خلف الشريط الوثائقي «الحصلة» الذي بثته القناة الثانية نهاية الأسبوع المنصرم، ردود فعل غاضبة، يرجع ذلك إلى كون الشريط المغضوب عليه قدم صورة سلبية عن أحد الأحياء الشعبية بمدينة الدارالبيضاء: الحي المحمدي، هذا الحي العريق الذي تخرجت فيه رموز الثقافة المغربية في شتى المجالات. لم يرض الغيورون على الحي المحمدي أن يتم إنتاج شريط وثائقي تستعرض فيه المظاهر السلبية لا غير، حيث يدور المحور الرئيسي لشريط الحصلة حول وضعية الجيل الحالي من سكان الحي وهم في أسوأ أحوالهم الاجتماعية والتربوية.. شباب يتعاطون المخدرات، جهلة، يائسون، يمارسون العنف اللفظي والجسدي، لا أفق لهم. ومما أجج غضب أغلب من شاهد هذا الشريط الوثائقي أن منتجه لديه سوابق، إذا صح التعبير، في ما يخص إنجاز أعمال من هذا القبيل، وهذا المنتج ليس سوى نبيل عيوش الذي أثار ضجة قبل مدة ببعض أشرطته التي قدمت صورة عن المغرب بأنه بلد الدعارة والأطفال المشردين والأوساخ. لكن هل ينبغي عدم إنتاج أشرطة من هذا النوع، سواء كانت وثائقية أو تخييلية؟ طبعا لا، على اعتبار أن كل بلد أو كل مجتمع لا بد أن نجد فيه الوجه السيئ والوجه الحسن، ليس كل شيء أسود مثلما أنه ليس كل شيء وردي، فإذا كان منتج شريط الحصلة، رأى أنه لا يمكن تسويق شريطه على نطاق أوسع، دون التركيز على المظاهر السلبية والبشعة لمجتمعنا الذي لا أحد ينكر أنه يتخبط في العديد من المشاكل، سواء ما تعلق منها بالبيئة أو الصحة أو الأمن أو أو أو أو.. أوغيرها من المشاكل. من حقه أن يفعل ذلك، فهو منتج، أي أنه مجرد تاجر، وطبعا ليس هناك تاجر يسعى إلى أن تبور تجارته، لقد استخدم المنتج ذكاءه وقام بتمويل شريط فاضح لأجل الكسب المادي، ولا شك أن الكثيرين يتذكرون تلك المقولة الفلسفية التي درسوها لنا: «كل التجار أذكياء، فلان تاجر، إذن فلان ذكي». أعتقد أن كل الضجيج الذي أثير عند خروج الشريط الوثائقي الحصلة إلى الوجود، لا يقدم ولا يؤخر. طبعا، يمكن لنا أن نستسيغ غيرة البعض على الحي المذكور، لأنهم كانوا ينظرون إليه باعتباره مفخرة، نشأت فيه وترعرعت رموز الثقافة المغربية وأبطال في مجال الرياضة. يكفي ذكر معلمة دار الشباب الحي المحمدي ليرتعش الفؤاد. هذه المعلمة لوحدها بحاجة إلى شريط وثائقي كامل. إن شريط الحصلة قد تم إنتاجه، وليس من حق أحد أن يمنعه ويقمع أصحابه، لأن هذا الفعل لا يمت إلى حرية التعبير بصلة، ولعل أفضل جواب على هذا الشريط الوثائقي هو إنتاج شريط مواز له، يقوم على قاعدة إبراز الوجه المشرق للحي المحمدي.