على غرار الأساتذة الأتراك الكبار لآلة القانون، يخلق الفنان سافاس أزكوك خلال حفلاته الموسيقية لحظات ممتعة ومؤثرة، بل ساحرة ومستهوية للمستمع، كلها جمال وكاريزمية. قمة النشوة، لحظات أخاذة، هذا قليل أمام مهارة هذا العبقري المزداد بمدينة «كازيانزيب» بتركيا. والذي تربى في أحضان أب عارف بالة القانون، حيث علمه كيف يعزف بعشق واحترام كبير على آلة أصيلة في الفن والثقافة الموسيقية العربية الإسلامية، ذكرت ابتداء من القرن العاشر ميلادي في المؤلف الفارسي الشهير «ألف ليلة وليلة». من المؤكد أن آلة القانون يعود تاريخها إلى الحضارات القديمة، حيث يرجع اسم كلمة «قانون» إلى الإغريقية «قانون» و»قانوني»، بمعنى: مقياس و مسطرة وقانون. غير أن الشقندي ذكر الاسم سنة 1231 من بين الآلات الموسيقية الأندلسية المشار إليها عند ابن خلدون سنة 1379 وعند ابن غيبي في اذربيدجان سنة 1418. على أن هذه الآلة القديمة ذات الصبغة العالمية تميزت بالمنمنمات الايطالية والبرتغالية للقرن الثالث عشر الميلادي، كما جاء في كتاب «كنز التحف» و كتاب «كشف الهمم» في القرن الرابع عشر. منذ ذلك الوقت انتقلت آلة القانون إلى أفغانستان (القرن الخامس عشر) واليونان وإيران (القرن السادس عشر) ثم الهند في نفس الفترة. وهكذا استطاع «القانون» (كاسم عربي) أن يتأقلم عبر التاريخ مع مختلف الثقافات والألوان الموسيقية، من المشرق إلى المغرب، مرورا بأوروبا الغربية. وقد استعملت تركيا آلة القانون كآلة عزف جوقية هامة، مثلها مثل العود في مصر أو في بعض البلدان العربية. وعلى هذا الأساس التاريخي ليس من الغريب أن نجد عازفين أتراك كبار بصموا وقتهم بمهارتهم وإبداعهم العالمي في العزف على «القانون»، مثل الفنان المشهور كميل باي تنبوري الأب الروحي لسافاس أزكوك. هذا الأخير وبفضل عزفه المتميز والمتناغم مع صوته الرخيم استطاع أن يتألق ليحمل المشعل لجيل جديد من العازفين المرموقين الذين استطاعوا أن يستقطبوا جمهورا عريضا في جميع المهرجانات الفنية والثقافية ذات الصيت العالمي. سافاس أزكوك حاصل على الإجازة في الموسيقى من «المعهد الموسيقي الوطني» بالجامعة التقنية باستانبول، ثم الماستر من جامعة هاليس. وازكوك موسيقي مجدد ومحافظ في نفس الوقت، يسعى إلى إبراز الإبداعات الصوفية العالمة الغير معروفة في التراث الفني التركي، مع التنقيب مثل عالم آثار على المقاطع المنسية لفنانين كبار مثل اليكو باكانوس و استيك أغا و إسحاق فارون أو ارتادي أركان. في الآونة الأخيرة أحيا الفنان سافاس أزكوك عدة حفلات داخل تركيا وخارجها مع الفرقة الصوفية «دراويش قونية» أو فرقة «استانبول الشرقيةالجديدة» (نيو استانبول اوريونتال). جائزة «زرياب للمهارات» لسنة 2010 ستمنح إذن للموسيقار سافاس أزكوك من طرف المجلس الوطني للموسيقى، عضو المجلس العالمي للموسيقى (اليونيسكو-باريس)، بشراكة مع المسرح الوطني محمد الخامس وبدعم من وزارة الثقافة المغربية. * نصر مكري في حفل فني سيفتتح الفنان الشاب نصر مكري، التشالنجر الجديد لموسيقى العالم العربي (وورد ميوزيك أراب)، ليلة «زرياب للمهارات» بأداء بعض أغاني ألبومه الجديد «علاش» (لماذا؟) وبعض الأغاني الحنينية للإخوان-الأسطورة «مكري». وسيكون نصر، الفنان المتؤلق، مرفوقا بموسيقيين مهنيين تم اختيارهم لمهاراتهم ولمعرفتهم العميقة لموسيقى العالم.