انتقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاثنين "إمبراطورية الكذب" الغربية مع فرض الدول الغربية عقوبات على روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، فيما انهارت عملة الروبل وهرع الروس لسحب مدخراتهم من المصارف. وانهارت قيمة الروبل لتصل إلى مستويات غير مسبوقة مقابل الدولار واليورو بحيث أصبح اليورو يوازي 109,4 روبلات فيما كان يوازي 93,5 روبلا عشية الغزو. وحدد سقف على فترات منتظمة لوقف التداول وبالتالي لإبطاء هبوط قيمة الروبل. وانتعشت العملة في فترة بعد الظهر في وقت بدأت السوق تستعيد هدوءها. وبهدف حماية الاقتصاد والروبل، رفع المصرف المركزي الروسي سعر الفائدة من 9,5% إلى 20% صباح الاثنين. أما بورصة موسكو فلم تفتح الاثنين خشية من خطر الانهيار. ومن بين العقوبات، قطعت الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى المصارف الروسية الكبرى من نظام "سويفت" للتحويلات المالية، ومنعت كل التحويلات مع المصرف المركزي الروسي. وأغلقت كل أوروبا مجالها الجوي أمام شركات الطيران الروسية، ما يقطع الأوصال الجوية لموسكو مع الغرب. وقال بوتين، وفق مقاطع تلفزيونية حول اجتماع شارك فيه أيضا رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين، "دعوتكم إلى هنا للحديث عن مسائل متعلقة بالاقتصاد والمال". وأضاف "لقد تحدثنا سابقا (مع ميشوستين) حول هذا الموضوع، أي هذه العقوبات التي يريد المجتمع الغربي فرضها علينا، ما سميته إمبراطورية الكذب". واستقبل بوتين وزير المالية أنتون سيلوانوف ورئيس مصرف "سبيربنك" هيرمان غريف وحاكمة المصرف المركزي إلفيرا نابيولينا. وقالت الأخيرة إنها اعتمدت إجراءات "لمنع الذين يسكنون خارج روسيا" من إخراج أصولهم منها، مؤكدة أن النظام الروسي البديل لنظام "سويفت"، أي "نظام نقل المراسلات المالية" المتاح للأجانب، وأن المصرف المركزي سيكون "خفيفا جدا" بما يخص الوضع القائم وأن المصارف الروسية "حافظت على كل الوسائل والحسابات للعملاء". وكان قد اعترف المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف بأن العقوبات الغربية على موسكو "ثقيلة" و"إشكالية"، لكنه أكد أن روسيا تمتلك "القدرات اللازمة للتعويض عن الأضرار". وقال المحلل من المعهد الاقتصادي "غايدار" أليكسي فيديف لوكالة فرانس برس إن "الإجراءات المتخذة (…) تقلل من التقلبات" في الوضع، مضيفا "إن عدم الاستقرار كبير والمصرف المركزي يتصرف بعقلانية". غير أن بعض الطبقة الأوليغارشية الروسية التي اغتنت في تسعينيات القرن المنصرم أعربت عن استيائها. وكتب عبر تيلغرام مؤسس شركة الألمنيوم الروسية العملاقة "روسال" أوليغ ديريباسكا الخاضع لعقوبات منذ سنوات "إنها أزمة حقيقة هنا، ويجب أن يكون هناك مدراء حقيقيون للأزمة (…) من الضروري تغيير السياسة الاقتصادية ووضع حد لكل رأسمالية الدولة هذه". وطالب المسؤولين ب"توضيحات" بشأن ما سيحدث للاقتصاد خلال الأشهر الثلاثة المقبلة. ويعتبر سيرغي خيستانوف، وهو مستشار لشؤون الاقتصاد الكلي لشركة السمسرة "اوبن بروكر"، أن روسيا قد تخضع لعقوبات إضافية لأن مواردها النقدية الأساسية وتصديرها للمواد الأولية لم يتأثر بالعقوبات الحالية. ويقول "طالما أن لا عقوبات فعلية على التصدير الروسي وخصوصا على النفط والغاز، لن تحصل أي كارثة"، لكن "سيشعر الناس طبعا" بتداعيات العقوبات الحالية. وفضل بعض الروس سحب مدخراتهم من المصارف. وتقول سفيتلانا بارامونوفا (58 عاما) التي تقطن في سانت بطرسبرغ والتي توجهت إلى المصرف لسحب مدخراتها من حسابها "لم أكن أعلم أنه سيكون هناك حشد. أريد أن أسحب النقود، وتركها في المنزل آمن أكثر، لا نعلم أبدا ماذا سيحصل".