أكد الخبير الدولي ورئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية، محمد بنحمو، يوم السبت الماضي ببروكسيل، أن المغرب اختار التغيير في مناخ يسوده الاستقرار والاستمرارية، مجسدا بذلك الخاصيات التي جعلت منه نموذجا على المستوى الإقليمي. وأوضح بنحمو، في حديثه خلال ندوة دولية حول موضوع «المغرب في عالم عربي يتحرك»، أن «المملكة انخرطت طوال العقد الأخير في إطار مؤسسة ملكية مواطنة، من خلال نهج مقاربة جديدة قوامها رؤية وطنية قائمة على اتخاذ التدابير المحلية الملموسة، والتي تروم تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبشرية». وأشار الجامعي والباحث المغربي، إلى أن دينامية الإصلاحات انطلقت بشكل فعلي في المغرب، مضيفا أن المملكة تسير بوتيرة سريعة وبخطى حثيثة نحو صياغة دستور جديد. وسجل بنحمو، أن تطور الدستور المغربي يمتد لتاريخ طويل، مؤكدا من جهة أخرى، أن النظام الملكي كان على الدوام الأساس المتين الذي قام عليه كل من الدولة والمجتمع المغربيين. وقال إن «الدستور السادس في تاريخ المملكة والموجود في طور الإعداد، يعد النص الكفيل بجعل المغرب يرسي أسس دولة العدالة والديمقراطية»، مضيفا «إننا في خضم تجسيد هذا الخيار الاستراتيجي الذي يتبناه صاحب الجلالة الملك محمد السادس». ويرى هذا الجامعي، أن هذا المسلسل الديمقراطي كان واسعا وشاملا كما عرف العديد من الإصلاحات المختلفة من حيث طبيعتها، إن في المجال الاجتماعي والاقتصادي أو السياسي. وقال إن هذا الإصلاح يحافظ على مميزات المغرب وخصائص نهجه، على اعتبار أنه يعد البلد الوحيد في المنطقة الذي اختار، منذ نهاية الحماية، التعددية الحزبية عبر إلغاء نظام الحزب الواحد، كما اختار الاقتصاد الحر وأقر الحقوق والحريات بموجب ظهير 1958. وأكد بنحمو، أن التوجه الحالي المنتهج من طرف المغرب يكتسي ميزة خاصة، بالنظر إلى أن الإصلاحات تنفذ حاليا في إطار مقاربة تشاركية، مشيرا إلى أن التوجه التي اختاره جلالة الملك محمد السادس لتنفيذ الإصلاح يتمثل في تشكيل لجنة مفتوحة على مجموع المكونات النشيطة بالمجتمع، لاسيما الفاعلون المجتمعيون والسياسيون والجمعويون. وأكد أنه تم في هذا السياق، فتح حوار واسع حول الدستور، موضحا أن «المغاربة يرسمون سوية معالم هذه الوثيقة، ومن ثم فإنهم يشيدون مستقبلهم بوضع كل فرد لبصمته الخاصة ...وبالتالي لا يمكن أن نكون إلا واثقين من إيجابية النتائج». وعلاوة على نهج المقاربة التشاركية -يضيف بنحمو- يتميز هذا الإصلاح بممارسة الديمقراطية المباشرة من خلال الاستفتاء، على اعتبار أن الشعب المغربي سيعبر عن رأيه بخصوص مشروع الدستور المقبل. من جهة أخرى، أثار بنحمو وضعية بعض الدول العربية التي تشهد موجة من الاضطرابات والتوترات على خلفية المطالبة بالتغيير «الذي يصنع في بعض الدول بطعم الألم وفي البعض الآخر بشكل تراجيدي، بينما تواصل دول أخرى قمع كل تطلع نحو التغيير». وسلط هذا الخبير الدولي الضوء على العديد من الإشارات القوية التي تعكس انفتاح وانخراط المملكة على طريق تجسيد الديمقراطية ودولة القانون، لاسيما المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومدونة الأسرة وهيئة الإنصاف والمصالحة، إلى جانب المجلس الاقتصادي والاجتماعي والمجلس الوطني لحقوق الإنسان. وقد تم تنشيط هذه الندوة، المنظمة بشكل مشترك بين البلدية البلجيكية مولينبيك سانت جورج وجمعية «ميديتيرانيا»، من طرف ثلة من السياسيين والدبلوماسيين والخبراء والجامعيين، من كل من المغرب وبلجيكا والولايات المتحدة.