إن الإعلام يلعب دورا كبيرا وجوهريا في توجيه سلوك المستهلك عموما، ونظرا للممارسة الإعلانية التي تكون عبر شبكة الأنترنيت، فقد جعلت المستهلك يتفاعل مع هذه المواقع الإعلانية بشكل كبير، خاصة أن بعض المنتجات أصبحت تلعب على الجانب الشكلي والتسويقي بدلا من جانب الجودة… في هذه الورقة العلمية سأحاول تسليط الضوء على ماهية سلوك المستهلك باعتباره ركنا مهما في العملية الاستهلاكية، ثم بيان مدى تأثير وسائل الإعلام على توجيه سلوكه، ثم الوقوف عند بعض التوجيهات التي تصوب مستوى الأداء الفعال باعتبار المستهلك جوهر وأساس أي مؤسسة تسويقية. ماهية سلوك المستهلك: يعتبر المستهلك ضمن التوجه التسويقي الحديث محور العملية التسويقية، وقد "تستخدم كلمة المستهلك لوصف نوعين من المستهلكين"(1) – المستهلك الفردي: وهو الذي يشتري سلعة أو خدمة للاستعمال الشخصي أو للاستعمال من قبل أحد أفراد أسرته. – المستهلك التابع للمنظمة: هو الفرد المسؤول داخل منظمة ما لشراء مواد خام أو معدات بهدف إدارة المنظمة… إن سلوك المستهلك هو ذلك التصرف الذي يبرزه المستهلك في البحث عن شراء أو استخدام المنتجات أو الأفكار أو الخبرات التي يتوقع أنها ستشبع رغباته وتلبي حاجاته وهذا حسب إمكانياته الشرائية المتاحة (2). وبالتالي يكون هذا السلوك ممارسة تفاعلية تتداخل فيها مجموعة من الأنظمة الفرعية التي تكمل العملية التسويقية؛ "لأن ما يميز مؤسسة عن أخرى درجة تبني الأفكار التسويقية من خلال اعتبار المستهلك جوهر وأساس المؤسسة، وبالتالي البحث والعمل على إرضاء حاجاته ورغباته عن طريق إنتاج منتجات تتماشى معه، وفهم كل العوامل المؤثرة فيه وبالتالي العمل على التحكم فيه وتوجيهه بالشكل الذي يتماشى مع أهداف المؤسسة" (3). التأثير الإعلامي في سلوك المستهلك: إن الإعلام يؤثر في العملية التسويقية بشكل قوي، بل يعد عنصرا مهما في توجيه سلوك المستهلك والتحكم فيه، بغرض تحقيق هدف معين؛ لأننا في عصر لا يخلوا أي بيت من وسيلة مرئية أو سمعية… وقد تساهم في إحداث التفاعل بين البائع والمشتري لحظة الشراء وإتمام الصفقة. وقد ساهم الإعلام في استثمار كل العوامل التي تؤثر في سلوك المستهلك سواء كانت ثقافية، اجتماعية، شخصية، نفسية… علما أن –الإعلام- "يقوم بالدور الإعلاني أي إمداد المستهلكين بالمعلومات عن السلع والخدمات وخلق الإدراك الكافي عنها لديهم من خلال وسائل واسعة الانتشار، كما يسعى إلى التعريف بالسلع والخدمات والتأثير في اتجاهات المستهلكين المرتقبين وإقناعهم بخصائص السلع والخدمات وحثهم على الاستجابة الشرائية"(4). لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ما هي الآثار السلبية والإيجابية للإعلام على توجيه سلوك المستهلك؟ التأثير الإيجابي للإعلام على سلوك المستهلك: إن الإعلام يساهم في تقنين ونشر الوعي لدى المستهلك تفاديا للتبذير واستهلاك منتجات مضرة وغير مفيدة، وذلك عن طريق وضع المعطيات أمام المستهلك بشكل واضح مما يجعله قادرا على تصحيح سلوكه أثناء العملية التسويقية؛ لأن الجودة في المنتج هي السبيل الوحيد لضمان استمراريته. التأثير السلبي للإعلام على سلوك المستهلك: يمكن لوسائل الإعلام أن تؤثر تأثيرا سلبيا على سلوك المستهلك من خلال الترويج لبعض المنتجات في قالب مغري ويجذب الانتباه، مما يجعل المشتري يقبل عليه بشكل رهيب دون العلم عن سبب شرائه بمجرد أنه وجد الكل يقبل عليه أو داع صيته وأنك بمجرد شراء ذلك المنتج فأنت مواكب للعصر… وذلك لا يتأتى إلا بوجود وسائط تسويقية تستغل الجانب العاطفي والنفسي للمستهلك. إن الإعلام يغير نمط أفكارك سلبا أو إيجابا وهذا معلوم، لذلك وجب عليك استحضار الوعي في جميع معاملاتك الاستهلاكية، لأنك في آخر المطاف أنت المستهدف والمحور في العملية التسويقية، وأي معاملة تزيد من ردود المؤسسة التسويقية ويكون أداؤها فعالا، فلابد من أن نعي بطبيعة التوجيه مساهمة في التنمية الاقتصادية الفعالة. إحالات: -1 سلوك المستهلك والمؤسسة الخدماتية، ل سيف الإسلام شوية، ديوان المطبوعات الجامعية 2006م، ص: 19. -2 سلوك المستهلك مدخل استراتيجي، لمحمد ابراهيم عبيدات، دار وائل للنشر، ط:4، عمان 2004م، ص: 13. -3 سلوك المستهلك اتجاه المنتجات المقلدة، عبارة عن مذكرة لنيل شهادة الماجستير في العلوم التجارية، من إعداد سود راضية، وإشراف بن ناصر عيسى، جامعة منثوري قسنطينة، ص: 1. -4 دور الإعلام في التنمية الاقتصادية لعبد العزيز بن سعيد الخياط، مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، الجمعية السعودية للإعلام والاتصال، ص: 6.