أكثر من سماءٍ واحدةٍ الآن، صرتُ أقتنعُ، بأننا، أنتِ وأنا، يا أندريا لسنا تحت سماءٍ واحدةٍ. لِمَ أقولُ هذا بعدَ الأعوامِ كلِّها؟ بعدَ أنْ لم يَعُدْ لدينا ما يلسعُ في جسدِ الآخرِ وارتعاشةِ الهُدْبِ؟ هل اللغةُ سياجٌ؟ واللونُ؟ أعني البشَرةَ والعينين ورايةَ الشَّعرِ؟ الأتراك الذين كادوا يقتحمون بوّابةَ فِيَينّا؟ أم تظنينه الصيفَ؟ الصيفَ بهوائهِ الخفيفِ ونبيذِه الأبيض؟ دعي الستائرَ مُسْدلةً. مَن قال إن الصراحةَ فضيلةٌ؟ ألم يكُنْ خيراً لكِ لو تجاهلتِ المرأةَ الأخرى؟ ألم يكُنْ خيراً لي (ثم لنا نحن الإثنين) أن أتجاهلَ الرجُلَ الآخرَ؟ هل سيختلفُ العالَمُ؟ أعني هل ستَغرُبُ الشمسُ من الشرقِ؟ شجرةُ التينِ في حديقتِكِ المنزليّةِ لا تزالُ تُثمرُ تيناً أخضرَ مُرّاً. والزيتونةُ التي زرعتِها أنتِ بيدَيكِ القويّتَينِ، في حديقتي المنزليةِ بهَيرفيلد، لن تثمرَ أبداً. لكني أنتظرُ. على المرءِ أن ينتظرَ الشجرةَ. الشجرةُ، وحدَها، تعرفُ مواعيدَها. الخيمة النمساويّة خيمتُكِ النمساويّةُ قد نُصِبَتْ منذ ثلاثةِ أيّامٍ في أرضِ الصوماليّينَ بلندنَ، لكنْ منذُ ثلاثةِ أيّامٍ وثلاثِ ليالٍ أيضاً لم يدخلْ في الخيمةِ طفلٌ صوماليٌّ! كان هنالك موسيقى مسرحُ سحرٍ وعرائسَ رقصٌ هنديٌّ للمطرِ... لكنْ منذُ ثلاثةِ أيّامٍ وثلاثِ ليالٍ لم يدخلْ طفلٌ صوماليٌّ خيمتَكِ النمساويّةَ خيمةَ تلكَ الساحرةِ النصرانيّةِ خاطفةِ الأطفالِ الصوماليّين إلى الجنّةِ،جَنّتِها! المرسَم الأوّل يبدأُ المرسمُ حيثُ تنتهي السلالِمُ. لن يأتي أحدٌ هنا غيركِ، وغير رسّامَينِ: أحدهما محترِفٌ، والآخرُ مِسكين. موظّفو المبنى البلديّ والباحثون عن عملٍ لن يرتقوا هذه السلالِمَ التي تكادُ لا تنتهي. كأنّكِ في غرفةِ خادمةٍ في السماء السابعةِ لباريس. لم نتحدّثْ من قبلُ. كنتِ ترسُمين. مغرمةً بالمثلّثِ، كما أنتِ الآنَ. مغرمةً بالدلتا. كنتِ ترسُمين الدلتا ربما للمرّةِ الألفِ. زجاجةُ نبيذٍ أبيضَ أسفل حاملِ اللوحةِ. وحبّاتُ عنبٍ. الظهيرةُ اللندنيّةُ كانت واضحةً ذلكَ اليومَ. قلتُ لكِ: دلتا فينوس. سألتُكِ: أقرأتِ «دلتا فينوس» لأناييس نين؟نظرتِ إليّ نظرةً طويلةً. ابتسمتِ في داخلِكِ. كانت شفتاكِ الدقيقتانِ شِبْهَ مزمومتَينِ. ملأتِ الكأسَ حتى نِصْفِها بالنبيذ الأبيض. لم يكُنْ فرنسيّاً. قدّمتِ لي ثلاثَ حبّاتِ عنبٍ. قلتِ: قرأتُ أناييس نين. لم أسألْ بأيّ لغةٍ؟ هل تفَضِّلينَ الألمانيّةَ بلهجةِ الجنوبِ الألمانيّ؟ أنتِ من لِينتس. LINZ لم أفارقْكِ تلكَ الظهيرةَ. لا أتذكّرُ الآنَ إلى أيّ مكانٍ انتهَينا. إلى بار «الأسد الأحمر» في هانوَيل؟ غرفتِكِ المحتشدةِ في نورثهولت. أم إلى اللامكان؟ يوم التحرير في حديقة المنزلِ شبهِ المهملة الحديقةِ التي لا يجلسُ فيها أحدٌ الحديقةِ التي لا يُجالسُني فيها أحدٌ الحديقةِ ذاتِ الأصُصِ شبهِ الميّتةِ أفكِّرُ فيكِ وأنا أسمعُ للمرّةِ الأولى أصواتَ بَشَرٍ تَبْلغُني هنا في هذا المكان في هذه القرية الهولندية «إنه» يومُ التحريرِ هذا النهارَ أحتفلُ وأنا في الحديقةِ المهجورةِ أحتفلُ: لقد سمعتُ أصواتَ بشَرٍ! 05.05.2011