تحت يافطة «الموسم الثقافي والاجتماعي»، قام، خلال الأسبوعين الفارطين كل من المجلس البلدي بالعطاوية وشقيقه السياسي بسيدي رحال بجمع حفنة من أصحاب الخيول بالمنطقة بدعوى إحياء موسمي الوليين الصالحين بويا أحمد وبويا رحال. وقد خصص لهذا الغرض غلافان ماليان ضخمان، كما تؤكد بعض المصادر المقربة من المجلسين. وعلى ما يبدو، ومن خلال التوقيت الذي اختير لهاتين المناسبتين، يراهن صاحبا هذه المبادرة السياسية المشتركة كثيرا على بركة الأضرحة والمزارات وهما يعطيان الانطلاقة الفعلية لحملتهما الانتخابية المبكرة تحت غطاء الاحتفاء بدفيني المدينتين. ولا أدل على ذلك من أن كل سماسرة الانتخابات وكل ذوي النفودذ بمنطقتي العطاوية وزمران حضروا حفل الافتتاح، كما تمتعوا بما لذ وطاب من بساطل وخراف مشوية في مشهد ذكر الحاضرين بزمان تفريخ الأحزاب الإدارية. وبهذا يكون رئيسا المجلسين معا قد ضربا عصفورين بحجر واحد لأن هذه الفرصة ستمكنهما، من دون شك، من تبرير صرف كل هذه الأموال المفترض تخصيصها لأمور أكثر أهمية في حياة الساكنة. ثم، وهذا هو المقصود، لقد استفاد الشخصان بوصفهما مرشحين للانتخابات التشريعية المقبلة من هذا المال العام للشروع في شراء الذمم وذلك بحضور الأمين الجهوي لحزب «البام» الذي أقحم، بدون وجه حق، في حفل الافتتاح الرسمي سواء بالعطاوية أو بسيدي رحال. الناس بالمدينتين معا يعرفون جيدا أن زمان «التبوريدة» المرتبط بثقافة الشعوذة وبركة القبور قد ولى وإلى الأبد. كما أن المغرب، أحب الرجلان أم أبيا، قد أصبح ملزما، طبقا لدستوره الجديد، بتبني الديمقراطية الحقة وقيم الحداثة وحقوق الإنسان. وبالتالي، فالأغلبية التي قالت نعم لهذا الدستور تتطلع إلى القطع مع رواسب التخلف التي يكرسها هذا النوع من الفرجة الملغومة. ونحن هنا لسنا ضد التبوريدة كفرجة رياضية وفنية شعبية متجدرة في ثقافتنا البدوية، لكننا ضد استغلال التقاليد الفرجوية والاحتفالية لشعبنا من أجل أغراض سياسوية وحزبية سافرة ولا مشروعة.. ويحق لنا، في هذا السياق، أن نتساءل لو تزامن هذان الحدثان مع موسم جني الزيتون ونظم على هامشهما معرضا لهذا الإنتاج الفلاحي المتميز وطنيا، لظن الناس أن الرجلين جادان في خدمة ساكنة المنطقة لأن اللقاء سيتوج منطقيا باتفاقية أو اثنتين مع مستثمرين لإنشاء وحدة تحويلية أو أكثر لتثمين الإنتاج الفلاحي المحلي سواء تعلق الأمر بالحليب أو الزيتون أو الصبار. لكن أن يغلب الرجلان منطق الانتهازية الحزبية والسياسية بهذه الطريقة، فهذا أمر مرفوض، ويستحق أكثر من التنديد، خصوصا أن المنطقة تعتبر هذه السنة منكوبة على الصعيد الفلاحي، إضافة إلى أن الساكنة الناشطة، المتعلمة منها وغير المتعلمة، توجد في أمس الحاجة إلى فرص للشغل بالاستفادة من مؤهلات منطقتي العطاوية وزمران. فأي تحد أكبر من هذا لهذه الشرائح الاجتماعية الفقيرة وهي تتفرج على الولائم الحاتمية تحت الخيام القائدية؟ إنه الفساد في زمن المطالبة بإسقاطه. لكن أصحابه لازالوا غير آبهين لما يقوله الشارع. إن ما جرى بالعطاوية وسيدي رحال مؤخرا ليبعث على الاستغراب ويدفع إلى طرح أكثر من سؤال حول مغزى الحدثين المتقاربين زمانيا وسياسيا. وبالتالي يبقى من حق الرأي العام المحلي بهذه المنطقة مطالبة الجهات المعنية بحماية المال العام وبتفعيل الإجراءات القانونية التي تربط المسؤولية بالمحاسبة. فكم خصص السيدان الرئيسان من أموال عمومية لتمويل هذه الحملة الانتخابية المبكرة تحت غطاء تنظيم الموسمين المذكورين؟ وكيف فازت الممونة، الجديدة في هذه المهنة، دون سواها بالصفقتين معا؟ وما هو سر تواجد الأمين الجهوي لحزب التراكتور في حفلي الافتتاح الرسمي رغم أنه لا يمثل أية سلطة؟ وهل كان من باب الصدفة تواجد هذا الشخص جنبا إلى جنب مع من تزعموا مسيرة الفلاحين بزمران والعطاوية نحو مراكش، مطلع هذا الصيف، أم أن الأمر يتعلق بلقاء حميمي رتبه السيدان الرئيسان؟ طرح لا يخلو من الصحة لأن كل أهالي المنطقة يتحدثون عن تورط حزب «البام» في تحريض الفلاحين على العصيان بدعوى غلاء إتاوات مياه السقي. وحسب بعض الجهات العليمة بخبايا هذا الملف، لقد تمت هذه المسيرة التي خلفت جروحا في صفوف القوة العمومية والمحتجين انتقاما من وزير الفلاحة شخصيا، لكونه رفض الانصياع لشهية الأمين الجهوي لهذا الحزب بمراكش تانسيفت الحوز في موضوع الأموال المعبأة للقطاع الفلاحي في إطار المخطط الأخضر. وما يؤكد هذا الطرح أكثر أن السيد الأمين الجهوي الذي يستغل منصبه السياسي كرئيس للجهة هو أيضا إطار تابع لوزارة الفلاحة. هذا هو تفسير الواضحات كما يقول الفقهاء.