تمت الموافقة على أول موانع حمل هرمونية في شكل أقراص من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية في عام 1960. ومنذ ذلك الحين، أصبحت موانع الحمل الهرمونية واحدة من أكثر الأدوية الموصوفة في العالم، وتستخدم يوميا من قبل أكثر من 100 مليون شخص في جميع أنحاء العالم. وتمنع هذه الأدوية الحمل عن طريق إيصال الهرمونات الاصطناعية إلى مجرى الدم. وتمنع هرمونات الجسم من تحفيز الإباضة، لذلك لا يتم إطلاق البويضات، ولا يمكن حدوث إخصاب، ويمنع الحمل. وأظهرت الأبحاث أن الهرمونات التي تحدث بشكل طبيعي لها تأثير قوي على السلوك لدى البشر والحيوانات الأخرى. ولكن لا يُعرف الكثير عن التأثيرات السلوكية للهرمونات الاصطناعية مثل تلك الموجودة في حبوب منع الحمل. وترتبط بعض الهرمونات التي تتأثر بحبوب منع الحمل بالسلوك التنافسي. وأرادت ليندسي آرثر، مرشحة لنيل درجة الدكتوراه في كلية ملبورن للعلوم النفسية، وكاثلين كاستو، أستاذة مساعدة في علم النفس، نيو كوليدج بفلوريدا، وخانديس آر بليك، محاضر في علم النفس بجامعة ملبورن، معرفة المزيد حول كيفية تغيير موانع الحمل الهرمونية لهذا السلوك، لذلك قاموا بمراجعة جميع الأبحاث التي يمكن إيجادها حول موانع الحمل الهرمونية والسلوك التنافسي. الهرمونات التي تحدث بشكل طبيعي لها تأثير قوي على السلوك لدى البشر والحيوانات الأخرى ولكن لا يُعرف الكثير عن التأثيرات السلوكية للهرمونات الاصطناعية وتعد المنافسة جزءا من الحياة، حيث يتنافس الأفراد على مجموعة متنوعة من الموارد، مثل المال والطعام والأصحاب والحلفاء، لتلبية احتياجاتهم وتحسين فرصهم في البقاء والازدهار. وقد تكون هذه الموارد أيضا أشياء غير ملموسة، مثل الوضع الاجتماعي، الذي يتيح لهم الوصول إلى المزيد من السلع المباشرة. وقد يتمتع الفرد ذو المكانة العالية بفرص أفضل للتعليم والوظائف، على سبيل المثال. وتؤثر موانع الحمل الهرمونية بشكل مباشر على ثلاثة هرمونات تم ربطها بالسلوك التنافسي: التستوستيرون، والبروجسترون، ونوع من هرمون الإستروجين يسمى استراديول. ولفهم دور موانع الحمل الهرمونية في المنافسة، قام الباحثون بمراجعة 46 دراسة، بإجمالي 16290 مشاركة. وكان هذا كل الأبحاث المنشورة المتاحة والتي تضمنت مقياسا للمنافسة. وكانت إحدى النتائج أن موانع الحمل الهرمونية قد يكون لها تأثير على دافع المرأة وقدرتها على تحقيق مكانة أعلى. وتظهر إحدى الدراسات تأثير انخفاض دافع الإنجاز. وأظهرت دراسة أخرى انخفاض الأداء في المهام التي تتطلب المثابرة. وهذا مقلق لأن الناس غالبا ما يحققون مكانة أعلى من خلال إظهار المهارة أو الإتقان. ومن المثير للاهتمام، أن تأثير موانع الحمل الهرمونية على التزاوج والقدرة التنافسية القائمة على الحالة يعتمد على حالة علاقة المشاركين. وعلى سبيل المثال، كشفت إحدى الدراسات أن استخدام موانع الحمل الهرمونية قلل من القدرة التنافسية المبلغ عنها ذاتيا للنساء في العلاقات ولكن ليس النساء العازبات. وقد يعني هذا تأثير الهرمونات الاصطناعية على النساء غير المتزوجات والشريكات بشكل مختلف. ومن ناحية أخرى، قد يعني ذلك أيضا أن النساء العازبات والشريكات لديهن اختلافات أخرى تؤثر على هذه السلوكيات. ويشير الخبراء إلى أنه من المهم ملاحظة أن الاختلافات السلوكية بين أولئك اللاتي يستخدمن موانع الحمل الهرمونية واللاتي لا يستخدمنها كانت صغيرة بشكل عام. كما أشارت دراسة ألمانية إلى أن حبوب منع الحمل تسبب تغيرات عاطفية خفية في عقل المرأة؛ ما يجعلها أقل قدرة بنسبة 10 في المئة من قراءة تعبيرات وجه الآخرين. وحذّرت الدراسة من أن حبوب منع الحمل رغم أهمية استخدامها وانتشارها، لكنها تقلل من قدرة المرأة على قراءة مشاعر الآخرين ويمكن أن تؤثر على علاقاتها. وذكرت الدراسة أن أكثر من 100 مليون امرأة حول العالم يستخدمن حبوب منع الحمل، لكن لا تعرف الكثيرات عن آثارها على العاطفة والإدراك والسلوك. ومع ذلك، تشير النتائج إلى أن موانع الحمل التي تؤخذ عن طريق الفم تقلل من القدرة على التعرف على التعبيرات الانفعالية للآخرين، مما قد يؤثر على قدرة المستخدمات على الحفاظ على علاقاتهن الشخصية. واستعرض الباحثون آلاف الدراسات التي تدرس العلاقة بين وسائل منع الحمل والصحة العقلية، وشملت هذه الدراسات طرقًا مختلفة لمنع الحمل، بما في ذلك الحقن والحبوب. ولتحديد الآثار الجانبية العاطفية لوسائل منع الحمل، حلل العلماء بيانات 42 امرأة ممن تناولن الحبوب مقارنة ب53 امرأة أخرى لم يتناولنها. وفي حين كانت قدرة المجموعتين جيدة على حد سواء في التعرف على التعبيرات السهلة، فإن مستخدمات حبوب منع الحمل كن أقل قدرة على تمييز التعبيرات الصعبة بشكل صحيح. ويؤكد الخبراء أن الأبحاث الحالية حول تأثير موانع الحمل الهرمونية تعاني من قيود منهجية مهمة. واستخدمت واحدة فقط من الدراسات التي راجعها الباحثون، تجارب معاشة ذات شواهد، وهي المعيار الذهبي لتحديد تأثير دواء أو علاج معين. والعديد من الدراسات أيضا لم تأخذ في الحسبان الاختلافات الأخرى بين مستخدمات موانع الحمل الهرمونية وغير المستخدمات، مثل العمر. وهذه عوامل يمكن أن تفسر الاختلافات السلوكية بشكل مستقل عن الهرمونات وموانع الحمل الهرمونية. وتجعل أحجام العينات الصغيرة في الكثير من البحث من الصعب التعميم على مجموعة سكانية أوسع. ولم تذكر العديد من الدراسات أيضا أنواع موانع الحمل الهرمونية التي يستخدمها الناس. وهذا يجعل من المستحيل تحديد ما إذا كانت جميع أنواع موانع الحمل مرتبطة بنتائج مماثلة. وعلى الرغم من 60 عاما من الاستخدام الواسع، لا تزال آثار موانع الحمل الهرمونية غير مفهومة جيدا. كما أنها تستخدم أيضا لأغراض عديدة بخلاف تحديد النسل، مثل تقليل أعراض ما قبل الحيض، أو حل الاختلالات الهرمونية، أو تقليل أعراض حب الشباب وانتباذ بطانة الرحم.