مدينة تيفلت، المدينة الزمورية التي لا تبعد عن عاصمة المملكة إلا بأقل من ستين كيلومترا، كانت دائما تطفو على سطح الأحداث في كل استحقاقات انتخابية، وذلك بسبب حجم الخروقات التي ترتكب فيها؛ وأيضا لكونها، على غرار باقي دوائر إقليمالخميسات، تشهد ترشيح أباطرة بعض الأحزاب الإدارية، ثم ثالثا لكون مناضلاتها ومناضليها من مختلف القوى الديمقراطية كانوا دائما يخوضون معارك شرسة ضد التزوير وضد رعونة هذه الكيانات الانتخابية التي نهبت المنطقة وأنهكت إمكاناتها وطموحات أهلها. المدينة تكاد، برغم صغر حجمها، تمثل مؤشرا على نزاهة الانتخابات في البلاد، وعلى مدى توفر الإرادة السياسية للتغيير. الأخبار القادمة من منطقة زمور هذه الأيام تفيد أن لوبي الفساد بدأ يستجمع القوة والرعونة من جديد استعدادا لاستحقاقات 2011، وقد شهدت ليالي رمضان جولات وزيارات إلى البيوت قام بها واحد من رموز سنوات الرصاص (لا شك أنكم عرفتموه) يوزع أرقام هواتفه على الناس، ويعد بحل كل مشاكلهم، وأغفل فقط أن يقول لهم لماذا المدينة بقيت منكوبة على عهد رئاسته لبلديتها، ولما ورث المنصب لنجله، وهي اليوم كما لو أنها خرجت لتوها من حرب أو من زلزال. الفاسدون يأبون الرحيل ... لقد باشر هذا الجهاز الرجعي الفاسد تحركاته في تيفلت وفي الجماعات المحيطة بها وفي الخميسات وضواحيها وفي والماس.. وحينما كانت القوى الوطنية الجادة وذات الأصل والتاريخ تقيم الندوات والتجمعات لتشرح للناس مقتضيات الدستور الجديد، ولتحثهم على المشاركة في إنجاح مسلسل الإصلاحات السياسية، كان أباطرة الجهاز المذكور يمارسون الترغيب للناس، ويبحثون عن «الضمانات» لمواصلة السيطرة على مقاعد التمثيل، وبالتالي الاستمرار في جر المنطقة، ومعها البلاد إلى الخلف. الأمر يتعلق إذن برموز فاضحة من عهد الفساد وزمن الرصاص، وكونهم اليوم يواصلون ذات الرعونة، وذات الممارسات، فإن هذا يجعل ثقة الناس تغيب ورغبتهم في المشاركة تختفي، وكأن الأوضاع بقيت كما هي، وكأن حتى احتجاجات شباب المدينة كل أسبوع لم تصلهم أصداؤها وشعاراتها. الفاسدون يلعبون بالنار... وكأن هؤلاء لم يكفهم ما فعلوه بالمدينة وأهلها طيلة سنوات، ولم يكفهم كون المدينة المحاذية لعاصمة البلاد، تبدو كما لو أنها تنتمي للقرن الحجري، هم اليوم يواصلون مص ما تبقى ونهب ما تبقى وقتل كل الأحلام.. إن رموز الفساد المعروفة وجوههم وأسماؤهم لدى ساكنة تيفلتوالخميسات، يوجد أمثالهم في مدن ومناطق أخرى من البلاد، وهم أيضا شرعوا من الآن في تحصين الدوائر والمقاعد، وهذا ما يتطلب اليوم انتباها أكثر حزما وصرامة من لدن السلطات الإدارية المعنية بالانتخابات، وحرصا منها على تقوية شروط الثقة لدى الناس، بكون المغرب تغير وبأن الزمن صار مختلفا. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته