كل تراجع عن المكتسبات يعد إجهاضا لمشروع النهوض بالأمازيغية حزب التقدم والاشتراكية يلتزم بوضع كل إمكانياته السياسية رهن إشارة المكونات الأمازيغية المنخرطة في عملية أجرأة المقتضيات الدستورية الجديدة المتعلقة بالأمازيغية قيم الديمقراطية والحرية والحداثة وحقوق الإنسان في صلب نضال الحركة الأمازيغية التأمت بمدينة إفران نهاية الأسبوع الماضي (19 و20 غشت الجاري) الدورة الثانية للملتقى الوطني بين حزب التقدم والاشتراكية وفعاليات وتنظيمات أمازيغية حول «الأمازيغية والدستور»، افتتحه الأمين العام للحزب محمد نبيل بنعبد الله بكلمة جدد فيها التعبير عن الموقف الإيجابي لحزب التقدم والاشتراكية من مقتضيات الدستور الجديد، لا سيما ما يتعلق بدسترة اللغة الأمازيغية والاعتراف بها كلغة رسمية للبلاد إلى جانب اللغة العربية.. مذكرا بالنضال الذي خاضه الحزب من أجل هذا الترسيم ومواجهة كل أشكال التشويش التي مورست ضد الأمازيغية لغة وثقافة وهوية خلال الدينامية السياسية التي عرفتها مرحلة المراجعة الدستورية، بحيث لم يكن الأمر هينا أمام هيمنة الآلة الأيديولوجية «العروبية» التي كانت سائدة والتي كانت تؤطر الفكر الثقافي والسياسي المغربي إلى الأمس القريب. ونوه نبيل بنعبد الله بالحراك الذي أبانت عنه مكونات الحركة الأمازيغية أثناء الإعداد للدستور الجديد والذي شكل ضغطا قويا وسندا أساسيا للقضية الأمازيغية... وعن أهداف الملتقى الوطني الثاني بإفران الذي سبقه ملتقى أول بالرباط في شهر يونيو المنصرم، قال بنعبد الله بأنها تتلخص في أمرين أساسيين؛ يتعلق الأمر الأول بضرورة مواصلة النضال الديمقراطي المشروع من أجل صيانة المكتسبات والمزيد من إحقاق الحقوق للغة والثقافة الأمازيغية التي عانت إقصاء وتهميشا لما يزيد عن نصف قرن، وتكثيف التنسيق والتعاون في هذا الموضوع وبالأخص عندما بدأت تظهر على السطح بعض رموز النكوصية التي تريد أن ترجع بنا إلى الماضي، يقول بنعبد الله، والتي لم يرقها ما حققته الأمازيغية من مكتسبات جديدة على المستوى الدستوري، وبالتالي بدأت تتبلور معالم جديدة لجيوب مقاومة من نوع آخر، تدعو إلى الرجوع إلى الصفر وكأننا لم نبدأ بعد، ضاربة عرض الحائط كل ما تم إنجازه من قبل الدولة والمجتمع سواء في مجال إدماج الأمازيغية في التعليم، أو في مجالات الإعلام والاتصال، أو في مجال اعتماد حرف تيفيناغ، أو ما تحقق في ميدان البحث العلمي والعمل الثقافي وغير ذلك من الحقول التي تقدم فيها العمل وتطور بشكل ملموس. فمن باب العدمية، يضيف الأمين العام، أن نتراجع إلى الوراء بدعوى انتظار إعداد القوانين التنظيمية التي ينص عليها الدستور. وهذا هو الأمر الثاني الذي ألح عليه الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، بحيث دعا المشاركين إلى الانكباب من الآن على التفكير في صياغة مشاريع تتعلق بالقوانين التنظيمية لمأسسة وتأهيل ترسيم اللغة الأمازيغية، وكذا ما يتعلق بإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية الذي ينص عليه الدستور، والتدقيق في اختصاصاته وصلاحياته، ومكوناته.. واعتبار لجنت التنسيق والتتبع المنبثقة عن ملتقى الرباط فضاء لتعميق التشاور وتدقيق العمل وقوة اقتراحية عليها أن تبادر بدون أن تنتظر اقتراحات الجهات الحكومية والتشريعية... وهكذا، وطيلة يومي الجمعة والسبت 19 و20 غشت الجاري اشتغل الملتقى على إيجاد صيغ كفيلة بتعزيز المكتسبات وصيانتها وكذا التفكير في مفردات القوانين التنظيمية اللاحقة كما ينص على ذلك الدستور، وفي نهاية الأشغال انبثقت عن الملتقى لجنتان للعمل. تختص الأولى بمجال الترافع والاتصال بينما تنكب الثانية على إعداد مشاريع القوانين التنظيمية. وتوجت أشغال الملتقى بإصدار البيان الختامي التالي: اجتمع حزب التقدم والاشتراكية مع فعاليات وتنظيمات أمازيغية في إطار الملتقى الوطني الثاني حول الأمازيغية والدستور المنعقد بإفران يومي الجمعة 19 والسبت 20 غشت 2011، وذلك في نطاق مواصلة عمل لجنة التنسيق بين الحزب ومكونات من الحركة الأمازيغية المنبثقة عن الملتقى الوطني الأول بالرباط الملتئم يوم الأربعاء فاتح يونيو 2011، والذي انعقد بناء على اقتناع راسخ بضرورة تكامل الجهود والعمل، في إطار استقلالية كل طرف، على التعاون والتنسيق من أجل ضمان المكانة اللائقة بالأمازيغية داخل المؤسسات. وقد تدارس المشاركون في هذا الملتقى الوطني الثاني موضوع إدراج اللغة الأمازيغية، باعتبارها لغة رسمية للبلاد، في كافة مناحي الحياة العامة، والتفكير في مرتكزات القانون التنظيمي الخاص بها، كما تناولوا كل القضايا والإشكاليات ذات الصلة بهذا الموضوع، سواء منها المتعلقة بالعراقيل التي تعترض عملية الإدراج وأولوياتها، أو بالرهانات المستقبلية للغة الأمازيغية والمرتبطة بمسلسل تفعيل طابعها الرسمي ومأسستها، وخلصوا بالإجماع إلى المواقف والمرتكزات والتوجهات التالية: 1 يعبر المشاركون في الملتقى عن تضامنهم التام والمبدئي مع ثورة الشعب الليبي، ومساندتهم للمجلس الوطني الانتقالي من أجل المضي نحو بناء الديمقراطية ودولة القانون، وإنصاف كل المظلومين من ضحايا المرحلة البائدة وعلى رأسهم أمازيغ ليبيا، والعمل في إطار ذلك على ترسيم اللغة الأمازيغية في الدستور الليبي وإعادة الاعتبار للهوية والثقافة الأمازيغيتين. 2 إنّ أجرأة مقتضيات الدستور المتعلقة بترسيم الأمازيغية وإقرارها كمكون جوهري للهوية الحضارية والثقافية المغربية، هو أمر لا يقلّ أهمية عن كل الأوراش الأخرى، مما يقتضي الشروع في تنفيذه بالنظر إلى انتظارات المجتمع وإلى التأخير الحادث في مجال النهوض بالأمازيغية منذ سنوات طويلة، وكذا كثرة الإجراءات والتدابير المنتظر القيام بها، وكل تأجيل أو تباطؤ في تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية سيعتبر استمرارا للميز ضد هذا المكون الوطني. 3 إن القانون التنظيمي الخاص باللغة الأمازيغية ينبغي أن يحدّد كيفيات إدراجها في كل المجالات بناء على التراكمات الحاصلة في السنوات الماضية، والتي تمخضت عن العمل داخل مؤسسات الدولة وفي إطار سياستها المعلنة رسميا، ورسخت مبادئ للنهوض بالأمازيغية هي الإلزامية والتعميم والتوحيد واعتماد حرف تيفيناغ، وكل تغيير لهذه المبادئ الأربعة أو مسّ بإحداها يعدّ تراجعا عن التزامات الدولة وإجهاضا لمشروع النهوض بالأمازيغية. 4 إن القانون التنظيمي الخاص بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية ينبغي أن يوضع في انسجام تام مع المبادئ والتوجهات التي يتضمنها القانون التنظيمي الخاص بالأمازيغية، وذلك من أجل تفادي التناقضات وتحصين المكاسب ووضع السياسات الناجعة للنهوض بالأمازيغية. 5 إنّ نظام الأولويات الذي سيخضع له مسلسل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، ينبغي أن يراعي أسبقية المجالات التي تحققت فيها مكتسبات سابقة مثل التعليم والإعلام على وجه الخصوص، وذلك بهدف توفير أسباب نجاحها وإزالة العوائق التي عرقلت إدراج الأمازيغية فيها خلال السنوات العشر المنصرمة، كما أنّ مجال الفضاء العمومي وواجهات المؤسسات يحتل مرتبة الصدارة في برنامج الأولويات، حيث من الضروري تسريع وتيرة استعمال الحرف الأمازيغي تيفيناغ في العلامات المتعلقة بأسماء الأعلام والأماكن وواجهات المؤسسات العمومية والشبه عمومية بدون تأخير، وتصحيح كتابة أسماء الأماكن المحرّفة في العلامات الطرقية وغيرها، علاوة على حماية الإرث المادي والمآثر التاريخية المهدّدة. ويأتي بعد المجالات المذكورة مجال الداخلية والعدل والصّحة ثم الإدارة العمومية، مما يستوجب الشروع في تكوين الأطر في اللغة الأمازيغية في كل الإدارات المذكورة استعدادا لتحقيق إدراجها التام في المصالح الإدارية على مراحل ووفق جدولة زمنية معقولة. 6 ضرورة النهوض بالأمازيغية في إطار نظرة شمولية تراعي بجانب الحقوق اللغوية والثقافية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية كحماية الملكية الجماعية والأراضي والموارد، وحماية البيئة. 7 الحرص على احترام تمثيلية الفاعلين من الحركة الأمازيغية في المجالس الاستشارية، من أجل تمكينهم من الإسهام في وضع البرامج والخطط الكفيلة بإنجاح الانتقال نحو الديمقراطية اعتمادا على نظرة شمولية تعتبر كل مكونات الشخصية المغربية. 8 ضرورة الحرص في الخطاب الرسمي للدولة المغربية على استعمال المفاهيم التي أرساها الدستور المغربي، وعدم استعمال المفاهيم والمصطلحات الإقصائية كعبارة «المغرب العربي» و»الوطن العربي». 9 يدعو المجتمعون جميع الأحزاب السياسية المغربية والنقابات والجمعيات والمقاولات والشركات إلى استعمال اللغة الأمازيغية على واجهات مقراتها وفي مراسلاتها ولقاءاتها وجميع أنشطتها باعتبارها لغة رسمية للبلاد بجانب اللغة العربية. 10 يعتبر المجتمعون أن قراءات الدستور وتأويلاته لا ينبغي أن تخرج عن روحه وعن أهداف تمتين البناء الديمقراطي، وكل تأويل غير ديمقراطي للدستور ينبغي أن يعتبر خرقا لهذا الأخير. وقد اتفق المشاركون في ملتقى إفران على ضرورة مواكبة مراحل صياغة القانون التنظيمي الخاص بالأمازيغية والعمل على جعله يستجيب لمتطلبات الوضع الرسمي للغة الأمازيغية في الدستور، وكذا على الإسهام في النقاش العمومي عبر القيام بحملة تحسيسية بهدف التعريف بمكاسب الأمازيغية في كل المجالات من أجل الحفاظ عليها، وبالجهود المبذولة التي ينبغي رسملتها وتطويرها لضمان التفعيل الأمثل لمضامين الدستور المتعلقة بالأمازيغية. ومن أجل تفعيل أمثل للتنسيق التشاركي المتواصل بين حزب التقدم والاشتراكية ومكونات من الحركة الأمازيغية الأعضاء في لجنة تتبع مسلسل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، والمنبثقة عن ملتقى الرباط، وحتى يتمكن كل طرف من الإسهام الفعّال في كل الأوراش المفتوحة لتنزيل المقتضيات الدستورية الجديدة المتعلقة بالأمازيغية، فإن حزب التقدم والاشتراكية يلتزم بوضع كل إمكانياته السياسية، ومنها فريقاه في البرلمان ووسائله الإعلامية واللوجستيكية وإشعاعه الفكري والسياسي، رهن إشارة المكونات الأمازيغية المنخرطة في عملية أجرأة المقتضيات الدستورية الجديدة المتعلقة بالأمازيغية، واشتغاله على هذا الملف بتنسيق تام مع هذه المكونات، التي تلتزم بدورها بدعم مبادرات الحزب ذات الصلة بالأمازيغية، ونضاله السياسي والفكري والثقافي من أجل الديمقراطية والحرية والحداثة وحقوق الإنسان بمعناها الشمولي، باعتبارها قيما في صلب نضال الحركة الأمازيغية.