تجدد المواجهات بجماعة بونوار بين الشبان والقوات العمومية تعيش مدن خريبكة، اليوسفية، حطان والقرى المنجمية المجاورة، في الأيام الأخيرة على إيقاع أحداث تخريب وأعمال نهب وسرقة، تضررت منها مجموعة من المنشآت والتجهيزات التابعة للمجمع الشريف للفوسفاط وبعض المرافق العمومية والخاصة، تسبب فيها المئات من الشبان، أغلبهم من متقاعدي الفوسفاط وأبناء المناطق المجاورة، المطالبين بإعطائهم الأسبقية في التشغيل. وكانت إدارة الفوسفاط قد أعلنت في وقت سابق عن برنامج هام يروم إحداث 5800 فرصة عمل جديدة على المستوى الوطني، ضمنها 2800 منصب شغل لإقليمخريبكة، يستفيد منها بالأساس أبناء متقاعدي الفوسفاط وأبناء السكان القاطنين جوار مرافق المكتب وذلك في إطار تلبية الحاجيات الصناعية والخدماتية المتعلقة بكل المهن وعلى جميع الأصعدة. ففي تطور مفاجىء، وبعد تسجيل هدوء نسبي خلال اليومين الأخيرين في خريبكة والنواحي، باستثناء بعض الوقفات الاحتجاجية. أقدم مجهولون ليلة الإثنين، حوالي الساعة العاشرة والنصف ليلا، على إضرام النار في الحزام الناقل للفوسفاط (السمطة) المتواجد قرب بلدية حطان، الذي تم إنشاؤه قبل أربع سنوات، حيث أتت النيران على حوالي 160 مترا، قبل أن تتمكن وحدات الإطفاء التابعة للمجمع الشريف للفوسفاط، بعد مجهودات كبيرة، من احتواء النيران، بالرغم من الرياح القوية التي ساهمت في انتشار ألسنة النيران. ونظرا لخطورة هذا الفعل الإجرامي، فقد حضر إلى عين المكان عامل الإقليم إضافة إلى كبار المسؤولين الأمنيين ومسؤولين عن إدارة الفوسفاط. وقدرت بعض المصادر كلفة الحزام المحترق بعشرات الملايين من السنتيمات. كما أقدمت مجموعة من الشبان الآخرين على وقف حركة القطارات باليوسفية في نفس الليلة مما عرقل حركة نقل الفوسفاط من جهة والمسافرين من جهة أخرى، لكون الخط السككي باليوسفية، يستغل في نقل المسافرين والفوسفاط في آن واحد. وصبيحة أمس، تجددت المواجهات بين مجوعة من الشباب والقوات العمومية، بجماعة بونوار استعملت فيها خراطيم المياه لتفريق المحتجين. واعتبرت بعض المصادر المطلعة، أن إضرام النار في الحزام فعل إجرامي شنيع، يشكل منعطفا خطيرا منذ اندلاع هذه الأحداث، إذ يهدف مقترفوه إلى منع تزويد معمل التنشيف بني إيدير بالفوسفاط المستخرج من مكتشف مرح لحرش، مما أصبح يهدد عمل آلاف من العمال الذين يشتغلون بالمركب منذ سنوات عديدة. وأضافت نفس المصادر، أن مبادرة المجمع الشريف للفوسفاط، تشكل استثناء في السنين الأخيرة على المستوى الوطني، إذ لم تكتف فقط بتشغيل 5800 عامل، بل فسحت المجال ل 15000 شابا من الاستفادة من تكوين مستمر مع منحة شهرية تتراوح مابين 1200 و2000 درهم طيلة مدة التكوين، فضلا عن منح دعم مالي وإداري ومصاحبة تقنية لحاملي المشاريع المحدثة لفرص الشغل. وفي الوقت الذي تؤكد فيه الإدارة أن عملية انتقاء المرشحين تمت في شفافية ونزاهة ووفق معايير محددة، وأن عدم توصل البعض بالاستدعاء يعود بالدرجة الأولى إلى الحجم الكبير للاستدعاءات التي تم بعثها، يرى المحتجون أنه تم إقصاؤهم وأنهم أجدر بالآخرين من التشغيل، بل منهم من يدعو إلى عدم فسح مجال التشغيل خارج إقليمخريبكة. ويبدو أن غياب الحوار بين الطرفين، وغياب الثقة، هو ما وسع الهوة بين الطرفين، حسب بعض المصادر، التي دعت إلى تهدئة النفوس وتجديد التواصل بين الطرفين. وفي سياق متصل، من المقرر، أن يحال اليوم ثمانية أشخاص في حالة اعتقال، على غرفة الجنايات الإبتدائية بخريبكة، فيما ما يزال سبعة آخرون على ذمة التحقيق، بعد أن اعتقلوا جميعا على خلفية هذه الأحداث، كما فتحت الشرطة القضائية بحثا في موضوع إضرام النار في الحزام الناقل للوقوف على خلفيات هذا الفعل الإجرامي. وكانت الشرارة الأولى لهذه الأحداث، قد انطلقت بخريبكة يوم 15 مارس الماضي، بعد أن نظم أبناء متقاعدي الفوسفاط اعتصاما مفتوحا للمطالبة بالشغل، تطور إلى أحداث عنف، بعد أن تدخلت القوات العمومية لتفريق المعتصمين، مما أسفر عن أعمال تخريب ونهب، وإصابة العشرات بجروح متفاوتة الخطورة، واعتقال 15 شخصا، ضمنهم 11 معتقلا دخلوا في إضراب عن الطعام لأكثر من 40 يوما، قبل أن يوقفوه يوم الجمعة الماضي بعد لقائهم مع محمد الصبار الأمين العام المجلس الوطني لحقوق الإنسان الذي أقنعهم بتوقيف الإضراب عن الطعام حفاظا على حياتهم، كما أقنع عائلاتهم بوقف اعتصامهم المفتوح أمام محمة الاستئناف بخريبكة، بعد أن وعد الجميع (المعتقلين وأسرهم) بضمان شروط المحاكمة العادلة.