تواصل مبعوث الولاياتالمتحدة وسفيرها لدى ليبيا ريتشارد نورلاند هاتفيا مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة ورئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب فتحي باشاغا في خضم التوتر العسكري والاشتباكات بين عدد من الكتائب في العاصمة طرابلس. وقال نورلاند في سلسلة تغريدات على حساب السفارة بتويتر "لقد شجعتني مكالمات مساء الأحد مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية الدبيبة وباشاغا وسماع أنّ كلا القياديين يلتزمان بتجنب العنف وإيجاد طرق لتهدئة الموقف في أعقاب الوفيات المأساوية الأخيرة". وتابع "لقد نقلت مخاوف عميقة من جانب باشاغا من أنّ حقوقه في التعبير السياسي تتعرض للتهديد، بما في ذلك من قبل الجماعات المسلحة، كما نقلت مخاوف الدبيبة بشأن الخطوات التي اعتبرها مزعزعة للنظام العام". وأضاف "أساس الخلافات بين الأطراف هو موضوع الشرعية الذي لا يمكن حلّه إلاّ من خلال الانتخابات. وناقشنا في كل مكالمة الخطوات الممكنة التي يمكن اتخاذها لاستعادة الزخم نحو الانتخابات في أقرب وقت ممكن". والمكالمة تأتي بعد أيام من اشتباكات شهدتها العاصمة طرابلس ليلة الخميس والجمعة، كما تأتي أثناء وجود باشاغا بمصراتة، وما صاحب ذلك من توتر أمني في المدينة الثانية بغرب البلاد، وصل إلى حد الاشتباك بين قوات داعمة لباشاغا في مصراتة (لواء المحجوب) وأخرى تابعة للدبيبة (قوة العمليات المشتركة). والمواجهات التي اندلعت بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة بمناطق سكنية في طرابلس، جاءت على خلفية اختطاف جهاز الحرس الرئاسي أحد عناصر جهاز الردع وهو عصام هروس بمنطقة معسكر السعداوي، وذلك ردا على اعتقال "الردع" أحد عناصرها وهو أكرم دغمان، المتهم بقضايا قتل وخطف وتعذيب وابتزاز. ويرى مراقبون أن الدعوة للتهدئة التي يؤكد عليها الدبيبة وباشاغا لا تترجم على الأرض بفعل نفوذ كتائب غير منضبطة تتبع الطرفين وتعمل على توسيع نفوذها وخدمة مصالحها. وأشار باشاغا إلى اتفاقه مع السفير نورلاند على "الحاجة إلى العمل معا لوقف الاضطرابات الأخيرة"، قائلا على حسابه في تويتر "لقد أوضحت تماما أن العنف قد ارتكب من قبل حكومة منتهية الشرعية والولاية وخارجة عن القانون"، في إشارة إلى حكومة الدبيبة. وتابع باشاغا بالقول "لقد كررت أن الحلول الليبية وحدها القادرة على حل المشاكل الليبية بشكل مُرض، وأن الفساد والمفسدين لا يمكن أن يكونوا يوما مصلحين، وبيّنت حرصنا الحثيث على أمن وسلامة المدنيين وإجراء انتخابات حرة ونزيهة نتخلص من خلالها من عُصبة الفساد الجاثمة على الدولة الليبية والمعرقلة لنهضتها". وكان باشاغا المدعوم من البرلمان بقيادة عقيلة صالح منع برفقة عدد من أعضاء حكومته من البقاء في العاصمة الليبية بعد دخوله إلى طرابلس لمباشرة الحكم. وكانت "كتيبة النواصي" التابعة لوزارة داخلية حكومة الوحدة الوطنية أمنت دخوله واستضافته في مقرها، لكنها ووجهت بكتائب مسلحة أخرى داعمة للدبيبة ما أثار حالة من التوتر الأمني والترقب في العاصمة. لكن في الفترة الأخيرة ووسط أنباء عن إعادة تنظيم الجماعات المسلحة نتيجة الوضع السياسي الراهن دخل باشاغا مصراتة لأول مرة منذ تعيينه وهو ما مثل تحديا واضحا للدبيبة والجماعات الموالية له. ومثلت الاشتباكات الأخيرة التي جرت بين قوة الردع والحرس الرئاسي وأدت إلى سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى فصلا جديدا من محاولات الهيمنة على طرابلس وإعادة الترتيبات الأمنية داخلها. وتسعى الولاياتالمتحدة لإنهاء حالة التوتر إلى جانب الجهود الأممية حيث أفادت المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا ستيفاني ويليامز، عبر حسابها في تويتر السبت الماضي، أنها "دعت الخميس في إسطنبول لحضور اجتماع بضيافة الحكومة التركية حضره مسؤولون كبار من مصر وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا والولاياتالمتحدة". ويرى مراقبون أن العاصمة طرابلس وليبيا عموما تشهد تعقيدات كبيرة بفعل الانقسام السياسي والفلتان الأمني مع تعدد الكتائب المسلحة إضافة إلى التدخلات الأجنبية. ويدور في ليبيا خلاف حكومي بدأ منذ مارس الماضي بين الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية وباشاغا المكلف برئاسة حكومة جديدة من قبل مجلس النواب. ويرفض الدبيبة تسليم السلطة إلا لجهة منتخبة، فيما يصر باشاغا على استلام مهامه، معتبرا حكومة الدبيبة منتهية الولاية.