المصادقة على قرار مغربي- فرنسي- أرجنتيني حول الاختفاءات القسرية أو اللاإرادية صادق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، يوم الجمعة الماضي بالتوافق، على قرار مغربي-فرنسي-أرجنتيني حول الاختفاءات القسرية أو اللاإرادية والذي تبناه حوالي 60 بلدا من مختلف التجمعات الإقليمية. وفي إطار مسعى ثلاثي الأطراف، تولى سفراء فرنسا والمغرب والأرجنتين في جنيف، على التوالي، جون باتيست ماطيي، وعمر هلال، وألبيرطو دومون، مهمة عرض القرار أمام مجلس حقوق الإنسان. وفي هذا الإطار، ذكر السفير الفرنسي ببروز موضوع الاختفاءات القسرية واللاإرادية وحدتها وأهميتها. من جانبه، استعرض سفير الأرجنتين التعديلات التي أدخلت على مشروع القرار الذي قدم بداية من قبل البلدان الثلاثة، وذلك بعد مسلسل مشاورات مع الدول الأعضاء في الأممالمتحدة. أما سفير المغرب، فقدم الأهداف التي يتوخاها هذا القرار، مبرزا في هذا السياق الترابط القائم بين ورش الإصلاحات الذي يعرفه المغرب وعمله الدبلوماسي على الساحة الدولية. وذكر عمر هلال بأن الاهتمام الذي يوليه المغرب لهذا القرار نابع من انخراطه الذي لا رجعة فيه لصالح الدفاع والنهوض بحقوق الإنسان والديمقراطية ودولة الحق والقانون عموما، والدينامية السياسية الجريئة في مجال العدالة الانتقالية التي كان وراءها جلالة الملك محمد السادس. كما أشار السفير المغربي إلى أن التجلي الأكثر رمزية لهذا الانخراط يتمثل بالتأكيد في إحداث هيئة الإنصاف والمصالحة في المغرب التي رصدت مجموع ماضي انتهاكات حقوق الإنسان، بما فيها الاختفاءات القسرية. وأضاف أن تجربة العدالة الانتقالية لقيت ترحيبا واسعا لدى المجتمع الدولي واعتبرتها مجموعة العمل حول الاختفاءات القسرية أو اللاإرادية تجربة رائدة في المنطقة. وأبرز الدبلوماسي المغربي أن مشروع القرار هذا يعد مؤشرا هاما لتكريس موضوع الاختفاءات القسرية واللاإرادية من قبل الأممالمتحدة، الأمر الذي ترجم مسبقا بإحداث مجموعة العمل الأممية في 29 فبراير 1980، واعتماد الإعلان حول حماية الأشخاص من الاختفاءات القسرية أو اللاإرادية في دجنبر 1992 وعبر الاتفاقية الدولية بهذا الخصوص في دجنبر 2006. وأوضح هلال أن فرنسا والأرجنتين والمغرب اعتبروا أنه من الملائم تقديم مشروع القرار تزامنا مع تخليد الذكرى الثلاثين لإحداث مجموعة العمل حول الاختفاءات القسرية أو اللاإرادية، مشيدا بالتزامها واستقلاليتها والحصيلة الإيجابية جدا لعملها. وذكر هلال بأن فكرة هذه المبادرة الثلاثية الأطراف برزت خلال الورشة التي نظمتها مجموعة العمل في مارس الماضي من أجل تخليد الذكرى ال30 لإرسائها، مشيرا إلى أن هذه البلدان الثلاثة كانت ضمن المشاركين في الورشة. وسجل أن للمشروع المذكور ثلاثة أهداف تهم تنظيم المفوضية العليا لحقوق الإنسان ليوم تخليدا للذكرى ال30 لمجموعة العمل، ووضع حصيلة لعمل هذه المجموعة والترويج للاتفاقية المتعلقة بحماية كافة الأشخاص من الاختطافات القسرية واللاإرادية، وإعلان يوم 30 غشت من كل سنة يوما عالميا لمناهضة الاختفاء القسري واللاإرادي، وكذا بلورة مجموعة العمل لتقرير حول أفضل الممارسات في مجال مناهضة الاختفاءات القسرية في التشريعات الوطنية. وأوضح أن هذا التقرير يتعين بلورته على أساس مساهمات الدول الأعضاء التي تطلبها المجموعة. وأضاف الديبلوماسي المغربي أن مشروع القرار يشيد بتوقيع 83 بلدا ومصادقة 18 بلدا على الاتفاقية المتعلقة بحماية الأشخاص من الاختفاءات القسرية، مبرزا أهمية دخولها حيز التنفيذ، وداعيا الدول إلى المبادرة إلى التوقيع والمصادقة على هذه الاتفاقية. وأوضح أن المشروع يدعو من جهة، الدول إلى التعاون مع مجموعة العمل وتقديم الدعم اللازم لضحايا الاختفاء القسري، ومن جهة أخرى الأمين العام للأمم المتحدة لوضع رهن إشارة المجموعة، الموارد التي تحتاج إليها من أجل أداء مهامها. تجدر الإشارة أن مجلس حقوق الإنسان اختتم أشغال دورته الرابعة عشر العادية في وقت متأخر من ليلة الجمعة السبت الماضية، بعد مداولات استغرقت ثلاثة أسابيع، حيث توجت الأشغال باعتماد 18 قرار بينها إدانة الهجوم الذي شنته إسرائيل على (أسطول الحرية) الذي كان يقل متضامنين ومساعدات إنسانية إلى قطاع غزة. وشملت قرارات مجلس حقوق الإنسان موضوعات واسعة من القضايا ذات الصلة بحقوق الإنسان إلى جانب اختيار وتعيين أصحاب الولايات والمقررين الخاصين بمتابعة هذه الملفات. وأصدر المجلس قراره بإدانة إسرائيل بأشد العبارات بسبب الهجوم الشائن على أسطول الحرية المتوجه إلى قطاع غزة محملا بالمعدات الإنسانية ما أسفر عن قتل وجرح العديد من المدنيين الأبرياء من مختلف الجنسيات بعد جلسة عاصفة طالبت فيها دول المجلس برفع الحصار عن قطاع غزة وإنهاء حالة الاحتلال. كما قرر المجلس إيفاد بعثة تقص حقائق دولية مستقلة للتحقيق في انتهاكات القانون الدولي الناجمة عن الاعتداءات الإسرائيلية على الأسطول في المياه الدولية قبالة سواحل غزة. واعتمد المجلس أيضا نصوص مشروعات القرارات المتعلقة بالقضاء على الاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال وتعزيز حق الشعوب في السلم ودور الوقاية في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان وتعزيز تمتع الجميع بالحقوق الثقافية واحترام التنوع الثقافي ومكافحة العنف ضد المرأة. كما وافق المجلس على إعلان يوم عالمي من أجل «الحق في تقصي الحقائق بشأن انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة وكرامة الضحايا» وتحقيق إجراءات ملموسة لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري وكره الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب. واتفقت الدول الأعضاء على تقديم المساعدة التقنية والتعاون في مجال حقوق الانسان في كل من الصومال وقيرغيزستان وإدانة الهجمات على مدارس الأطفال في أفغانستان. وسيعقد المجلس دورته الخامسة عشر العادية في الفترة بين 13 سبتمبر وحتى أول أكتوبر 2010.