بدأت المناقشات المرتبطة بالقوانين الانتخابية تتركز حول اللائحة الوطنية، وحول قضايا تشديد العقوبات على مختلف المخالفات الانتخابية، وأيضا حول ما يهم تقوية دور ومكانة الأحزاب، ثم المراقبة المستقلة للعملية الانتخابية، وهي القضايا التي تجسد التحديات الحقيقية التي تطرحها انتخابات 2011 على المغرب. إن تشديد العقوبات في النص، والحرص على حياد الإدارة الترابية في المناطق، والإسراع بتغيير بعض الولاة والعمال المعروف عنهم الولاء لحزب بعينه، والاعتماد أكثر على بطاقة التعريف الوطنية في التسجيل والتصويت، كل هذا من شأنه تقوية المداخل المؤدية إلى انتخابات نزيهة وشفافة، وأيضا محاربة الفساد والمفسدين، وهنا ستكون البلاد قد كسبت الرهان الأول لهذا الاستحقاق التاريخي. أما بالنسبة للائحة الوطنية، فإن بلورة توافق سياسي وطني واسع حولها، يقوم على حماية مكتسب تمثيلية النساء وتمكين كفاءات حزبية وسياسية وطنية من ولوج المؤسسة التشريعية، بالإضافة إلى الشباب، من شأنه أن يعزز التمثيلية والنوعية معا، ويمكننا بالتالي من برلمان لديه القدرات المعرفية والسياسية المؤهلة لممارسة دوره في التشريع وفي المراقبة، وفي تأهيل منظومتنا البرلمانية وممارستنا السياسية، خصوصا في ظل الاختصاصات الجديدة والواسعة التي أتاحها له الدستور الجديد. إن الهندسة العامة للائحة الوطنية يجب إذن أن تستحضر المطالب التي كانت وراء إقرار مبدئها، وأن ينسجم توجهها مع التنصيص الدستوري على محورية دور الأحزاب، وأن تطور اتجاه البلاد نحو الرفع من مستوى الأداء البرلماني وتجاوز ما أبانت عنه التجربة من اختلالات. من جهة أخرى، فإن التأكيد على أهمية تقوية دور الأحزاب، سواء في الدستور أو في المشروع الجديد لقانون الأحزاب، وسواء من خلال منع الترحال، أو من خلال تطوير منظومة تمويل الهيئات السياسية، كل هذا يدفع منطقيا إلى الحرص في مختلف النصوص القانونية والتنظيمية على جعل العملية الانتخابية وأيضا هدفيتها العامة تقوم على تعزيز الدور المذكور، باعتبار ذلك هو صمام الأمان الحقيقي للبلاد ولمستقبلها. وعلاوة على ما سبق، فإن إقرار المراقبة المدنية المستقلة للانتخابات، بما في ذلك من لدن مراقبين أجانب، من شأنه أن يقوي منظومة الشفافية لمسلسلنا الانتخابي برمته. إذا نجحنا إذن في الحد من الفساد الانتخابي ومن شراء الأصوات، ومن تدخل الإدارة الترابية، وإذا نجحنا ثانيا في جعل اللائحة الوطنية أداة لبروز نخب سياسية وحزبية جديدة داخل المؤسسة التشريعية، وتطوير التمثيلية النسائية، وإذا نجحنا ثالثا في تأكيد دور الأحزاب كفاعل أساسي في حياتنا الديمقراطية والانتخابية والمؤسساتية، وإذا نجحنا رابعا في جعل المراقبة المستقلة للانتخابات ذات مصداقية، فإننا بهذا نكون قد كسبنا الرهان الحقيقي من الانتخابات المقبلة. المقتضيات القانونية يجب أن تخدم هذه الأهداف الكبرى. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته