وأخيرا، وبعد انتظار دام 17 سنة كاملة، عاد اسم المغرب، ليبرز من جديد ضمن سبورة الميداليات، والتي غاب عنها منذ دورة 2004 باليونان، بفضل البطل هشام الكروج الذي فاز آنذاك بميداليات ذهبيتين. خلال دورة طوكيو، تمكن سفيان البقالي من التتويج بالذهب الأولمبي، في مسابقة 3000 متر موانع، رغم المنافسة القوية التي شكلها أبطال أثيوبياوكينيا خاض البقالي سباقا ذكيا، تمكن من الحافظ على توازنه، راقب جيدا تحركات خصومه، وقبل دورة تقريبا من خط النهاية، استعمل سرعته النهائية، حيث تفوق في تجاوز الجميع، ليعبر خط النهاية وحيدا، حيث تمكن من تحقيق انجاز كبير، وذلك بالفوز بمسابقة تعتبر اختصاصا تاريخيا للعدائين الكينيين. ففي عز الإخفاق الذي رافق الحضور المغربي بدورة طوكيو الأولمبية، كان طبيعيا أن تتركز الأنظار على العداء سفيان البقالي الذي يحمل على أكتافه أمال المغاربة، وهو يخوض سباق نهائي 3000 متر موانع. هذا التركيز الكبير والاهتمام الشعبي والإعلامي، خلف ضغطا قويا على البطل البقالي، باعتباره الأمل الوحيد للرياضة الوطنية، خاصة بعد التساقط المريب، لممثلي باقي الأنواع التي شاركت باسم المغرب، بهذا المحفل الرياضي الدولي الهام. وكما كان منتظرا، شهد السباق صراعا قويا و تنافسا مثيرا بين البقالي من جهة وعدائي أثيوبيا و كينيا من جهة ثانية، الذين يعتبرون من أقوى العدائين على المستوى العالم بأرقامهم المميزة جدا، أبرزهم العداء الأثيوبي لاميشا جيرما، "20 سنة"، الذي شكل لوحده خطر الأكبر أزعج كثيرا البقالي، خاصة وأنه الذي أبان عن جاهزيته الكاملة في نصف النهاية محققا أفضل رقم في التصفيات، كما سبق له الفوز على البقالي بمونديال الدوحة 2017، و كان قريب من انتزاع اللقب العالمي من الكيني كيبروتو كونسيسلوس، وحسمت النتيجة بينهما أفضلية السبق الضوئي، و سجل كذلك أفضل رقم على مستوى العالم هذا العام في ملتقى العصبة الماسية في موناكو 8:01:36. كان هناك أيضا العداء الكيني كيبيوت أبراهام، صاحب ثاني أفضل إنجاز هذا العام، "8:07.81" والذي تأهل محتلا المركز الأول في مجموعته، ويعتبر من أبرز المرشحين للصعود إلى منصة التتويج، و الذي سيسعى إلى جانب مواطنه كيغن بنجامين، إلى الحفاظ على لقب هذا السباق لتكريس السيطرة الكينية على سباق الموانع، حيث فاز عداءوها بجميع السباقات التي خاضوها في الدورات الاولمبية منذ العام 1968 باستثناء دورتي 1976 و1980 بسبب مقاطعتهم للدورتين. وبالرغم من كل هذا المعطيات، فإن أرقام البقالي كانت ترشحه بقوة للتتويج، وبالفعل كان في الموعد، وادخل الفرحة على قلوب كل المغاربة العاشقين للرياضة والذين انتظروا طويلا أن يعزف النشيد الوطني، بالمخافل الرياضية الكبرى، وهى اللحظة المؤثرة التي افتقدنها منذ اعتزال نجوم أم الرياضة الكبار، الذين كثيرا ما شرفونا بعطاءات جعلت اسم المغرب حاضرا ضمن مصاف الكبار. فالبرغم من كل المعطيات بخصوص منافسي خصوم البقالي، إلا أن البطل المغربي، كانت له من القوة والإرادة والطموح، ما مكنه من تجاوز الجميع، وتحقيق أمال المغاربة. هنيئا لسفيان البقالي بهذا الإنجاز التاريخي، الذي جاء بفضل اجتهاده ومثابرته، وتضحياته، بالرغم صعوبة الموسم بسبب وباء كورونا، إلا انه تمكن من تجاوز كل الصعاب والمعيقات، ليهدي المغرب، ميدالية ذهبية غالية وغالية وجدا.
******
البقالي: أهدي التتويج لجلالة الملك وأشكر المغاربة على الثقة
"الحمد الله على هذا التتويج المستحق الذي جاء نتيجة عمل وجهد كبير خلال السنوات الأخيرة.. فبعد احتلالي للرتبة الرابعة في دورة الألعاب الأولمبية بيرو دي جانيرو 2016، آمنت بقدراتي على أن أصبح بطلا أولمبيا في الدورة القادمة.. اليوم الكل شاهد ثمار العمل المضن الذي قمت في إطار التحضيرات التي سبقت المحفل العالمي، الشيء الذي جعلني أفوز بالسباق الذي لم يكن بالسهل في ظل تواجد العدائين الإثيوبيين اللذين لا طالما شكلوا عائقا لباقي العدائين في سباقات 3000 متر موانع.. لقد عشت ضغوطات كبيرة جعلتني أحذف جميع شبكات التواصل الاجتماعي، والحمد الله لم أخذل ثقة المغاربة وأهدي هذا التتويج للرياضي الأول جلالة الملك محمد السادس.. وتمكنت من أصبح بطلا أولمبي في اختصاص ليس بالسهل لأنه اختصاص كيني محض، وأريد أن أشكر كل الأبطال السابقين بحكم تواصلهم الدائم معي، حيث أكدوا لي أن أبدأ السباق بشكل عادي بحكم عدم تواجد الجماهير الحاضرة بسبب فيروس "كورونا" المستجد.. ويعتبر العداء محمد تيندوفت من العدائين الواعدين، حيث خاض معي سباقا بالديار الإيطالية، وتمكن من تحقيق الرقم القياسي، وفي قادم البطولات أرغب في تواجد 3 عدائين في السباقات النهائية من أجل الدفاع على ميداليتين على الأكثر.. سباق 1500 متر يعرف مشاركة عدائين أقوياء، وسأعمل على تحقيق التأهل ضمن الستة الأوائل رفقة كل من أنس الساعي وعبد اللطيف الصديقي نتمنى أن نعطيهم قوة للتواجد بنهائي 1500 متر.."