التوقيع على بيان مشترك بين حزب التقدم والاشتراكية وفعاليات الحركة الأمازيغية نبيل بنعبد الله: نحن مقتنعون بأنه سيتم التعامل الإيجابي مع مطلبنا المشترك في دسترة الأمازيغية كلغة رسمية لجنة وطنية منفتحة بين الحزب والحركة الأمازيغية لتتبع أجرأة دسترة الأمازيغية بالرصد والاقتراح أعلن الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، محمد نبيل بنعبد الله، عن تشكيل لجنة وطنية بين الحزب ومختلف مكونات الحركة الأمازيغية من أجل متابعة أجرأة ترسيم اللغة الأمازيغية في الوثيقة الدستورية المقبلة، وسيكون من مهام هذه اللجنة رصد وتتبع تفعيل ترسيم اللغة الأمازيغية في الدستور وتقديم مقترحات في هذا الاتجاه، من خلال تنظيم حملات تحسيسية. وعبر نبيل بنعبد الله، في افتتاح الملتقى الوطني حول «الأمازيغية في الوثيقة الدستورية أي رهان وأي أجرأة» الذي نظم عشية أول أمس الأربعاء بمشاركة فعاليات وأطر من الحركة الأمازيغية، عن استعداد حزب التقدم والاشتراكية، كما عهد على ذلك، لاستثمار إمكانياته السياسية لتكوين هذه اللجنة الإجرائية، معربا على انخراطه بكل قواه في الدفع بها للقيام بالدور المنوط بها. وقال نبيل بنعبد الله إن الهدف من وراء الملتقى هو حشد الدعم والتأييد لمطلب دسترة الأمازيغية كلغة رسمية في الدستور، وتوحيد رؤى مختلف مكونات الحركة الأمازيغية، من أجل أجرأة ذلك، وإدماج هذه اللغة في الحياة العامة، مشيرا إلى هذه المبادرة التي يقدم عليها حزب التقدم والاشتراكية تتغيى التشاور والتنسيق مع الفاعلين الأمازيغيين، مشددا في ذات الوقت على يقينه بأن كل ما سينبثق عن الملتقى سيهم كل مكونات الحركة الأمازيغية. ودعا الأمين العام في كلمته إلى ضرورة توحيد المواقف، وخوض معركة موحدة لضمان الحماية الدستورية للغة الأمازيغية، وإلزام الدولة بالتالي بتفعيل مضامين الدستور. مبرزا أن هذه المعركة بقدر ما هي معركة حقوقية فهي كذلك معركة سياسية، مذكرا أن الأمازيغية كان لها حضور دائم في صلب اهتمامات حزب التقدم والاشتراكية وفي عمق أدبياته ووثائقه، وأن الأمر يحتاج في الوقت الحاضر إلى دعم ومساندة مكونات الحركة الأمازيغية لتدعيم موقفه المبدئي، وضمان الانتصار السياسي للقضية الأمازيغية ببلادنا. وتوج هذا الملتقى الوطني، الذي ترأسه الحسين الشعبي عضو اللجنة المركزية والمنسق الوطني لقطاع الثقافة والاتصال، بالتوقيع على بيان مشترك بين حزب التقدم والاشتراكية ومكونات الحركة الأمازيغية حول التصورات الكفيلة بإدماج الأمازيغية في الحياة العامة، والذي استحضر الرهانات المطروحة حاليا والمتمثلة في دسترة الأمازيغية، ولاحقا، في الأجرأة والتنفيذ. واعتبر هذا البيان الموجه إلى الرأي العام، أن إدراج الأمازيغية، لغة وثقافة وهوية، في مجالات التعليم والإعلام والعدل والمجال السوسيو ثقافي والشأن المحلي والجهوي، وكل القطاعات الحيوية، لا يمكن أن يتم بشكل طبيعي ويحقق النجاح المطلوب دون توفير الضمانات القانونية التي يخولها الدستور باعتباره القانون الأسمى للبلاد، واعتبر البيان كذلك أن الدستور ينبغي أن يقر بكل مكونات الهوية الوطنية، وفي صدارتها الأمازيغية، باعتبارها العنصر الحضاري الأصلي الذي عمل على مدى آلاف السنين على صهر مختلف المكونات والتوليف بينها بشكل متناغم حافظ على الخصوصية المغربية عبر التاريخ. معتبرا أن الاعتراف بتعددية روافد الهوية المغربية سيكون بمثابة إعادة تأسيس لمفهوم الوطنية المغربية، وإعادة التوازن والانسجام إلى الشخصية الوطنية، ونقل الشعور بالانتماء لدى المواطنين من الأحادية الاختزالية إلى المنظور التكاملي لضمان مزيد من التلاحم والتضامن الوطنيين. وشدد البيان المشترك الذي وقعه كل من الأمين العام، محمد نبيل بنعبد الله، وأحمد عصيد عن المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات، وأحمد أرحموش، عن الشبكة الأمازيغية للمواطنة «أزطا»، ومحمد الشامي عن كنفدرالية الجمعيات الأمازيغية بالشمال، وحسن إذ بلقاسم عن جمعية تماينوت، وزبيدة فضايل عن تنسيقية أميافا للجمعيات الأمازيغية بوسط المغرب، والحسين وعزي عن الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، على ضرورة التنصيص في الدستور المقبل على اللغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، تحقيقا للمساواة بين كافة المغاربة، لتوفير كل فرص النماء والتطور لهما معا، باعتبارهما إرثا مشتركا لكل المغاربة. ودعا البيان إلى ضرورة التنصيص في الوثيقة الدستورية على وجوب إتاحة كل الإمكانيات والوسائل الضرورية للتهيئة الشروط المطلوبة لجعل الأمازيغية تقوم بوظائف اللغة الرسمية في كل مناحي الحياة العامة، وتجاوز التهميش الذي طالها على مدى عقود طويلة. وخلص البيان إلى ضرورة دسترة مبدأ حماية الهوية والثقافة الوطنية المادية والرمزية بكل مكوناتها، من أجل ضمان أجرأة التدابير المدسترة ومتابعة تنفيذها. وأكد محمد صلو باسم المعهد الملكي للثقافة الأمازيغة أن اللغة الأمازيغية تتوفر على الأهلية الكاملة، علميا وتقنيا، لاعتمادها لغة رسمية في الدستور المغربي، مذكرا بما قام به المعهد لمعيرتها وتوحيدها على نحو تدرجي منذ 2002، باعتماد منهجية تقوم على المبادىء والأعراف والطرائق المعمول بها عالميا في مجال علوم التهيئة اللغوية. وبسط مختلف النتائج المحققة، منها تهيئة بنيات اللغة على أساس المتغيرات اللهجية للأمازيغية، وتقعيد منظومة حروف تيفناغ وتنميطها، وتصديقها دوليا، وتدريس اللغة الأمازيغية المعيار. بالإضافة إلى إصدار المعهد لمجموعة من المؤلفات المرجعية، في النحو والمعاجم، علاوة على الدعامات البيداغوجية. وأوضح محمد صلو أنه يتم تأصيل اللغة المعيار وترسيخها على نحو تدرجي في مجالات التعليم الابتدائي والعالي وفي الإعلام والإنتاج الثقافي وفي الممارسات والمعاملات الاجتماعية. واعتبر أحمد أرحموش في كلمته باسم الشبكة الوطنية من أجل المواطنة (شبكة أزطا)، أن ترسيم اللغة الأمازيغية مطلب لا محيد عنه، في ظل الظروف الحالية، مطالبا بتكثيف الجهود من أجل الضغط للوصول إلى الهدف الأسمى، الذي يمكن من إعطاء انطلاقة حقيقية لرد الاعتبار لمكون الهوية الأمازيغية. وطالب أرحموش بضرورة مراجعة الظهير المنظم للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الذي لم يعد يلعب الدور المنوط به، في أفق جعله مؤسسة قادرة على النهوض بالأمازيغية- هوية وثقافة ولغة، وتمتيعها بصلاحيات واسعة ومن جهته عبر أحمد عصيد رئيس المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات، عن تفاؤله من كون اللغة الأمازيغية ستكون لغة رسمية في الدستور المقبل. وقال عصيد في هذا الصدد «أنا متفائل أن اللغة الأمازيغية ستكون لغة رسمية في الدستور المقبل، وأن كل المعطيات تؤشر على ذلك»، واعتبر الناشط الأمازيغي أنه في حالة كان الدستور عكس هذا التوقع فإن مسؤولي الدولة سيكونون عديمي الحكمة. وأوضح أحمد عصيد أن غالبية المذكرات التي تقدمت بها الأحزاب السياسية والهيئات الحقوقية والمدنية طالبت بترسيم اللغة الأمازيغية، وبالتالي، يضيف عصيد «ليس مسموحا لأي طرف أن يغصب الأمازيغية هذا الحق». وأوضح أحمد عصيد أن ترسيم اللغة الأمازيغية في الدستور لا يختزل فقط في جانبه اللغوي بقدر ما يتجاوزه ليشمل موضوع القيم الأمازيغية التي ستجعل المغاربة يتصالحون مع العالم، وستصلح الشرخ الذي وقع في الدولة منذ سنة 1956. ووصف عصيد أن لجنة المتابعة التي اقترحها حزب التقدم والاشتراكية على الملتقى، ب «الإيجابية» مشيرا إلى أن هذا المقترح ظل يشغل بال الحركة الأمازيغية، لأن المعضلة في نظره هو كيفية المتابعة والرصد لما بعد الدسترة، من أجل تشكيل قوة ضغط حول آليات الأجرة والتفعيل. وذكر أحمد عصيد الذي وصف مبادرة حزب التقدم والاشتراكية ب «القيمة» أن مواقف الحزب كانت دائما إلى جانب القضية الأمازيغية في مختلف الواجهات والمستويات، سواء تعلق الأمر بالتعليم أو بالأسماء الأمازيغية، مشيرا إلى أن حزب التقدم والاشتراكية في البرلمان هو من تصدى لمشروع قانون اقترحته أحد الفرق البرلمانية لتجريم الكتابة بالأمازيغية. بدوره، أفاد محمد الشامي رئيس كونفدرالية الجمعيات الأمازيغية بالشمال، أن النقاش السياسي الذي كان داخل حزب التقدم والاشتراكية حول الأمازيغية هو نفسه النقاش الذي كان يعتمر المتجع المدني والحركة الأمازيغية. وأكد محمد الشامي أن حزب التقدم والاشتراكية، ظل رائدا في طرحه للمسألة الأمازيغية، التي شكلت لديه هاجسا باستمرار وليس مجرد مسألة للاستهلاك. وأوضح الشامي، أن ترسيم اللغة الأمازيغية أصبح ضرورة ملحة من أجل تأهيلها وحمايتها قانونيا، مبرزا أنه لا يمكن الحديث عن أي شيء آخر غير جعل اللغة الأمازيغية لغة رسمية في الدستور . كما دعا محمد الشامي إلى إعمال الميز الإيجابي في التعامل مع الأمازيغية لأنها ضحية التهميش منذ عدة قرون، مشيرا إلى أن الميز الإيجابي هو نوع من جبر الضرر الجماعي ورد الاعتبار. وفي ذات السياق اعتبرت الناشطة الأمازيغية زبيدة أفضايل عن تنسيقية أميافا، أن الميز الإيجابي في التعامل مع الأمازيغية، سيمكن من تدارك الهوة التي خلفت تهميش البعد الأمازيغي في الحياة العامة سواء القضاء أو التعليم أو الإعلام. وأكدت المتدخلة على دسترة سمو المواثيق الدولية على التشريع الوطني وتفعيل كل الاتفاقيات التي وقع عليها المغرب خاصة تلك المتعلقة بالحقوق اللغوية والثقافية، وإقرار الحماية القانونية للغة والثقافة الأمازيغية وإدماجها في القضاء. من جانبه، أفاد الحسين أموازي عن جمعية تامينوت، أن دسترة الأمازيغية كلغة رسمية وضمان الحماية القانونية لها، يعتبر امتحانا حقيقيا للدولة المغربية، للتعبير عن الإرادة السياسية الفعلية للانتقال إلى دستور ديمقراطي يعبر عن تطلعات الشعب المغربي برمته، وأبرز المتحدث أن ترسيم الأمازيغية وضمان الحماية القانونية، سيجعل المغرب يتفاعل بشكل إيجابي مع مقوماته. وبخصوص مرحلة ما بعد الدستور دعا الحسين أموازي، إلى ضرورة توفير الموارد البشرية والمالية من أجل ضمان الشروط الملائمة للوضع الجديد، بالإضافة إلى إحداث مجلس وطني للأمازيغية وإعادة النظر في الظهير المؤسس للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والارتقاء به إلى مستوى مؤسسة وطنية مستقلة، وإحداث مديريات داخل الوزارات تعنى بالشأن الأمازيغي، ولم لا التفكير في إحداث وزارة خاصة تسهر على إدماج الأمازيغية في الحياة العامة. وذهب عماد المنياري عن الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، إلى اعتبار الميز الإيجابي في التعامل مع الأمازيغية، إنصافا لها ورد الاعتبار للهوية الوطنية، مشيرا إلى أن المرحلة المقبلة تقتضي تثمين التراكم المعرفي والعلمي الذي أنجزه المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية والذي مكن المغرب من مراكمة خبرة في هذا المجال جعلته لا ينطلق من الصفر. من جانب آخر، دعا ممثل جمعية البحث والتبادل الثقافي حزب التقدم والاشتراكية إلى القيام بمجهود إضافي من أجل إقناع محيطه السياسي المتمثل في أحزاب الكتلة واليسار. وطرح رشيد رخا، ناشر جريدة العالم الأمازيغي ومسؤول مؤسسة «مونتغوميري هارت» للدراسات الأمازيغية، مجموعة من الإشكالات التي يتعين الإجابة عليها في مرحلة ما بعد المراجعة الدستورية بما فيها احتمال عدم إدراج اللغة الأمازيغية كلغة رسمية، وبالتالي يضيف الرخا يجب التعامل بحذر مع هذه المرحلة.