أحبطت الولاياتالمتحدةالأمريكية محاولة جديدة للجزائر لادعاء كونها الدولة المتصدرة لجهود مكافحة الإرهاب في منطقة شمال إفريقيا والعالم العربي، وأفشلت بذلك في نفس الوقت مساعيها من أجل إقصاء المغرب من هذه الجهود. فقد استبقت الولاياتالمتحدةالأمريكية استعدادات الجزائر من أجل الإعلان عن «منتدى عالمي لمكافحة الإرهاب»، كان من المقرر أن يعقد أول اجتماعاته في الأسبوع الثالث من شتنبر الجاري بنيويورك (دون توجيه دعوة إلى المغرب بالطبع)، وذلك عندما أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينيتون، يوم الجمعة الماضي بنيويورك، عن دعوتها لأزيد من ثلاثين بلدا، بما فيها المغرب، لحضور اللقاء التأسيسي ل» المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب»، الذي ستتزعمه الولاياتالمتحدةالأمريكية وتركيا، والذي يدخل في إطار الاستراتيجية الأمريكية لمواجهة خطر الإرهاب في العالم. كلينتون التي أعلنت عن المبادرة في إطار كلمة ألقتها في كلية «جون جاي» للعدالة الجنائية حول «نهج القوة الأمريكية لمكافحة الإرهاب»، وذلك على هامش إحياء الذكرى العاشرة لأحداث 11 شتنبر، قالت إنه سيتم إطلاق المبادرة خلال الأسابيع المقبلة على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأنها ستضم، إضافة إلى الولاياتالمتحدة وتركيا والاتحاد الأوروبي، حوالي 27 عضوا مؤسسا هم أستراليا وكندا والصين وكولومبيا والدانمارك ومصر والجزائر وفرنسا وألمانيا والهند وإندونيسيا وإيطاليا واليابان والأردن والمغرب وهولندا ونيوزيلندا ونيجيريا وباكستان وقطر وروسيا السعودية وجنوب أفريقيا وإسبانيا وسويسرا والإمارات العربية المتحدة وبريطانيا. وقالت كلينتون في خطاب نيويورك إن المبادرة الجديدة ستجمع «حلفاء تقليديين وقوى ناشئة ودولا ذات أغلبية مسلمة»، وأنها ستضم مسؤولين من هذه الدول للتعرف على التهديدات وإيجاد الحلول وتبادل الخبرات، مشيرة أن المنتدى سيعمل مباشرة مع الدول التي «انتقلت من الحكم السلطوي إلى الديمقراطية» (في العالم العربي وشمال إفريقيا) من أجل «تحديد التهديدات وأوجه الضعف، وتعبئة الموارد، ومساعدة الدول في بحث التهديدات الإرهابية داخل حدودها»، ومضيفة أن المنتدى سيساعد الدول على كتابة تشريعات جديدة لمكافحة الإرهاب وتدريب الشرطة. ولم يتحدد موعد لحفل التدشين الرسمي الذي سترأسه تركيا والولاياتالمتحدة خلال الجمعية العامة وفق ما ذكر مسؤول بالخارجية الأمريكية. وقال بيان لوزارة الخارجية الأمريكية إن المنتدى الجديد الذي سيعمل عن كثب مع الأممالمتحدة «مبني على أساس الاعتراف بأن الولاياتالمتحدة لا يمكنها القضاء منفردة على كل إرهابي وكل منظمة إرهابية». وأضاف البيان أن المنتدى سيتبنى «نهجا استراتيجيا» تجاه العمل المدني في مجال مكافحة الإرهاب وسيساعد على «زيادة عدد البلدان» التي تمتلك الإرادة السياسية والتكنولوجيا اللازمة لمكافحة الإرهاب. وقد وضعت هذه المبادرة حدا سريعا لطموح الجزائر في الاستفراد بالإعلان عن تأسيس منتدى مماثل تقحم ضمنه السلطات الجزائرية حساباتها المغلوطة حول «الشراكة والأمن والتنمية» في منطقة الساحل والمغرب العربي، حيث كانت جهودها طوال السنوات الأخيرة، وخاصة منذ ظهور خطر جناح القاعدة في المنطقة، محكومة بحسابات سياسية ضيقة ، مما جعلها تمارس دوما الإقصاء بحق المغرب في جميع اللقاءات والمؤتمرات الإقليمية التي تعقد على أراضيها ويكون موضوعها هو الأمن ومكافحة الإرهاب، لتأتي المبادرة الأمريكية لتعيد جهود مكافحة الإرهاب إلى مسارها الصحيح والحقيقي المتمثل في ضرورة تظافر الجهود العالمية والتضامن الدولي من أجل دحر تهديدات القاعدة وخطر الإرهاب. كما تأتي لتؤكد الاعتراف والتقدير الذي حظي به المغرب ويحظى به في هذا المجال، خاصة أنه يشكل بدوره هدفا للمخططات الإرهابية التي أثبت قدرته على التصدي لها من خلال استراتيجية شمولية أكدت فعاليتها.