تواجه حكومة فتحي باشاغا تحديا كبيرا يتمثل في استلام السلطة من حكومة الوحدة الوطنية، التي يرفض رئيسها، عبد الحميد الدبيبة التنحي عن منصبه أو تسليم الحكم قبل إجراء انتخابات عامة في البلاد، وهو ما يؤشر، بحسب مراقبين، على أن الحسابات قد تدخل البلاد من جديد في متاهات خطيرة. صراع باشاغا والدبيبة، يزيد من غموض المشهد السياسي في ليبيا، وسط مخاوف من حدوث انقسام جديد في البلاد، قد ينتهي باندلاع صراع مسلّح، في وقت يحاول يحاول فيه باشاغا كسب رضى القيادة العامة للجيش الليبي من خلال التشكيل الحكومي. غير أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبدالحميد الدبيبة، رفض الخطوة، مؤكدا في تصريحات له أنه " يواصل عمله وفقا لخارطة الطريق من ملتقى الحوار"، معتبراً " خطوة تعيين البرلمان لباشاغا محاولة لدخول العاصمة طرابلس بالقوة"، مضيفا أن البرلمان الليبي "خرج عن خارطة طريق اتفاق جنيف". وفي ظل هذا الصراع بين باشاغا، و عبد الحميد الدبيبة، تنصل "المجلس الأعلى للدولة" من اتفاق مع مجلس النواب على التعديل الدستوري وحكومة الاستقرار، سعيا لتعطيل خارطة الطريق الليبية، حيث أعلن المجلس الذي يعتبر هيئة استشارية، اقتراح تشكيلَ لجنة مشتَركة مع مجلس النواب تتولى إعداد قاعدة دستورية خلال مدة أقصاها 31 مارس المقبل. وشهد المجلس الأعلى للدولة انقساما حيال قرارات البرلمان إلى معسكرين، حيث أكد حوالي 74 عضواً دعمهم لهذه الإجراءات وتأييدهم لرئيس الحكومة المكلف فتحي باشاغا، فيما أكد 54 عضواً اصطفافهم وراء رئيس حكومة الوحدة عبد الحميد الدبيبة ودعمهم لاستمراره، معتبرين أن إجراءات البرلمان بسحب الثقة منه باطلة. هذا الانقسام زاد من غموض المشهد السياسي في ليبيا، الذي يتجه لظهور حكومتين تتنازعان على الشرعية وتتنافسان على السلطة ومؤسسات الدولة، وسط مخاوف من اندلاع صراع مسلح في البلاد، ما سيؤدي إلى تأخير الانتخابات أكثر. وبالموازاة مع مضي مجلس النواب الليبي قدما في تنصيب حكومة جديدة، برئاسة فتحي باشاغا، بعدما أعلن عن جلسة الاثنين المقبل، يرجح أنه سيمنحها الثقة خلالها، على الرغم من إعلان المجلس الأعلى للدولة رفضه هذا الاتجاه لصالح عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة "الوحدة"، الذي جدد في المقابل تمسكه بالبقاء في منصبه، ودعا لإجراء انتخابات برلمانية. وضع ينذر بحالة سياسية متأزمة في ليبيا، تثير هواجس ومخاوف من انزلاق الأوضاع في البلاد مجددا، واندلاع صراع مسلح، خاصة بعد انتشار مليشيات مسلحة متنافسة في العاصمة طرابلس، مدعومة من تركيا وقطر. ويعود الصراع بين فتحي باشاغا، و عبد الحميد الدبيبة، منذ أن قرر البرلمان تكليف باشاغا بتشكيل حكومة جديدة تتولى الإعداد لانتخابات جديدة وتوحيد مؤسسات الدولة، في خطوة رفضها الدبيبة، الذي أكدّ أنّه لن يسلّم السلطة إلاّ لحكومة منتخبة، وهو ما زاد في تعقيد المشهد السياسي في البلاد المحتقن بطبعه، منذ فشل إجراء الانتخابات في شهر دجنبر الماضي.