السقطة المهنية والأخلاقية التي اقترفتها قناة»الشروق» الجزائرية تكشف درجة السعار التي يوجد عليها جنرالات الجزائر، ومستوى الجنون الذي يلفهم، وصار لسانهم الإعلامي والدعائي يركض بسرعة كبيرة نحو قاع المنحدرات بلا مبالاة. ما عرضته»الشروق»، التي هي غارقة في الظلام والجهل، ليس له عنوان أو معنى سوى السفاهة وانعدام المروءة والذوق و… الانحطاط. البرنامج الساخر لم يتوفر له الحد الأدنى من هذه السخرية المفترى عنها، وخلا من أي إبداع أو مهنية، ولم يكن سوى»بسالة»… المضامين التي عرضت قدمت إساءة معلنة وفاضحة للمغرب والمغاربة، ولجلالة الملك، ولم تتردد في تقديم الأسماء والصفات، ولم تخجل أيضا من الإشادة بالحرب، وتبني خطابات الحقد والكراهية، وكل هذا يتناقض مع أبسط قواعد أخلاقيات المهنة كما هو متعارف عليها في كل العالم، كما يعتبر خرقا للقانون المحلي الجزائري نفسه. سقطة البوق الدعائي الجزائري لم تكن مفاجئة، ذلك أن النظام العسكري الجزائري جند ماكينته الدعائية منذ شهور لتكثيف ترويج الأكاذيب والمغالطات في حق المغرب، وتابع العالم كله هذه الصبيانيات التي سخر منها حتى الأطفال، وكل ذلك لم يوليه المغرب أهمية كبيرة، ولم ينشغل به، وإنما استمر في تحقيق التراكمات الإيجابية والمكتسبات لفائدة القضية الوطنية، وواصل الإنكباب على قضاياه الجوهرية معرضا عن الترهات، وعن سعار المعتوهين. هذا الإعراض المغربي فاقم جنون عسكر الجزائر، ولم يترددوا في تجاوز الحدود، وخرجوا عراة من كل حرص أخلاقي، ولو في حده الأدنى، وصار الكلام لديهم مكرسا للأسلوب التحقيري الحاط من الكرامة، وتحول الخطاب كما لو أن الأمر يتعلق بفتيان منحرفين في الحواري. الأكاذيب والتلفيقات والمغالطات لم تعد تكفي، وحلت محلها الآن الصفاقة والبذاءة، مضمونا ولغة وفِي الأشكال. لم يكشف النظام العسكري الجزائري وماكينته الدعائية عن الفشل السياسي فحسب، وإنما أضاف إلى ذلك الإعلان، صراحة وجهارا، عن فشل أخلاقي فاضح. مرة أخرى يتأكد أن هذا النظام المستبد والمتكلس والجامد يصر على السير ببلاده والمنطقة نحو المجهول، ولا يبالي لا بتطلعات شعبه وواقعه، ولا بانتظارات شعوب المنطقة المغاربية، وما يطرح اليوم من تحديات إستراتيجية وتنموية ومجتمعية على المنطقة والعالم. وبرغم ما يتعرض له هذا النظام الغارق في الجمود والتيه من خيبات داخلية ودبلوماسية، وما يتحقق للمغرب، في المقابل، من مكتسبات وانتصارات، فهو يستمر في الحمق. لا يستطيع عاقل أن يفهم معنى أن ينشغل هذا البلد بالإساءة لبلد جار له وتكثيف مناورات استهدافه طيلة عقود متتالية، ولم يخصص نفس السنوات للإنصات لشعبه، والإنكباب على حل المعضلات التنموية والديمقراطية الداخلية، وتوفير العيش الكريم للشعب الجزائري. لم يكتف هذا النظام المستبد بتجييش الشعب والشباب عبر المقررات الدراسية والخطاب الإعلامي والمناورات السياسية، ومن ثم السعي لتكريس نفسية عدائية عامة تجاه المغرب والمغاربة، ولكنه أيضا سخر كامل الماكينة الإعلامية لتركز خطوطها التحريرية كلها على الإساءة للمملكة ومؤسساتها، ومن ثم تحول عدد من الصحفيين هناك، مع الأسف، إلى أدوات لإشعال نيران العداء بدل المساهمة في الحل، وتحقيق التقارب. المغرب على كل حال مستمر في الإنكباب على قضاياه الأساسية، وفي نفس الوقت يواصل تمتين اليقظة والتعبئة لحماية مصالحه الوطنية والإستراتيجية، وهو ما فتئ أيضا يمد يده من أجل الارتقاء بالعمل المغاربي المشترك لمصلحة الشعوب، ومن أجل صناعة المستقبل. المغاربة لن يهزمهم التلفيق، ولن ترعبهم الدناءة، ولن تؤثر فيهم كل هذه»لبسالة»، ويترك للآخرين أن يتعروا كما يشاؤون، وأن يكشفوا عن كل عوراتهم الأخلاقية والسياسية والعقلية وغيرها. بعض نخبة البلد الجار، والأوليغارشية العسكرية المتسلطة، تجسد اليوم سقوطا سياسيا وأخلاقيا مدويا. لقد انهزمتم… محتات الرقاص