تظاهر عشرات الآلاف من أنصار الحكم المدني في السودان الخميس في شوارع الخرطوم حيث يعتصم منذ أيام مؤيدون ل"حكومة عسكرية" يقولون إنها وحدها قادرة على إخراج البلاد من أزمتين اقتصادية وسياسية متفاقمتين. كما نزل متظاهرون آخرون الى الشارع في مدن سودانية أخرى. وأطلقت الشرطة السودانية الغاز المسيل للدموع على متظاهرين يدعون إلى تسليم السلطة لحكومة مدنية أمام مبنى البرلمان بمدينة أم درمان التوأم للعاصمة الخرطوم، وفق ما أفاد شهود وصحافي في وكالة فرانس برس. وكانت أطلقت الغاز المسيل للدموع الاثنين على مجموعة من المعتصمين المطالبين بحكومة عسكرية كانوا حاولوا الوصول إلى مبنى مجلس الوزراء في وسط العاصمة. وأثارت الدعوات الى التظاهر مخاوف من حدوث صدامات بين الطرفين على الرغم من دعوات تهدئة أطلقها قادتهما والحكومة خلال الأيام الأخيرة. وقال المتظاهر في أم درمان أحمد حسين "أطلقت القوات الأمنية علينا الغاز المسيل للدموع أمام مبنى البرلمان"، الأمر الذي شاهده أيضا صحافي في فرانس برس. لكن العدد الأكبر من المتظاهرين الرافضين لحكم العسكر اجتاح شوارع الخرطوم. ورفع مئات الشباب منهم أعلام السودان هاتفين "مدنية .. خيار الشعب"، و"ثوار.. أحرار.. حنكمل المشوار". كما رفعوا شعار "الردة مستحيلة"، في إشارة الى رفضهم العودة الى الحكم العسكري أو النظام الإسلامي الذي حكم السودان على مدى ثلاثين عاما بقيادة عمر البشير الذي أطيح به تحت ضغط انتفاضة شعبية عارمة في أبريل 2019. ونظم عشرات من الصحافيين مسيرة رافعين لافتات كتب عليها "السلطة للشعب". وارتفعت شعارات مناهضة لرئيس المجلس السيادي الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان وسط أنصار الحكم المدني. وهتف المتظاهرون "سلم سلم (السلطة) يا برهان". وكان البرهان أكد مساء الأربعاء حرص القوات المسلحة والمكون المدني على "إنجاح الفترة الانتقالية وصولا إلى حكومة مدنية منتخبة تلبي تطلعات الشعب السوداني". وشدد على "الشراكة بين المكونين المدني والعسكري". كما شهدت مدن بورتسودان (شرقا على البحر الأحمر) وعطبرة (350 كيلومترا شمال الخرطوم) ومدني (185 كيلومترا جنوب العاصمة) تظاهرات مماثلة. ومنذ مساء الأربعاء، أعلنت وزارة التربية والتعليم أن الخميس يوم عطلة في جميع المدارس "حرصا على سلامة" التلاميذ والطلاب. وأغلقت العديد من المحلات التجارية أبوابها منذ الصباح. وانتشرت الشرطة لحماية المباني الحكومية، فيما أغلق الجيش كل الطرق المحيطة بمقر قيادته في وسط الخرطوم بوضع حواجز إسمنتية ونشر جنود. وسار مؤيدو الجيش من جهتهم على أحد الجسور في الخرطوم وهم يرفعون لافتات تحمل صور رئيس الوزراء عبد الله حمدوك مع إشارة X عليها، في إشارة الى مطلبهم حل حكومته. وقال حماد عبد الرحمن ذو السبعة وثلاثين عاما الذي يشارك في اعتصام المؤيدين لحكومة عسكرية وقد ارتدى زيا سودانيا تقليديا هو عبارة عن جلباب أبيض مع عمامة على رأسه، "الناس الذين سيتظاهرون حق هم أن يعبروا، لكننا نؤمن بأننا في الموقف الصحيح". وأطاح الجيش في العام 2019 نظام عمر البشير الذي حكم السودان لأكثر من ثلاثين عاما بقبضة من حديد، بعد انتفاضة شعبية عارمة استمرت شهورا، وتسل م السلطة. لكن الاحتجاجات الشعبية استمرت مطالبة بسلطة مدنية وقد تخللتها اضطرابات وفض اعتصام بالقوة سقط خلاله قتلى وجرحى. وينقسم الفريقان اليوم. ودعا الطرفان الأربعاء الى التهدئة واحتجاجات سلمية. وتشهد الخرطوم حراكا دبلوماسيا مكثفا. فقد وصلت الى الخرطوم قبل يومين وزيرة الشؤون الإفريقية في وزارة الخارجية البريطانية فيكي فورد. والتقى نائب المبعوث الأميركي للقرن الإفريقي بيتون نوف عددا من المسؤولين تمهيدا لزيارة المبعوث جيفري فيلتمان الى الخرطوم نهاية الأسبوع. ونقلت وكالة الأنباء السودانية الرسمية "سونا" عن نوف قوله الأربعاء إن واشنطن "كصديقة للانتقال إلى الحكم الديمقراطي المدني الكامل ستبذل جهدها للمساعدة في تجاوز الأزمة الراهنة، وذلك بفعل كل ما بوسعها لحل الخلافات بين الأطراف المختلفة". ودعت سفارة الولاياتالمتحدةبالخرطوم المتظاهرين الى الحفاظ على الطابع "السلمي" للاحتجاج. وقالت السفارة في بيان "نشج ع المتظاهرين على السلمية ونذك رهم بالدعم الأميركي القوي للانتقال الديمقراطي في السودان".