إفريقيا في قلب برنامج الدورة 14 لمهرجان «كناوة الصويرة» التواضع، التقاسم، الأخوة والتعايش، الاحتفال والتبادل، بهذه الكلمات البسيطة لغويا القوية دلالة باعتبارها القيم المؤسسة للفن الكناوي، بهذه الكلمات ذات الوقع السحري، يمكن اختصار مضمون مهرجان كناوة وموسيقى العالم الذي تستعد حاضرة الصويرة وفضاءاتها البهية لاحتضان فعاليات دورته الرابعة عشرة. نائلة التازي عبدي، مديرة مهرجان «كناوة الصويرة»، صرحت خلال ندوة صحفية عقدتها الخميس الماضي بالدار البيضاء، أن الدورة 14 من مهرجان كناوة وموسيقى العالم التي تعقد ما بين 23 و26 يونيو المقبل، ستعرف بعض المتغيرات وتتضمن العديد من المفاجآت، سواء على مستوى الفنانين المشاركين، أو من خلال استخدام منصات جديدة، إلى جانب تخصيص مبلغ مالي ستستفيد منه مجموعة من المواهب المحلية في مدينة الصويرة. مذكرة بسعي المنظمين خلال هذه الدورة إلى تجاوز مجموعة من العقبات التي ميزت الدورات السابقة. وأضافت التازي أن المهرجان تمكن خلال 13 سنة من كسب رهان وفاء وتنوع جماهير وشركاء المهرجان، وجذب السياح وتحقيق الأثر الاقتصادي، وإبراز قيمة التراث، زيادة على اكتشاف المواهب الجديدة. ومنذ ذلك الحين، وبعد أن أصبح فنانو كناوة رمزا حقيقيا للثقافة المغربية، أضحت العديد من التظاهرات داخل المغرب وخارجه تكرمهم، و أصبحت المدينة قبلة لا يمكن أن يستغني عنها السياح، ولا سيما منهم عشاق الموسيقى. بعد 13 سنة من الوجود يعود المهرجان في دورته ال14 ليؤكد على تكريسه وترسيخه للقيم الإنسانية التي حملها منذ انطلاقه، والاستمرار في بحثه الدؤوب لإرساء حوار مثمر بين الثقافات والانفتاح وتقاسم القيم، وهو ما أهله كأول مهرجان إفريقي ومغاربي ينضم إلى الشبكة الدولية لمهرجانات «دو كونسير». جمعية مهرجانات «دو كونسير» التي تضم 24 مهرجانا فنيا تمثل سبعة أمم من قارات أوروبا وإفريقيا وشمال أمريكا. هذه المهرجانات التي تعتبر فاعلا ثقافيا انطلاقا من انخراطها بشكل استمراري في الحقل الثقافي والاقتصادي لبلدانها، كما تدافع عن قيم التشارك والأخوة والمواطنة واحترام البيئة وتشجيع الإبداع الفني. أجواء فريدة من نوعها خلال 4 أيام من الاحتفالات، 3 مواقع للعروض الموسيقية الحميمية، منصتان كبيرتان، 3 إقامات فنية، 34 حفلا موسيقيا، 400.000 مشارك ينتظر حضورهم للمشاركة في هذا العرس الصويري / العالمي. فمنذ أول مهرجان سنة 1998 ارتفع عدد المشاركين من 20 ألف إلى 200.000 سنة 2006 ربما فيهم حوالي 10.000 أجنبي وهكذا أصبح مهرجان الصويرة من أشهر مهرجانات المغربية شعبية. وحسب المنظمين فان ميزانية المهرجان، تبلغ هذه السنة، 000 600 10 درهم، مقابل 000 820 10 درهم، في سنة 2010. وللمحتضنين نصيب الأسد في هذه الميزانية، إذ أن مساهمتهم في تمويل المهرجان وصلت إلى 91.5 في المائة (9.690.000 درهم)، في حين بلغت نسبة التمويل العمومي 8.5 في المائة (910.000 درهم). ومن جهته اعتبر الفنان الكناوي عبد السلام عليكان، المدير الفني للمهرجان ورئيس جمعية إرمى كناوة، أن «هذه الدورة ستكون غنية، لأن جميع الفنانين جاؤوا حبا في الفن الكناوي، مشيرا إلى أن «المهرجان يلم شمل «المعلمين»، الذين يستفيدون من بعضهم البعض». مؤكدا على الوفاء المتواصل لروح المهرجان، وعدم الخروج عنها بالمحافظة على الطابع الأصيل»، كاشفا في الوقت نفسه أنها «المرة الأولى التي ستجري فيها مشاركة العنصر النسوي، الذي سيرافق «معلم» من مدينة مكناس». وأوضح أن «هذه الفكرة اجتهاد من معلم في مكناس»، مشيرا إلى أنه «قام بتدريب مجموعة من الكناويات، قبل أن يصعدن إلى المنصة في الدورة ال 14». دورة 2011 من 23 إلى 26 يونيو، ستلبس مدينة الصويرة أجمل حللها لاستضافة الدورة 14 لمهرجان كناوة وموسيقى العالم وستفتح موكادور الجميلة أزقتها وشواطئها وساحاتها العمومية لاستقبال الموسيقى. وقد أصبحت المدينة في غضون بضعة سنوات بمثابة «وودستوك» المغرب. ليال متعددة الألوان تضج بالموسيقى للتهدئة من روع نفوس في أجسام تخترقها إيقاعات محمومة في إطار شيق وحميمي، يعكس الصورة التي تكون عليها المدينة خلال المهرجان ! ذلك لأن المهرجان يتمثل قبل كل شيء آخر في الجو الذي يسود فيه. وليس ثمة جو آخر يستهوي بهذه الدرجة الإنصات و إطلاق العنان. هنا يشعر المعلمين أنهم في ديارهم. فقد ظهرت أغانيهم و شكواهم للوجود على أرض العبور، هذه الأرض المضيافة والمنفتحة على العالم. ففي الصويرة يتنافس الموسيقيون في الإبداع و الابتكار. وعندما يسري سحر الموسيقى، تتمايل الأجسام الأكثر تصلبا، تنعطف، تستسلم وتتحرر. ولذلك تستعمل كلمة « سحر» عند الحديث عن مهرجان كناوة وموسيقى العالم. لقاءات موسيقية تتجدد في كل دورة وتستحث التأمل وتصنع المفاجأة. وفي هذه الدورة 14، وعلى غرار ما يحدث كل سنة، ستغمر الجمهور سعادة القرب من الموسيقيين. و ستتعزز اللقاءات الموسيقية هذه السنة بمنصة جديدة، وهي منصة قلعة باب مراكش. وبعد العرض الذي احتضنته في 1999 بمناسبة المهرجان، تحت رئاسة نوال سلاوي بالطابق السفلي للقلعة، الذي يعد من أبرز أماكن العروض بالصويرة. هذه السنة و بمبادرة منظمي المهرجان، تم طرح فكرة إعادة ترميم هذه المعلمة التاريخية التي تعود للقرن 19 ، خاصة الطابق العلوي والشرفة وقد دخلت أشغال الترميم حيز التنفيد مما سيبث روحا جديدة في هذه البناية. ما سيمنح للمدينة موقعا للعروض ينسجم مع صورتها. شجرة الكلمات مهرجان كناوة ليس احتفالات ولوحات فنية من التراث فقط بل هو كذلك لحظات للتأمل من خلال برنامج شجرة الكلمات الذي يعد من بين تقاليد مهرجان كناوة وموسيقى العالم. و تنعقد شجرة الكلمات ، وهي منبر للحوار المفتوح يجمع الفنانين والجمهور كل يوم ابتداء طيلة أيام الدورة، من الساعة الخامسة بعد الزوال بمقر مركز «أليانس الفرنسي»بالصويرة، وتمثل الحميمية والتقاسم السمتان الرئيسيتان لهذا اللقاء الذي يشجع على تبادل الأفكار بروح أخوية. وتنشطه إمانويل هونوران»، الناقدة الموسيقية، ويستضيف كل يوم فنانين إلى جانب معلمي كناوة الأكثر شعبية و تألقا خلال الدورة التي ستضع هذه السنة إفريقيا في قلب برنامجها الموسيقي، حيث سيحضر فنانون موهوبون لتكريم الأرض الأم، لتكريم إفريقيا في صورتها المثلى.