يحمل المكان كل سمات مدينة صغيرة هادئة في جنوب إفريقيا، من طبقتها الوسطى إلى مركز التسوق فيها وأماكن الصلاة. لكن في هذا المكان بالتحديد وقبل نحو ثلاثة أشهر، قتل حوالي ثلاثين رجلا أسود بوحشية في أسوأ أعمال عنف شهدتها الديموقراطية الشابة. تبعد فينيكس حوالي 25 كلم إلى الشمال من مدينة دوربان في مقاطعة كوازولو ناتال، ويبلغ عدد سكانها نحو 180 ألف نسمة معظمهم من أصل هندي. وعلى التل المقابل تقع مدينة الصفيح إناندا. وتجاوز الوضع قدرات الشرطة. في فينيكس، حمل السكان السلاح للدفاع عن منازلهم ومتاجرهم، وقتل 36 شخصا في الشوارع بينهم 33 رجلا أسود. بعضهم أصيبوا برصاص في الرأس وآخرون ضربوا حتى الموت، وفي بعض الأحيان للأمرين معا. في المجموع، قتل أكثر من 350 شخصا في البلاد. وقالت الشرطة إن نحو خمسين شخصا أوقفوا لجرائم قتل في فينيكس، تسعة منهم في حي سيدة من أصل هندي التقتها وكالة فرانس برس. ووالد هذه السيدة التي طلبت عدم كشف هويتها كان أحد الذين أوقفوا بعدما وشى به شخص ما، على حد قولها. بعد ثلاثة أشهر، ما زالت الشكوك قائمة، وكذلك التوتر واضحا بين المجموعتين قبل أيام قليلة من الانتخابات المحلية في البلاد. واتهم الحزب الحاكم التاريخي، المؤتمر الوطني الإفريقي، بالتقاعس. في المدينة، تستمر دوريات الدفاع عن النفس في التجول في الشوارع ليلا. تنتخب جنوب إفريقيا الاثنين أعضاء مجالس أكثر من 250 بلدية. وأثار أكبر حزب معارض "التحالف الديموقراطي" غضبا عبر إشادته على ملصقات الحملة الانتخابية ب"الأبطال" الذين يقفون وراء ما بات يسمى "مذبحة فينيكس". قالت شابة في فينيكس "يريدون أصواتنا، لكن أين كانوا جميع ا أثناء أعمال الشغب؟". وفي دفاعها عن نفسها من تهمة العنصرية، تعدد أسماء أصدقائها السود. وتقول إن الهنود سعوا ببساطة إلى "حماية المجتمع". في الأيام التي سبقت ذلك، أججت رسائل مقلقة على مواقع التواصل الاجتماعي التوتر. وكتب فيها "سيهاجمون منازلكم ويضرمون النار فيها". وأحرقت مئات المحلات التجارية خلال أعمال العنف. حتى الآن، تعايش المجتمعان من دون الكثير من الاشتباكات. وقال مارك ناداسن ضابط الأمن الخاص "سيارات سرقت ومنازل تعرضت للسطو. لكن لا، لم أر ذلك من قبل". وتعد جنوب إفريقيا واحدة من أعنف دول العالم. في مطبخها المتواضع في إناندا، تحمل شارمين ملونغو صورة ابنها. وتقول المرأة السوداء البالغة 39 عاما "لا احتمل فكرة البقاء قرب هندي بعد الآن". من قتله؟ تجيب بلا تردد "الهنود". ويروي سكان في البلدة أنه خلال أيام العنف هذه كان الهنود يصرخون في الشوارع "لنقتل الأفارقة"، مستخدمين في بعض الأحيان عبارة مهينة تعود إلى زمن الفصل العنصري ويستخدمه اليمين المتطرف للإشارة إلى السود. في الترتيب العرقي للنظام الأبيض الذي طرد بأول انتخابات ديموقراطية في 1994، يأتي الخلاسيون والهنود المجتمعون تحت اسم "الملونين" قبل السود. وقال القس فوسي دوبي الذي دفن العديد من الضحايا في إناندا "أصبحنا مواطنين من الدرجة الثالثة بينما كان الهنود يعتبرون مواطنين من الدرجة الثانية". في فينيكس حيث طور غاندي وهو محام شاب من الهند، مذهبه في اللاعنف، يعمل العديد من السود الآن لدى هنود في تجارتهم أو كخدم. ويرى البعض أن الغضب الذي ساد المدينة قبل بضعة أشهر كان موجها سياسيا. وقال رجال من الجالية الهندية "أراد أشخاص أن يحدث ذلك"، لكن لا أحد يجرؤ على ذكر اسم.