قرر وزير العدل المصري ممدوح مرعي تشكيل لجنة لإعداد مشروع قانون الأحوال الشخصبة لغير المسلمين وذلك على خلفية أزمة مع الكنيسة القبطية (أرثودكسية) بعد صدور حكم قضائي من محكمة عليا يلزم البابا شنودة بالسماح للمسيحيين المطلقين بالزواج مرة ثانية. وقال وزير العدل، في بيان نشرته الصحافة المصرية الأسبوع إن تشكيل اللجنة يأتي انطلاقا من حرص الوزارة على إزالة جميع العقبات أمام تنظيم الأحوال الشخصية لغير المسلمين، موضحا أن اللجنة مطالبة بإعداد مشروع القانون في أجل لا يتعدى شهرا واحدا. وأشارت الصحافة المحلية إلى أن تشكيل اللجنة جاء بشكل متزامن مع إجراء البابا شنودة الثالث لاتصالات مكثفة مع رؤساء الطوائف المسيحية الأخرى (الكاثوليكية والإنجيلية) لضمان موافقتهم على مشروع القانون لسد الطريق أمام أي خلافات مسيحية حوله. وقد تأججت أزمة الزواج الثاني للأقباط بعد حكم أصدره مجلس الدولة (أعلى مستويات القضاء الإداري) مؤخرا يؤكد أن تكوين أسرة حق دستوري يعلو فوق كل الاعتبارات، وذلك عقب نظره في طعن من البابا شنودة نفسه في حكم قضائي حصل عليه مواطن قبطي يقضي بأحقيته في الزواج بعد طلاقه. وامتنعت الكنيسة عن تنفيذ الحكم بدعوى أنه يتعارض مع النصوص الدينية المسيحية. وقال البابا شنودة الثالث، بابا الاسكندرية، يطريرك الكرازة المرقسية في أحد عظاته نصف الشهرية «نحن لا يلزمنا أحد إلا تعاليم الكتاب المقدس فقط»، مهددا بمعاقبة أي كاهن يقدم على تزويج مطلق لأنه «لا طلاق إلا لعلة الزنى». وترى الكنيسة أن معظم الباحثين عن الزواج الثاني أمام المحاكم لم يحصلوا من الأساس على الطلاق وفق الشروط الدينية (لعلة الزنى فقط) و»زواجهم الأول من وجهة نظر الكنيسة مازال قائما» كما أكد ذلك أحد أعضاء المجلس المللي. وقد أثار امتناع الكنيسة عن تنفيذ حكم قضائي مرة أخرى الجدل حول التراتبية بين القانون واعتبارات المواطنة من جهة والسلطة الدينية لدى المسيحيين في مصر. ورأت أصوات عديدة أن موقف الكنيسة من حكم قضائي مدني تكريسا لتغليب الانتماء الديني على المواطنة. وقال القمص أندرواس عزيز، مؤلف كتاب حول الأحوال الشخصية للأقباط ومشاكلها، في تصريحات صحافية، إن الأزمة الحقيقية حول هذا الموضوع تتمثل في أن «الكنيسة عزلت نفسها تماما عن الدولة واعتبرت ان كل ما يخص الأقباط هو شأن داخلي وتناست أن القبطي هو في الأساس مواطن مصري». غير أن البابا قال في مؤتمر صحافي عقده للإعلان عن رفضه للحكم أن الكنيسة «تحترم القانون» ولكنها «لا تقبل أحكاما ضد الإنجليل وضد حريتنا الدينية التي كفلها لنا الدستور»، مضيفا أن «الزواج عندنا سر مقدس وعمل ديني بحت وليس مجرد عمل إداري». وقد نشأت المشاكل الحالية في تنظيم الزواج والطلاق بالنسبة للمسيحيين الأقباط، وفق منتقدي الكنيسة،منذ إلغاء لائحة عام 1938 المنظمة للأحوال الشخصية للأقباط وإيقاف العمل بها بعد تولي البابا منصب البطريرك عام 1971. ولجأ عدد من المسيحيين المطلقين الذين وجدوا أنفسهم في مأزق إلى التحايل على القانون الكنسي سواء بتغيير المذهب أو الزواج مرة أخرى خارج مصر.