المهنيون يتوقعون استقرار الأسعار قريبا ويتطلعون إلى ضمان الأمن الغذائي للمغاربة بعد صدور «التأمين ضد الخسائر» نهاية هذه السنة تشهد أسعار اللحوم البيضاء، منذ بداية الأسبوع الجاري، تصاعدا ملحوظا خاصة في أسواق المدن الكبرى وعلى رأسها الدارالبيضاء، إذ ارتفع سعر الدجاج الرومي من 12 درهما إلى 16 درهما للكيلوجرام الواحد، واستقر سعر الدجاج «البلدي» في 50 درهما، بعدما ظل، لأسابيع عدة، في حدود 40 درهما. بذلك، تعود الأسعار إلى الارتفاع التدريجي، بعدما سجلت، منذ النصف الثاني من شهر يوليوز، انخفاضا كبيرا، بسبب وفرة العرض، مقابل تراجع الطلب. وعزا خير الدين السوسي، رئيس الفيدرالية البيمهنية لإنتاج الدواجن، في تصريح لبيان اليوم، موجة غلاء اللحوم البيضاء إلى «الارتفاع الاستثنائي وغير المتوقع للطلب على الدواجن، منذ بداية الأسبوع الجاري، والذي يعود، من جهة، إلى ارتفاع وتيرة تنظيم الأعراس والحفلات التي غابت خلال شهر رمضان المنصرم، وتفاوت حجم العرض بين جهات المملكة، من جهة أخرى». فواقع وجود مناطق تضررت من حرارة الجو، كمدن الجنوب والشرق مثلا، وأخرى استطاعت استعادة وتيرة الإنتاج بشكل سريع كضواحي المدن الكبرى غرب وشمال البلاد، يدفع كبار التجار في المناطق المتضررة، يضيف رئيس الفيدرالية، إلى «اقتناء كميات ضخمة من الأسواق التي تشهد الوفرة، ما يؤدي حدوث خلل في معادلة العرض والطلب تفضي إلى ارتفاع السعر». وشدد خير الدين السوسي على أن مربي الدواجن لا دخل لهم في ما تشهده أسواق اللحوم البيضاء من غليان، لأنهم «يبيعون منتوجاتهم بالجملة، بثمن أدنى، قد يكون نصف الثمن المحدد للبيع بالتقسيط»، مشددا على أن العرض بات يشهد ارتفاعا متزايدا في السنوات الأخيرة، نتيجة كثرة ضيعات إنتاج الدواجن، وتناسل المحلات التجارية المتخصصة في تسويق الدجاج بكل أنواعه. واعتبر خير الدين السوسي الخلل المسجل على مستوى معادلة العرض والطلب في السوق ظرفيا. فالأسعار، يقول المتحدث، «ستعود بداية من شهر أكتوبر إلى الاستقرار نتيجة توجه نفقات الأسر نحو حاجيات أخرى على رأسها لوازم الدخول المدرسي»، مما سيؤدي إلى تدني مستوى الإقبال المكثف على استهلاك اللحوم البيضاء، خاصة في مدينة الدارالبيضاء، أكبر سوق لاستهلاك الدواجن، والبورصة التي تتحكم في توازنات السوق الوطنية لهذه المادة الغذائية. ولم ينف رئيس الفيدرالية البيمهنية لإنتاج الدواجن، مع ذلك، وجود علاقة بين الخسائر التي تكبدها القطاع شهري يونيو ويوليوز الماضيين وبين الارتفاع القياسي الحالي للأسعار، بدليل أن المناطق التي عصفت الحرارة بمنتوجاتها هي التي أحدثت الخلل بين الطلب والعرض، بتوجهها نحو المناطق الأخرى. وهو واقع، يقول رئيس الفيدرالية، يفرض توفير دعم قوي من طرف وزارة الفلاحة والصيد البحري لقطاع يتأثر كثيرا بآفة الحرارة التي كبدته هذه السنة، وفي فترة زمنية قصيرة، خسائر فاقت 7.1 مليار سنتيم، نتيجة نفوق الدواجن جراء موجة الشركي. هذا وعلمت بيان اليوم أن قطاع الدواجن يتابع عن كثب التحضيرات الجارية للإعلان عن نظام للتأمين ضد الحرارة والفيضانات بداية من الموسم الفلاحي القادم، يعوض الخسائر ويحول دون حدوث تداعياتها على مستوى الأسعار. في هذا السياق، كشفت مديرية تنمية سلاسل الإنتاج بوزارة الفلاحة والصيد البحري، لبيان اليوم، أن الدراسة حول التأمين ضد الخسائر التي يتكبدها قطاع الدواجن نتيجة ارتفاع الحرارة توجد طور الإنجاز، وستشمل أيضا باقي الفروع المتعلقة بالقطاع الفلاحي. وقال الدكتور عبد الرحمان بلكحل المسؤول عن المديرية، في تصريح للجريدة، إن الدراسة ترمي إلى تأمين الفاعلين في قطاع تربية الدواجن ضد آفة الحرارة، وستتسع لتشمل الفلاحين الذين يتكبدون خسائر جراء الفيضانات. وأوضح الدكتور بلكحل أن قيام نظام للتأمين في القريب العاجل يكون عاما وشاملا، يتناول الجفاف والفيضانات والبرد والماشية والسكن والدواجن، رهين بالوتيرة التي تسير بها الدراسة التي يتم إجراؤها حاليا، معربا عن أمله في أن يكون جاهزا قبل انطلاق الموسم الفلاحي القادم، حتى يتأتى للفلاحين ومربي الدواجن الاكتتاب فيه خلال الموسم الفلاحي القادم. ومن غير المستبعد، يقول خير الدين السوسي، وفق ما جاء في تصريحه لبيان اليوم، أن يتم الإعلان عن هذا النظام نهاية شهر دجنبر القادم، مشددا على أن ذلك لا يعني بالضرورة قبول المهنيين الانخراط فيه دون احترام معايير محددة. فحسب رئيس الفيدرالية البيمهنية لإنتاج الدواجن، ينتظر مهنيو القطاع هذا المشروع بفارغ الصبر، لكنهم يحبذون أن يأتي في إطار تعاضدي يحقق مطلب التضامن ولا يستنزف قدراتهم المادية المتأثرة بقطاع يحقق الأمن الغذائي للبلاد، لكنه يتأثر كثيرا بارتفاع أسعار المواد الأولية، ولم يعد بالتالي يحقق هوامش ربح تسمح باستمراريته. يشار إلى أن قطاع الدواجن في المغرب يسجل تطورا سنويا بمعدل 8 في المائة، ما جعله يحقق رقم معاملات تجاوز عشرين مليار درهم في السنة الفارطة. وقد ارتفع الإنتاج من 400 ألف طن عام 2004 إلى 550 ألف طن في 2010، ويوفر القطاع الذي بلغت الاستثمارات فيه 9.1 مليار درهم، 98 ألف منصب شغل قار، و170 ألف منصب شغل غير مباشر.