ستنطلق مناورات الأسد الأفريقي 2022، التي ستنظم بشكل مشترك بين المغرب والولايات المتحدة إلى جانب 18 دولة، يوم عشرين يونيو الجاري وستشمل للمرة الثانية على التوالي منطقة المحبس في الصحراء المغربية، وهو ما يعزز -بحسب مراقبين- الدور الاستراتيجي للمملكة في منطقة شمال أفريقيا ويرسخ سيادتها على أقاليمها الجنوبية. وشهد مقر القيادة العليا للمنطقة الجنوبية في يناير الماضي اجتماعا للتخطيط الرئيسي لتمرين "الأسد الأفريقي 2022″، بمشاركة ممثلي العديد من البلدان منها المملكة المغربية والولايات المتحدة. ومن المبرمج أن تشمل مناطق التدريب أيضا القنيطرة وبن جرير وأكادير وطانطان وتارودانت. ووفقا لبيان هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الملكية أتاح هذا الاجتماع تحديد أساليب تنفيذ الأنشطة المختلفة لهذا التمرين، والتي ستشمل -بالإضافة إلى التدريب المتعلق بالعمليات المختلفة (البرية والجوية والبحرية)- تخصيص جانب من التدريبات لمكافحة المنظمات الإرهابية العنيفة التي شهدت تحركاتها تناميًا لافتا في أفريقيا خلال الفترة الماضية. وتهدف المناورات -التي انطلقت أول نسخة منها في عام 2007، وتشارك فيها دول أوروبية وأفريقية- إلى دعم قدرات المناورة لدى الوحدات المشاركة وتعزيز قابلية التشغيل البيني بين المشاركين في تخطيط وتنفيذ العمليات المشتركة في إطار التحالف، وإتقان التكتيكات والتقنيات وتطوير مهارات الدفاع السيبراني. وأفادت القوات المسلحة الملكية المغربية بأن تمرين "الأسد الأفريقي 2022" -الذي من المتوقع أن يتم تنظيمه في الفترة الممتدة بين عشرين يونيو والأول من يوليو المقبل- يهدف إلى "تطوير قابلية العمل المشترك التقني والإجرائي بين القوات المسلحة الملكية وقوات البلدان المشاركة، بالإضافة إلى التدريب على تخطيط وقيادة عمليات مشتركة في إطار متعدد الجنسيات". وحققت المناورات زخما دوليا كبيرا بعدما شهدت توسّع الدول المشاركة قاريا ودوليا، ما يؤكد جديتها ومدى حاجة المجتمع الدولي إليها من أجل تعزيز القدرات العسكرية والأمنية، لمواجهة مختلف التهديدات كالإرهاب والهجرة السرية والجريمة المنظمة التي تشكّل خطراً على منطقة أفريقيا والبحر المتوسط. وفي يونيو الماضي قال قائد القيادة الأميركية في أفريقيا الجنرال ستيفن تاونسند "عند انتهاء النسخة السابقة من المناورات إن الأسد الأفريقي هو أكبر وأهم تمرين لدينا في أفريقيا، حيث يساعدنا على بناء الاستعداد وتعزيز الشراكات للعمل بشكل أفضل في بيئة معقدة ومتعددة المجالات"، مشددا على "أننا ما زلنا نركز على الحفاظ على علاقات وطيدة مع حلفائنا وشركائنا". ويعتبر توسيع مجال إجراء التدريبات المشتركة وزيادة عدد البلدان المشاركة فيها وأهمية الأسلحة النوعية والمتطورة المستخدمة فيها مؤشر على رهان المجتمع الدولي على المغرب ومناخ الاستقرار الذي يتمتع به، فضلا عن الأدوار المحورية التي بات يضطلع بها على مستوى الأمن الإقليمي والقاري، سواء من خلال الاختراقات الأمنية الهامة التي يحققها في ما يخص رصد الجماعات المتطرفة في منطقة الساحل والصحراء، أو عبر انخراطه الجاد في الجهود والمساعي الدولية الأمنية والإنسانية في مختلف بؤر التوتر والصراعات بالقارة الأفريقية. ويعد التركيز على إجراء مناورات الأسد الأفريقي في مواقع داخل الصحراء للمرة الثانية، فضلا عن كونه تكريسا للموقف الأميركي المؤيد لسيادة المغرب على الصحراء، يعد ردا صريحا على التهديدات التي لوحت بها بوليساريو مؤخرا باللجوء إلى الإرهاب لضرب مواقع داخل المغرب، خاصة وأن قطاع المحبس الذي سيشهد إجراء هذه المناورات يقع على مرمى حجر من الحدود الجزائرية، ومن المواقع الخلفية لبوليساريو، وهو ما يوضح أيضا طبيعة ومصادر المخاطر الإرهابية التي تهدف المناورات إلى التصدي لها.