نظم صندوق النقد الدولي والبنك الدولي العام الماضي حملات تعبئة غير مسبوقة لمساعدة أضعف البلدان في مواجهة الوباء، لكن يتعين عليهما الآن مضاعفة الجهود إذ لا تصل إلا نسبة قليلة من اللقاحات إلى أكثر الدول فقرا ما يعرض الانتعاش العالمي للخطر. وستحضر المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا الجمعة في لندن خلال قمة مجموعة السبع مع خطة ملموسة ومنخفضة الكلفة لإنهاء الوباء من خلال توسيع حملات التلقيح. وتتطلب هذه الخطة التي وضعت بالتشاور مع البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة التجارة العالمية وأعلنت في 21 ماي، جهدا ماليا محدودا: 50 مليار يورو، وهو مبلغ لا يقارن بخطط التحفيز الهائلة في دول غنية ومنها خطة أميركية بقيمة 1,9 تريليون دولار التي أعلنت أخيرا. وقد صح تقدير صندوق النقد الدولي والبنك الدولي اللذين كانا يخشيان في مارس 2020 تفاقم انعدام المساواة والفقر في العالم. وتدق المنظمتان الآن ناقوس الخطر بشأن انعدام المساواة في توزيع اللقاحات والذي يطيل أمد جائحة أودت حتى الآن بحياة أكثر من 3,5 ملايين شخص في كل أنحاء العالم. وتلقى سكان البلدان المنخفضة الدخل حتى الآن أقل من 1 في المئة من الجرعات، ما أدى إلى «اختلاف كبير» في عملية التعافي وفق غورغييفا. وحذر صندوق النقد الدولي من أن بعض البلدان، خصوصا أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، لن تستعيد مستوى الدخل الفردي السابق قبل العام 2024. وقد أدرك صندوق النقد الدولي والبنك الدولي عمق الأزمة وعواقبها «في وقت مبكر جدا»، على أوضح هومي خاراس، الخبير الاقتصادي في مؤسسة «بروكينغز». ومن خلال مجموعة العشرين، دفعا بمبادرة لتعليق ديون عشرات البلدان منخفضة الدخل. وقال خاراس «كانت هذه الخطوة الأولى المهمة لضمان ألا يتسبب الوباء في أزمة ديون كانت لتكون عواقبها طويلة الأمد». وقال الناطق باسم صندوق النقد الدولي جيري رايس «كثف صندوق النقد الدولي إجراءاته بشكل غير مسبوق بحيث أقرض 84 بلدا حوالى 110 مليارات دولار منذ بداية الوباء». كذلك، ضاعف الحد الأقصى لتمويله في حالات الطوارئ وزاد موارده المسهلة ثلاث مرات ووسع نطاق تعليق الديون إلى 29 بلدا من أعضائه الأكثر ضعفا. وأوضح أكسل فان تروتسنبرغ مدير العمليات في البنك الدولي «نحن نستخدم كل القوة المتوافرة لنا» مع تعهده في وقت سابق بأكثر من 108 مليارات دولار. وأضاف أنها «أسرع وأهم استجابة لأزمة في تاريخ البنك الدولي». ومع ذلك، ما زالت المساعدات منقوصة وفقا لخاراس الذي أوضح أن البلدان ذات الدخل المتوسط «بما فيها العديد من دول أميركا اللاتينية، تكاد تكون متروكة لتتدبر شؤونها بنفسها». فهذه الاقتصادات غير مؤهلة للحصول على بعض القروض بدون فوائد مثل الصندوق الائتماني للنمو وللحد من الفقر التابع لصندوق النقد الدولي. ولأن هذه الدول كانت مثقلة أيضا بالديون قبل الوباء، «فهي غير مؤهلة (أيضا) لمبادرة تعليق خدمة الدين» على ما أوضح خاراس. ورغم أن كريستالينا غورغييفا اعترفت بنفسها، خلال اجتماعات الربيع، بضرورة مراجعة معايير «الضعف» لتشمل هذه البلدان، يبدو أن الأولوية تعطى الآن للدفع الذي توفيره لتحصين 40 في المئة على الأقل من سكان العالم بنهاية العام، وعلى الأقل 60 في المئة بنهاية العام 2022. بالنسبة إلى حملات التلقيح «قدم البنك الدولي 12 مليار دولار ويأمل بأن تكون لديه مشاريع بقيمة حوالى 4 مليارات دولار في 50 بلدا بحلول منتصف العام» بحسب أكسل فان تروتسنبرغ. لكن «مشكلة البنك الدولي تكمن في بطئه في التنفيذ» على ما قال عدنان مزارعي الخبير في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي فيما أعلنت عن تخصيص مبلغ ال 12 مليارا في منتصف أكتوبر 2020. وأضاف «بدأ صندوق النقد الدولي بشكل جيد جدا» في مكافحة هذه الأزمة «لكن عليه الآن تطوير استراتيجية واضحة للمضي قدما والتي يجب أن تشمل الاقتصادات ذات الدخل المتوسط». ورأى الخبير أن خطة الخمسين مليار يورو هي إشارة جيدة موضحا «صندوق النقد الدولي والمنظمات الأخرى يجب أن تكون قادرة على دفع (هذه الخطة) إلى الأمام بحلول قمة مجموعة السبع» المقررة بين 11و13 يونيو في المملكة المتحدة. فالزخم موجود، وتحظى المؤسستان بدعم الرئيس جو بايدن وفقا لعدنان مزارعي وهومي خاراس. وأيدت واشنطن تخصيص حقوق سحب خاصة جديدة لصندوق النقد الدولي بقيمة 650 مليار دولار والتي من المقرر الموافقة عليها قريبا. وهو أمر لم يمكن بالإمكان تصوره في ظل إدارة ترامب.