تعرض أحد الفنانين الفكاهيين (الفنان الملقب بإيكو) لوابل من السب والشتم في مختلف وسائط الاتصال، على إثر تنشيطه لبرنامج ترفيهي تلفزيوني موجه للأطفال. التهمة التي تم توجيهها لمنشط البرنامج الذي يحمل عنوان مدرسة المعجبين والذي تبثه القناة الثانية للتلفزة المغربية، تتمثل في إساءة اختيار الأسئلة التي كان يوجهها لضيوف برنامجه الذين ينتمون لفئة الأطفال، وإن كان هدفه من تلك الأسئلة هو خلق جو من المرح والترفيه، بموازاة مع اكتشاف مواهب ناشئة في عدة مجالات فنية: الغناء والرقص والتعبير الجسدي والعزف الموسيقي.. غير أن ذلك أثار حفيظة العديد من المشاهدين إلى حد أنهم طالبوا بإلغاء البرنامج ومحاسبة المسؤولين عنه، وعلى رأسهم منشطه. هل كان هؤلاء على حق؟ ألم يكن حكمهم متسرعا؟ هل يكون سبب غضبهم وثورتهم؛ الصدمة التي خلفها لديهم البرنامج باعتباره سعى إلى التجديد على مستوى البرمجة الترفيهية التي تستهدف فئة الأطفال، من حيث الخطاب والمحتوى والديكور وغير ذلك؟ ونحن نعلم أن أي تكسير للجمود والتقليد، عادة ما يكون عرضة للرفض، خاصة من طرف المحافظين. إنهم عادة ما ينظرون إلى أي شكل من أشكال التجديد والاختلاف باعتباره بدعة وأن كل بدعة ضلالة وأن كل ضلالة في النار، ولهذا لم يترددوا في المطالبة بإحراق البرنامج الترفيهي. هذه الحادثة التي لا أعتقد أنها طرحت بالحدة نفسها من قبل، والتي ساهم في تأجيجها الانفتاح على مواقع التواصل الالكتروني؛ جعلت مسألة أساسية تطفو على السطح، وهي المتعلقة بالبروفايل الخاص بمنشطي البرامج التلفزيونية والإذاعية على حد سواء، ليس فقط البرامج الترفيهية من قبيل برنامج الفنان إيكو، بل مختلف البرامج: الثقافية والاقتصادية والسياسية وما إلى ذلك. لا يزال هناك تقصير على هذا المستوى، فجل البرامج الحوارية المبثوثة في قنواتنا التلفزية والإذاعية، على قلتها، نجدها مخيبة للآمال، وهذا يرجع بالأساس إلى عدم إيلاء أهمية وضع المنشط المناسب في المكان المناسب. تجد بعض هؤلاء المنشطين لم يسبق لهم أن قرأوا كتابا واحدا، ومع ذلك يسند له إعداد وتنشيط برنامج خاص بالأدب والفكر. وحتى على مستوى البرامج الترفيهية التي قد يتم اعتبارها سهلة التحضير والتقديم ولا تتطلب رصيدا معرفيا، نجد هناك من ينشطها وهو لا يملك غير إطلاق العنان لضحكه. كيف يعقل أن الضحك يشغل أغلب المساحة الزمنية لبعض البرامج؟ أتحدث هنا بالخصوص عن البرامج الإذاعية، وبالأخص عن تلك التابعة للقطاع الخاص. ليس هناك احترام لقواعد العمل الصحافي، في حدودها الدنيا. إن برنامج مدرسة المعجبين الذي ينشطه الفنان إيكو، ليس برنامجا مدرسيا، علما بأن هذا النوع من البرامج له مكانه وتوقيته المحدد، في زمن الدراسة عن بعد، بل الأمر يتعلق ببرنامج ترفيهي، الهدف منه اكتشاف المواهب الناشئة، ولا شك أن الأطفال المشاركين في البرنامج وكذا مشاهديه، واعون بذلك، وبالتالي فهم لن يأخذوا مأخذ الجد الأسئلة الساخرة التي كان يطرحها عليهم والتي أثارت حفيظة العديد من المتتبعين، إلى حد المطالبة بمحاكمة المنشط وغيره من المسؤولين عن البرنامج. الشيء الأكيد أن خريطة برامج قنواتنا التلفزية ومحطاتنا الإذاعية، تفتقر إلى الإنتاج الوطني في مجالات مختلفة: الثقافة، الدراما، العلوم.. وبالتالي من المفروض تشجيع هذا الإنتاج رغم ما قد يتخلله من هفوات بسيطة.