يوفرون لزبائنهم مجموعة من الخدمات، من بينها الخدمات الأساسية المرتبطة بجني الزيتون، حيث يعتمدون على آليات ميكانيكية حديثة في عملية الجني، كما يعملون على مساعدة الضيعات في التسيير والخدمات، وإمدادها بالآلات الفلاحية العصرية والمتطورة. وأوضح زاز أنهم يمثلون الجيل الثالث في ميدان تسيير ضيعات الزيتون، مشددا على أن الرقمنة لها قوة إضافية في تسيير الضيعات، خاصة الضيعات الكبرى، مستطردا «كي تسير ضيعتك وتراقبها في كل وقت لا يوجد أي بديل عن الرقمنة التي ستمكنك من الحصول على صورة كاملة عنها، هذا هو التغيير الأساسي الذي عشناه نحن كمسيرين للضيعات، ففيما سبق كان لزاما علينا أن نعتمد على خبرة الكثير من الموارد البشرية التي كان من اللازم تواجدها في الميدان، وتنقلها من منطقة لمنطقة أخرى في الضيعة لإعطائنا المعلومات الكافية والتي قد تكون أحيانا غير مضبوطة أو مكتملة، لكن مع الرقمنة والآلات التكنولوجية الحديثة وعن طريق استعمال تطبيق Greenfield أصبحنا نستطيع معرفة ما يقع تحديدا للضيعة بأكملها مما يمكننا من مراقبتها على مدار الساعة، ومعرفة ما إذا كان هنالك مشكل تقني أو خطر معين ناجم عن هجوم حشري أو غير ذلك من الأخطار حتى يكون تدخلنا للمعالجة متسما بالسرعة والفعالية اللازمين». وتابع المتحدث ذاته «كي نفهم نجاعة هذه التقنية التي تعتمد على تطبيق Greenfield، عن طريق تصوير الأقمار الاصطناعية، التي تعطيك بدقة المعلومات الدقيقة والصور الواضحة التي لا يمكن اكتشافها أو رؤيتها بالعين المجردة، بحيث تمكننا من تقييم وضعية كل جزء من الضيعة، فمثلا في حالة هجوم حشرة ما أو حدوث مرض يصيب أشجار الزيتون، بمجرد أن يبدأ الخطر سواء كان هجوما للحشرات أو وباء يتم رصده في الحال من قبل هذه التقنية التي كما أسلفنا الذكر تمتاز بسرعة وقوة استشعار صناعي فعال يمكن من نقل كل الصور والمعطيات، من أجل التدخل في الوقت والمكان المناسبين». وتابع المصدر ذاته، أنه من بين الأمور الكثيرة التي ساهمت فيها هذه التقنية الحديثة، هو الكشف عن الخلل بأجهزة الري، وبالتالي الحفاظ على المياه وعدم تبذيرها، وإصلاح الأعطاب، على وجه السرعة. وأشاد مدير مقاولة OLEATECH ونوه بفعالية هذه التقنية، وما تقدمه من معلومات ميثولوجية (الأحوال الجوية، حرارة الشمس، سرعة الرياح...)، مشيرا إلى أن جميع هذه المعلومات يتم الاستفادة منها وإدخالها في «لوغاريتمات» التطبيق ليقوم بتحليلها، مضيفا في حديث للجريدة «التطبيق والحلول التي يقدمها، تساهم أساسا في ترشيد استهلاك الماء، واقتصاد أكثر من 30 في المائة من المياه وبالتالي المساهمة في ترشيد استهلاك المياه والمحافظة عليها خصوصا وأننا نعيش مؤخرا تحولات مناخية للأسف أدت إلى نقصان مخزون الفرشة المائية ومخزون السدود ببلادنا». التسويق الرقمي يعد التسويق من أبرز المشاكل التي كانت تعترض الفلاح المغربي، لكن تطور وسائل التكنولوجيا الحديثة، سمح بخلق أسواق افتراضية عابرة للقارات، وتسمح بإنجاز العمليات بدون إزعاج من كثرة الوسطاء في السوق التقليدية. ويقر وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، محمد صديقي بأن أسواق الجملة والأسواق الأسبوعية وأسواق القرب، التي تعتمد عليها مسالك تسويق وتوزيع المنتجات الفلاحية، تعرف عدة إشكالات واختلالات تعيق التكامل الحقيقي بين سلاسل الإنتاج الفلاحي. وأشار في حديث له أمام البرلمانيين، إلى أن من بين الاختلالات، «ضعف البنيات التحتية والخدمات، وشيوع نمط تسيير وتدبير غير ملائم، وعدم ملاءمة الظروف الصحية وشروط النظافة، والتغطية غير المتكافئة وغير المتكاملة للتراب الوطني وتعدد الوسطاء». وأبرز أن الحكومة وضعت مخطط إصلاح توجيهي للأسواق، مشيرا في هذا الصدد إلى أن استراتيجية الجيل الأخضر تهدف إلى إنشاء 12 سوق جملة جهوي للخضر والفواكه من الجيل الجديد بكافة جهات المملكة في أفق 2030، حيث تم الشروع في إنجاز خمسة منها بكل من الرباط وبركان ومكناس وأكادير ومراكش، وتأهيل الأسواق الأسبوعية عبر اتفاقيات مبرمة على صعيد الأقاليم بهدف عصرنة 100 سوق أسبوعي في أفق 2030. كما تهدف الاستراتيجية، وفق الوزير، إلى عصرنة المجازر بهدف اعتماد 120 مجزرة على المستوى الصحي، مشيرا إلى أن عدد المجازر المعتمدة حاليا يبلغ 14 مجزرة فقط من أصل 796 على الصعيد الوطني. وفي إطار برامج وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، التي تهدف إلى تنمية قطاع المنتوجات المحلية وتحسين ولوجها للأسواق الوطنية والدولية، أطلقت وكالة التنمية الفلاحية، مؤخرا أول منصة رقمية خاصة بترويج المنتوجات المحلية المغربيةwww.terroirdumaroc.gov.ma . وباتت هذه المنصة الإلكترونية حلقة وصل بين المستهلكين وكذا الفاعلين في هذا القطاع سواء على المستوى الوطني أو الدولي، ومنتجي المنتوجات المحلية المغربية، من تعاونيات ومجموعات ذات النفع الاقتصادي، ... والذين أصبحوا لا يدخرون أي جهد لتوفير منتوجات ذات جودة عالية وجميع المعلومات المحيطة بها. من جهتها، أطلقت الجمعية الوطنية لمربي الأغنام والماعز، السنة الماضية، منصة التجارة الإلكترونيةMy ANOC Marketplace ، وعيا منها بأهمية استغلال العالم الرقمي في القطاع الفلاحي. ويوفر هذا التطبيق للمشترين مشاهدة المنتوجات المعروضة للبيع مع خصائصها (السلالة والوزن والعمر...)، وكذا الاطلاع على بيانات مربي الماشية، مع إمكانية إجراء عمليات بحث متقدمة ومتعددة المعايير. ويتماشى إحداث هذه المنصة مع هدف التحول الرقمي للقطاع، لا سيما على صعيد المهنيين والنظم الإيكولوجية الزراعية والحقول، وبمستويات مختلفة من سلسلة القيمة للسلاسل الفلاحية، في إطار استراتيجية الجيل الأخضر 2020- 2030، حيث سيمكن هذا التطبيق من زيادة مبيعات المجترات الصغيرة على المستوى الوطني بحلول 2030. رقمنة مسارات المجال الفلاحي تندرج مبادرات الرقمنة في المجال الفلاحي، ضمن تفعيل توجه الدولة المغربية في ورش رقمنة جميع المسارات المتعلقة بالفلاحة، فضلا عن العمل بتوصيات المنظمات الدولية والوطنية المهتمة بتطوير الأمن الغذائي للساكنة. وسبق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن قدم في رأي له تحت عنوان «من أجل مقاربة مبتكرة ومندمجة لتسويق المنتجات الفلاحية»، مجموعة من التوصيات التي تهم تسريع التحول الرقمي في مجال التسويق لتشجيع إدماج المنتجين الصغار والمتوسطين على هذه الخدمة السريعة والفعالة. ودعا المجلس في إحالته الذاتية بتاريخ 16 نونبر 2021، إلى جعل الرقمنة آلية حقيقية تمكن الفلاحين (لا سيما الشباب بالوسط القروي) من الولوج بسهولة وبشكل آني إلى المعطيات المتعلقة بالأسعار الحقيقية والاطلاع على سعر المنتوج في جهتهم، وذلك للتمكن من التفاوض على نحو أفضل مع جميع المتدخلين في سلسلة التسويق. وحث التقرير الذي حصلت جريدة بيان اليوم على نسخة منه، على ضرورة وضع استراتيجية طموحة للابتكار في مجال تسويق المنتجات الفلاحية، مع توفير إطار قانوني ملائم، حيث ينبغي في هذا الصدد، تشجيع الابتكارات التكنولوجية المحلية الكفيلة بتحسين المردودية الاقتصادية والاجتماعية لكل سلسلة من سلاسل الإنتاج بما يعود بالفائدة على الفلاحين: الوسائل، المعلومات، التكوين، المنصات الرقمية، السلسة اللوجيستيكية، التتبع، الأمن. ومن أجل تنزيل ورش الرقمنة على أرض الواقع، لا بد بحسب التقرير، من وضع بنية تحتية رقمية مناسبة (الولوج إلى الأنترنيت ذي الصبيب العالي/ القرى الرقمية)، ومواكبة الفلاحين الصغار والمتوسطين في التوفر على أدوات رقمية بسيطة (المهارات الشخصية، تطبيقات عملية وسهلة الاستخدام). ويرى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن المكتب الوطني للاستشارة الفلاحية مطالب ببلورة خطة عمل رقمية طموحة تتمحور حول تطوير محتويات رقمية وبرامج للتكوين في مجال التجارة الإلكترونية لفائدة المنتجين الصغار والمتوسطين حتى يتمكنوا من تعلم استخدام وإتقان الأدوات الرقمية بما يخدم نشطاهم الفلاحي التجاري. ويوصي المجلس ذاته، بتطوير منصات للتجارة الرقمية لتسويق المنتجات الفلاحية، على غرار تلك المخصصة لتسويق المنتجات المحلية، مع الحرص على توفير منتجات صحية وعالية الجودة للمستهلكين.