خبراء: مبارك تجاهل تنمية سيناء إرضاءً لإسرائيل أعادت الهجمات المسلحة على أهداف مصرية وإسرائيلية انطلاقا من سيناء، الحديث عن تنمية تلك المنطقة المهمّة من أرض مصر، لا سيما أنه منذ تحريرها من الاحتلال الإسرائيلي في حرب أكتوبر في العام 1973، والحكومات المصرية المتعاقبة تؤكد أنها تضع الخطط من أجل تنميتها زراعياً وصناعياً وسياحياً وخلق مجتمعات عمرانية جديدة فيها، ولكن ما هي إلا أمانيهم، حيث بقيت تلك الأرض صحراء جرداء، وتمثل تهديداً لأمن مصر القومي. ما أثار العديد من علامات الاستفهام حول تجاهل مصر تنميتها، وهل هناك بنود سرية في اتفاقية كامب ديفيد تعوق دوران عجلة التنمية؟. من جانبهم، يؤكد خبراء إستراتيجيون وخبراء في مجال التنمية أن الرئيس السابق حسني مبارك تجاهل تنمية سيناء لعدم إثارة غضب إسرائيل، مشيرين إلى أنه جعل جلّ اهتمامه صوب مدينة شرم الشيخ، التي حوّلها إلى منتجع سياحي خاص له وللمحيطين به من أهل الثقة والمنتفعين، وأحاطها بسياج أمني مكثف، وكانت بمثابة العاصمة الصيفية لمصر، حيث كان يقضي فيها غالبية أوقاته، ويعقد فيها اجتماعاته ومؤتمرات ويلتقي فيها بالمسؤولين الدوليين. ونفى الخبراء وجود بنود سرّية تمنع تنمية سيناء. عدم إغضاب إسرائيل يقول د.محمد إبراهيم منصور مدير مركز الدراسات المستقبلية بمجلس الوزراء إن معوقات التنمية في سيناء ترجع إلى أسباب سياسية تتعلق بطبيعة العلاقة بين النظام السابق وإسرائيل، ولإثبات حسن النوايا من جانبه لإسرائيل بأن مصر ليست عدوًا محتملاً. مضيفًا أن المسألة سهلة للغاية، فلدينا مشروع سابق، وهو المشروع القومي لتنمية سيناء، والذي بدأ عام 1994 وتوقف عام 1997، وكان من المفترض الانتهاء منه في عام 2017، وتضمن هذا المشروع ترعة السلام، التي توقفت بفعل فاعل من دون إبداء الأسباب. وأوضح منصور قائلاً: لا أعتقد أنه توجد بنود سرية في اتفاقية كامب دافيد بين مصر وإسرائيل بشأن تنمية وتعمير سيناء، بل يمكن القول إنه تهاون من نظام الرئيس السابق مبارك واستهتاره ومحاولته تجنب إغضاب إسرائيل بالقيام بأي مشروعات تنموية في سيناء، لأن معنى التنمية في هذه المنطقة المهمّة والإستراتيجية في مصر هو صناعة كيان ووجود بشري وكثافة سكانية، والتي تمثل مقومات المقاومة والصمود في مواجهة أي محاولة إسرائيلية لإعادة احتلال سيناء مجددًا. تفعيل المشاريع القومية وتابع: والمطلوب الآن من الحكومة تفعيل المشاريع القومية التي توقفت، ولا بد من وجود إدارة مستقلة بهيئة مستقلة وإنشاء محافظة جديدة لتنمية وسط سيناء أو جهاز قومي جديد، تناط به مسؤولية تحقيق التنمية في سيناء يمثل فيه أبناء سيناء، إضافة إلى المهتمين بشؤون سيناء والقوات المسلحة. وأكد منصور أن مستقبل سيناء واعد، ويمكن أن يحل كثيرًا من مشاكل مصر... لو تحققت التنمية بالشكل الذي تصورناه من خلال تحقيق نوع من التكامل بين منطقة شرق قناة السويس وشرق الدلتا، لحققت سيناء طفرة تنموية كبيرة جدًا، وبالتالي تستفيد مصر كثيرًا، لأن المشروع القومي لتنمية سيناء كان يهدف إلى توطين نحو 4 مليون مواطن مصري، ولو التزمنا بالأفق الزمني عام 2030، وليس عام 2017، سيكون لدينا نحو 12 مليون مصري على أرض سيناء. عدم التخطيط السليم والتخبط في القرارات يرجع الدكتور نادر نور الدين أستاذ وخبير الأراضي والمياه في كلية زراعة جامعة القاهرة معوقات التنمية في سيناء خلال عهدي السادات ومبارك إلى عدم التخطيط السليم والتخبط في القرارات وتنفيذ أكثر من مشروع قومي في آن واحد، حيث تم سحب الإعتمادات من مشروع تنمية سيناء، وبالتالي توقفت التنمية فيها في مشروع تنمية سيناء بشقيه، وهما أولاً: مشروع ترعة السلام، والتي تبدأ من فرع دمياط عند سد فارسكور حتى قناة السويسجنوب بحيرة المنزلة، وتبلغ مساحة الأراضي المستفيدة نحو 220 ألف فدان. أما المشروع الثاني فهو داخل سيناء بعد عبور قناة السويس ويمتد من القناة وحتى مدينة العريش، وله امتداد حتى مدينة رفح المصرية، وزمامه نحو 400 ألف فدان، كان من المفترض أن يتم الانتهاء من هذا المشروع منذ أكثر من عشر سنوات، لكن الذي حدث أنه تم سحب المخصصات المادية لهذا المشروع من أجل خاطر مشروع توشكي. أهل الثقة والمنتفعين ووهم مشروع توشكي واستطرد: لأن أهل الثقة من المحيطين والمستفيدين من الرئيس السابق أوهموه أن مشروع توشكي سيحمل اسمه في تاريخ مصر مثلما حمل مشروع السد العالي اسم جمال عبد الناصر، وحرب أكتوبر اسم السادات، لذلك قرر الرئيس السابق سحب كل الإعتمادات والمخصصات المالية لمشروع تنمية سيناء، ووضعوها في مشروع توشكي، الذي أنفق فيه أكثر من 12 مليار جنيه مصري، وكان ربع هذا المبلغ يكفي لتنمية شمال سيناء، والتي تقدر مساحتها بنحو 620 ألف فدان للمنتفعين، وبالتالي توطين نحو 3 مليون مصري داخل سيناء، كما كان مخصصًا له. وزاد: ومعروف في كل الدول المتقدمة أنه مع بداية مشروع لابد من الانتهاء منه وتسليمه وتشغيله، ثم البدء في مشروع جديد، لكننا في مصر شتتنا جهودنا بين ترعة السلام وتنمية الساحل الشمالي الغربي، الذي يبدأ من غرب النوبارية وحتى مرسى مطروح، وبدأ شق مشروع ترعة من امتداد ترعة الحمام ووصلت حتى مدينة الضبعة على مشارف مدينة العلمين، ثم توقفت، وتم سحب إعتماداتها المالية وإعتمادات ترعة السلام للإنفاق على مشروع توشكي. وهذا يوضح أننا شتتنا جهودنا على ثلاث مشروعات، وبالتالي لم يتم الانتهاء من أي منها، وفي رأيي أن من أهم أسباب معوقات التنمية في سيناء خلال العقود الماضية هو سحب مخصصات التنمية فيها وعدم التركيز على مشروع واحد. شعار المرحلة المقبلة «سيناء أولا» حول دور الحكومة المصرية حاليًا تجاه سيناء وتنميتها، أكد د.نور الدين أن الحكومة عليها في الوضع الراهن أن تركز تمامًا على مشروع تنمية شمال سيناء أولاً، وليكن شعارنا في المرحلة المقبلة «سيناء أولا»، لأن المطامع الاستعمارية بدأت تتجه حاليًا إلى سيناء، فضلاً عن أن العمليات الإرهابية قد تتخذ من سيناء الخاوية مقرًا لها في ظل وجود فراغ بشري وكثافة، ثم تنتقل إلى داخل مصر، أو إلى الدول المجاورة، وبالتالي قد يهدد باحتلال أجزاء من سيناء بحجة الأمن القومي لبعض الدول ومكافحة الإرهاب، وهذا ما تشجعه القوى العالمية لأن مكافحة الإرهاب على قمة أولويات العالم الآن. لذلك مشروع تنمية سيناء ووجود كثافة سكانية سيقيّد من حركة الإرهاب داخل سيناء ويقلل من أطماع الغير في استقطاع مساحات من سيناء بهدف استيعاب الكثافة السكانية لقطاع غزة أو لتأمين الحدود الإسرائيلية بعد أن تثبت جدية وجود المصريين بكثافة في أراضي سيناء، وأنها ليست صحراء خاوية تهملها مصر منذ آلاف السنين. زراعة 620 ألف فدان في سيناء وكشف نور الدين عن ملامح خطة تنمية سيناء في السابق، والتي كانت تتضمن زراعة نحو 620 ألف فدان، وأن كل فدان يحتاج 5 أفراد من الأيدي العاملة، وهذا يعني أن سيناء ستستوعب آلاف الأيدي العاملة وتخفف التكدس السكاني في الدلتا، فضلاً عن زيادة الرقعة الزراعية في سيناء، حيث تجود فيها زراعة كل المحاصيل نظرًا إلى مناخها المعتدل. ويمكن مواجهة التغيرات المناخية المتوقعة بأن البحر سيلتهم بعض محافظات شمال الدلتا، فإن سيناء هي البديل الأول لإعادة توطين مواطني الدلتا فيها، وذلك لأسباب عدة، من أبرزها أن سيناء تقع على هضبة مرتفعة على البحر، فليست مهددة بالتهام البحر لها، إضافة إلى أن سيناء تحمل الأجواء المناخية نفسها لشمال الدلتا، وبالتالي سيشعرون أنهم في محافظاتهم نفسها، ويكونون إضافة إلى مصر وإلى المساحة المنزرعة في سيناء. إهمال الرئيس السابق لتعمير سيناء من جهته اتهم الخبير الإستراتيجي اللواء عبد المنعم كاطو النظام السابق والرئيس السابق بالإهمال الجسيم في تعمير سيناء طيلة عهده، وهو إهمال يصل إلى حد الخيانة -على حد قوله-، مؤكدًا أن الأمن القومي المصري مرتبط بتنمية سيناء، حيث إن سيناء هي مفتاح الحرب والسلام في المنطقة. وقال كاطو: تجهيز وإعداد سيناء تنمويًا عائق أمام أي أهداف إستراتيجية أو حرية المناورة لأي قوات قد تفكر في الهجوم على سيناء، والرئيس السابق والنظام السابق كان يهمه شيء واحد، وهو إقامة أسرة مالكة جديدة على غرار أسرة محمد علي من خلال توريث الحكم، والتف بعض المنتفعين الذين يطمعون في التملك على حساب الشعب المصري، من أمثال حسين سالم وآخرين، وهم الذين نهبوا شرم الشيخ وبعض المناطق الأخرى. ويلاحظ أن المشروع القومي لسيناء تبلورت فكرته عام 1997 وهو التاريخ نفسه الذي شرع فيه الرئيس السابق في التوجه والتركيز نحو مشروع توريث الحكم، ولذلك كان الاهتمام بالتوريث، وليس بتنمية مصر عامة، أو سيناء خاصة. ودعا كاطو الحكومة المصرية إلى إعادة التنمية، ليس فقط في سيناء، وإنما مصر كلها، وعلى سبيل المثال كان بيع القطاع العام كانت خسارة شديدة تحمّلها الشعب المصري وأيضًا إهمال مشروع توشكي حلقة من حلقات الخسائر المتراكمة على مصر، فضلاً عن عدم استكمال المشروعات القومية الكبرى، مثل تنمية سيناء وإيجاد تكنولوجيا جديدة للصناعة، وكل هذا تسبب في خسائر كبيرة لمصر. دوران عجلة الإنتاج وتعويض الخسائر وشدد كاطو على ضرورة ربط نظرتنا إلى سيناء اليوم بما حدث في مصر بالكامل خلال العهد البائد، وكما يقال ربّ ضارة نافعة، لأن الأحداث الحالية على أرض سيناء والوادي سوف تتطلب دوران العجلة بأسرع ما يمكن، لتعويض الخسائر السابقة، وهي مهمة رئيسة لكل الشعب المصري، بحيث يلتفون حول قيادته، ويتجهون إلى العمل والإنتاج والتوقف عن الدعوة إلى المليونيات، وما تصاحبها من فوضى، ومطالبًا الجهات المسؤولة في مصر بفتح كل ملفات سيناء، وإعادة النظر فيها، مع المشاركة العملية لأهالي سيناء في كل خطوات التعمير، بحيث تبدأ منهم وتحت رعايتهم وبدعم من الحكومة. ولافتًا إلى أن مستقبل مصر كلها، وليس سيناء فقط، مبشّر بالخير الكثير، وبالآمال العظيمة للشعب المصري، مع بدء الجميع العمل الجاد العلمي والمتواصل.