دعا المشاركون في المؤتمر الدولي السنوي حول "مكافحة التطرف العنيف: استجابات جديدة لتحديات جديدة"، الذي افتتح أشغاله أول أمس الثلاثاء بالرباط، إلى إرساء تعاون دولي فعال في التصدي لظاهرة الإرهاب والتطرف العنيف التي تشهد تحولات متسارعة ومطردة. وسجلت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة، والمديرة التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب التابعة للأمم المتحدة، ميشيل كونينسكس، أنه على الرغم من اندحار تنظيم (داعش) في الساحة السورية والعراقية، فإن العالم يشهد تحولا في التهديد الإرهابي، ما يقتضي بلورة مقاربات جديدة ومبتكرة وتعاونا دوليا واسعا وفعالا لمعالجة ظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب الذين ينتقلون عبر الحدود الدولية. وأبرزت كونينسكس، في هذا السياق، أن الدول تعمل، وفقا لقرارات مجلس الأمن الدولي، على بلورة استراتيجيات للملاحقة القضائية وإعادة التأهيل والإدماج لهؤلاء المقاتلين وأفراد أسرهم، مشيرة إلى أن اللجنة تسعى مع الحكومات ومع شركائها الدوليين والإقليميين إلى تعزيز المقاربات الوطنية الخاصة بالملاحقة القضائية وإعادة التأهيل والإدماج، بما يتماشى مع المعايير الدولية والإقليمية والقوانين الوطنية. واعتبرت المسؤولة الأممية أن اندحار تنظيم (داعش) في المنطقة العراقية السورية وانتقال مقاتليه إلى مناطق مثل غرب إفريقيا ومنطقة الساحل يطرح تحديات جسيمة تستلزم تكثيف الجهود التي ينبغي، وفقا لها، أن تراعي البعد الجنساني بإشراك المرأة في هذا المسعى. من جهته، شدد رئيس مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، كريم العيناوي، على ضرورة التكامل بين البعدين العملي والعلمي في فهم ظاهرة التطرف العنيف والتصدي لأسبابها الجذرية وتحدياتها، وأهمية تبادل التجارب بين مختلف القطاعات والتخصصات وبين صناع السياسات والأوساط الأكاديمية للتصدي لهذه الآفة. كما سلط العيناوي الضوء على الدور المحوري للتربية والثقافة وتعزيز الخدمات العمومية على المستوى المحلي واللامركزي، والتعاون والتأهب والتفكير في حلول جديدة مبتكرة. أما ممثل المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة في هذا اللقاء، عبد الإله بنعرفة، فأبرز أهمية الثقافة في التصدي لظاهرة التطرف العنيف والإرهاب عبر إسهامها في بناء الشخصية السليمة المتصالحة مع محيطها. واعتبر في هذا الصدد أن الثقافة يمكن أن تضطلع أيضا بدور فعال في مرحلة ما بعد وقوع العمليات الإرهابية، باستدعاء جميع القيم الثقافية لإعادة الإدماج والمصالحة وإجراء المراجعات الفكرية وإعادة نسج خيوط الحوار، وخلق فضاءات للحوار واللقاء. ولفت إلى أن المنظمة تتعاون مع عدد من المؤسسات المغربية، مذكرا بإبرامها اتفاقية مع الرابطة المحمدية للعلماء لوضع مجموعة من البرامج والمشاريع تندرج ضمن المقاربة الاستباقية للتصدي للفكر المتطرف، تتمثل في التشبيك مع الجامعات والمعاهد البحثية والتدريب في مجال تفكيك خطاب التطرف والغلو، مشيرا إلى الشروع في إعداد أول دليل موجه للمؤسسات الجامعية والبحثية في هذا المجال، وأول موسوعة عالمية في تفكيك خطاب التطرف. وتتواصل أشغال المؤتمر الدولي السنوي حول مكافحة التطرف العنيف، الذي ينظمه "المرصد المغربي حول التطرف والعنف"، بشراكة مع المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، ومركز السياسات من أجل الجنوب الجديد والرابطة المحمدية للعلماء، حتى يومه الخميس. ويتميز المؤتمر بمشاركة خبراء وممارسين متدخلين في قضايا الإرهاب والتطرف العنيف من مختلف القارات والدول (المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا، موريتانيا، السنغال، نيجيريا، كينيا، إسبانيا، فرنسا، بريطانيا، إيطاليا، بلجيكا، سويسرا، هنغاريا، الولايات المتحدة الأمريكية، النمسا، البرتغال، النرويج، رومانيا، مالطا، مصر، المملكة العربية السعودية، الفلبين)، ومؤسسات إقليمية ودولية في مقدمتها المديرية التنفيذية لمكافحة الإرهاب للأمم المتحدة. وتجري أشغال المؤتمر، بالنظر لحالة الطوارئ الصحية السارية حاليا، في شكل مزدوج بحضور متدخلين ومشاركين في الرباط، مع توفير الشروط الوقائية لسلامة المشاركات والمشاركين، ومداخلات ومشاركات عن بعد عبر تقنية (فيديو كونفيرونس).