المغرب يعزز دوره القيادي عالميا في مكافحة الإرهاب بفضل خبرة وكفاءة أجهزته الأمنية والاستخباراتية    هزة ارضية تضرب نواحي إقليم الحسيمة    ارتفاع رقم معاملات السلطة المينائية طنجة المتوسط بنسبة 11 في المائة عند متم شتنبر    إيداع "أبناء المليارديرات" السجن ومتابعتهم بتهم الإغتصاب والإحتجاز والضرب والجرح واستهلاك المخدرات    بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    لقجع وبوريطة يؤكدان "التزام" وزارتهما بتنزيل تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية بالمالية والخارجية    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    عبد الله بوصوف.. النظام الجزائري من معركة كسر العظام الى معركة كسر الأقلام    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة        المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء    التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور        قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب        19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تغير المناخ يهدد الأمن والسلم وسلامة المجتمع
نشر في بيان اليوم يوم 04 - 10 - 2020

تحتفل الدول العربية يوم الأربعاء 14 أكتوبر الجاري باليوم العربي للبيئة تحت شعار "النفايات الالكترونية واقع وحلول"، وهي مناسبة للوقوف عند الاختلالات التي تعرفها مجموعة من المنظومات الايكولوجية، وجرد أهم المنجزات التي تحققت والتحديات المناخية التي تواجه الدول العربية، حيث من المنتظر أن تحتضن مدينة القدس بصفتها "عاصمة البيئة العربية للعام 2020" الاحتفالات الرسمية لهذه السنة.
ويتزامن هذا الاحتفال العربي مع تسجيل يوم الأربعاء الماضي 29 شتنبر 2020 لرقم قياسي عالمي لذوبان جليد القطب الشمالي، حيث وصل إلى مستويات غير مسبوقة، وذكرت دراسة نشرت الاسبوع الماضي أن ذوبان الغطاء الجليدي في جرينلاند سيؤدي إلى ارتفاع مستويات سطح البحر بشكل حاد في القرن الحادي والعشرين مقارنة بأي قرن آخر حتى لو تم احتواء الاحتباس الحراري، هذه الدراسة، التي أعدت بناء على عينات ونماذج الجليد، ترجع تاريخ بناء الغطاء الجليدي الى حقبة الهولوسين وهي حقبة جيولوجية بدأت منذ 11700 عام، وتخلص الدراسة أيضا إلى أنه إذا استمرت انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنفس المعدل، فإن طبقة الجليد التي يبلغ طولها عدة كيلومترات يمكن أن تتقلص بمقدار 36000 مليار طن بين عامي 2000 و2100 وهو ما يكفي لرفع المحيطات بمقدار 10 سم، وحتى أواخر تسعينيات القرن الماضي، كانت هذه الطبقة الجليدية تكتسب كتلة من تساقط الثلوج تقريبا بقدر ما كانت تفقد في الصيف مع انهيار الأنهار الجليدية وذوبان الجليد لكن هذا التوازن اختل بسبب تسارع تغير المناخ.
اليوم العربي للأرصاد الجوية
وكانت الدول العربية قد احتفلت يوم 14 شتنبر الماضي بالذكرى الخمسين لليوم العربي للأرصاد الجوية تحت شعار: "المناخ وسلامة المجتمع"، في ظل الانعكاسات السلبية لبعض الظواهر الجوية والمناخية على حياة الناس التي قد تِؤدي الى خسائر مادية ولوجستيكية كبيرة وخسائر في الأرواح كالفيضانات القوية التي ضربت السودان وتونس والجزائر مؤخرا.
اختيار "المناخ وسلامة المجتمع" شعارا لهذا اليوم، يأتي نتيجة عمل جبار تقوم به الهيئات العربية لرصد أحوال الطقس في مختلف الأقطار من أجل تحسين دقة وكفاءة النماذج العددية في المنطقة العربية، وبناء قاعدة للبيانات المناخية تساعد على تقديم خدمات مناخية موثوقة لدعم التنمية المستدامة وبناء القدرة على التعايش مع المناخ، كما تقوم بإمداد جميع القطاعات الحيوية بمعلومات دقيقة وضرورية "لاتخاذ القرار ووضع إستراتيجيات التأقلم للحد من آثار وانعكاسات تغير المناخ بهدف حماية أمن وسلامة المجتمع.
ما هي الروابط بين تغير المناخ
وقضايا الأمن؟
يمكن تحديد الروابط بين تغير المناخ وقضايا الأمن المجتمعي من خلال النظر أولا في التهديدات التي يشكلها تغير المناخ على الأمن البشري بمفرده أو بالاشتراك مع عوامل أخرى، وعندما نتكلم عن الأمن المجتمعي المتعلق بتغير المناخ فإننا نقصد قضايا الأمن الغذائي، وتوافر المياه، والتعرض للأحداث المتطرفة أو ضعف أراضي الجزر والمناطق الساحلية، كما يمكننا أن ندرس كيف يمكن أن تتحول هذه المخاطر التي يتعرض لها الأمن البشري مع التشكيك في الاحتياجات الأساسية لبعض السكان أو زيادة هشاشتها، إلى قضايا تتعلق بالأمن الجماعي، ولا سيما من خلال أربع طرق: مصحوبا بإفقار السكان، ومصادر النزاعات المحلية لاستخدام الموارد، والتوترات الدبلوماسية والصراعات الدولية، وانتشارها إلى المناطق التي تم تجنيبها في البداية عن طريق تدفقات الهجرة.
الوعي بمخاطر تغير المناخ
ظهر الوعي بالمخاطر المرتبطة بتغير المناخ في الثمانينيات، وهو العقد الذي لفتت فيه سلسلة من المؤتمرات العلمية الانتباه إلى الأخطار المحتملة للاضطرابات البشرية في الغلاف الجوي وآليات ذلك، على سبيل المثال مؤتمر تورنتو بكندا عام 1988 حيث تم التركيز على الآثار السلبية لتدهور الغلاف الجوي وبصورة أدق من زاوية قضايا الأمن العالمي، حيث يشير شعار المؤتمرات: "التغيير الغلاف الجوي: التداعيات على الأمن العالمي"، ويحتفظ الإعلان الختامي للمؤتمر على وجه الخصوص بما يلي: "تجري البشرية تجربة غير مقصودة وغير خاضعة للرقابة ومنتشرة عالميا يمكن أن تكون عواقبها النهائية في المرتبة الثانية بعد حرب نووية عالمية"، لكن الجانب الأمني لملف "تغير المناخ" تلاشى بعد ذلك من الأجندات السياسية والدبلوماسية كأولويات فرق البحث التي حشدتها دراسة الظاهرة ونطاقها وانعكاساتها الاجتماعية والاقتصادية المحتملة.
وخصصت هيئة الخبراء الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بضعة أسطر فقط للإجابة عن التساؤلات المتعلقة بتغير المناخ وعلاقتها المباشرة بتحقيق الامن المجتمعي، حيث تحدث الخبراء عن إمكانية طرح ثلاثة أسباب على الأقل، مترابطة لشرح هذا التطور، أولا: تقتصر تقييمات الأثر الأولي على بلدان النصف الشمالي من الكرة الأرضية وتشير إلى تغير مناخي تدريجي، ذي اتساع معتدل مع تأثيرات محدودة، حتى أنها تقدم مكاسب محتملة، ولذلك فهي تحجب قضية المخاطر على المناطق المدارية المعترف بها اليوم على أنها الأكثر عرضة لتغير المناخ، ثم خلال هذه السنوات الأخيرة من الحرب الباردة، ظل مفهوم الأمن يتسم بعمق بمنطق العالم ثنائي القطب، وينظر إليه بشكل حصري تقريبا في إطار التوترات الدبلوماسية والصراعات المسلحة بين المعسكرين، أخيرا، لم يتم حشد المجتمع العلمي الذي يعمل في قضايا الأمن حول قضايا تغير المناخ بنفس الكثافة مثل التخصصات الأخرى: علم المناخ، علم المحيطات، علم البيئة، هندسة الزراعة وعلوم الاقتصاد.
الأمن المجتمعي وتدهور
المنظومات الإيكولوجية
فخلال فترة الثمانينيات، توسع مفهوم الأمن ليشمل قضايا التدهور البيئي والندرة المتزايدة للموارد الطبيعية، لأن هذه الفكرة تتعلق بشكل أساسي بالعلوم الإنسانية، عندما يجمع المجتمع العلمي الدولي المعني بتغير المناخ أغلبية كبيرة جدا من الباحثين في علوم الكون وعلوم وتقنيات الهندسة، لأن البحث في القضايا الأمنية قد ركز على الجوانب الجيوسياسية والجيوستراتيجية لمفاوضات المناخ أكثر من تركيزه على مخاطر المناخ، التي تتقدم معرفتنا بها ببطء فقط، وحتى وقت قريب، اقتصرت الروابط بين تغير المناخ والأمن على التلميحات الخجولة أو المقارنات للأزمات الخطيرة التي تغذيها الصدمات على الموارد الطبيعية، وتغير الوضع لأن لدينا فهما أفضل لمخاطر المناخ والآليات التي يمكن من خلالها التشكيك في ظروف عيش بعض السكان، ومعرفة أفضل بالروابط بين الأمن والمستوى الفعلي لتنمية المناطق الأشد فقرا، كما أنه يتغير بتغير الزمان والمكان والمجتمعات البشرية، لأن مفهوم الأمن قد توسع حاال إلى ما وراء معناه "التاريخي" والسوسيولوجي المرتبط بقضايا السيادة الوطنية وسلامة الأراضي والهدوء العام، بل إنه يتخطى الآن العديد من المستويات، من الفرد إلى الدولة القومية، ولم يعد مرتبطا بشكل منهجي بالعنف والصراع الدولي فقط.
مفهوم الأمن المجتمعي
ويتضمن مفهوم الأمن اليوم، بالإضافة إلى مكوناته السياسية أو الأيديولوجية أو العرقية، نوعية البيئة على المستوى الفردي، على سبيل المثال يعرف الأمن على أنه ضمان تلبية مجموعة من الاحتياجات الأساسية التي تساهم في الرفاه الإنساني من الأمن الغذائي، والحصول على المياه، وتوفير السكن، الى الوصول إلى التربية لذلك يمكننا قياس التقارب الحالي بين الأمن الفردي وتحديات اهداف التنمية المستدامة على المستوى الوطني، فإنه يمكننا توسيع معناه الحقيقي "التاريخي" من خلال مكونين اثنين: الأول يتجه إلى الداخل ويتعلق بمستوى الأمن الفردي وكيف يقوضه التدهور البيئي والآخر التطلع إلى الخارج: العلاقة مع الدول الأخرى وكيف يمكن للتدهور البيئي في الخارج أن يجلب تهديدات جديدة، وهكذا فإن تقريرا صدر مؤخرا عن وزارة دفاع الولايات المتحدة يفحص عواقب تغير المناخ على أمن البلد من خلال مراعاة ليس فقط التأثيرات المحسوسة على الإقليم: المناخ أكثر جفافا، وارتفاع مستويات سطح البحر وما إلى ذلك، ولكن أيضا مراعاة آليات الانتشار في الولايات المتحدة من هجرة وصراعات من أجل الاستيلاء على الموارد الطبيعية، وما إلى ذلك، من تأثيرات تغير المناخ الأكثر حدة في مناطق أخرى من العالم.
نحن لا ندعي هنا الانخراط في تمرين في الخيال السياسي البديل ولكن نقدم استنادا إلى أمثلة تاريخية تعكس دراسات التأثير المحتملة، كيف يمكن لتغير المناخ أن يعرض الأمن البشري للخطر بشكل فعال لأنه يدعو إلى التساؤل عن الاحتياجات الأساسية للسكان في المناطق الأكثر ضعفا، وكيف يمكن لهذا التحول العميق في البيئة أن يكون جنبا إلى جنب مع كل من الفقر والضغط البشري المتزايد للوصول إلى المياه والأراضي، وكيف لكل هذه التهديدات أن تعزز الاضطرابات المجتمعية وتؤدي إلى انتشارها عبر تدفقات الهجرة المناخية.
تغير المناخ وهشاشة الإنتاج
الزراعي والأمن الغذائي
تسعى الأدبيات الوفيرة إلى تقييم التباين في غلة المحاصيل المختلفة لمقارنة السيناريوهات المناخية والاجتماعية والاقتصادية، في حين أن الغالبية العظمى من الدراسات العالمية لا تتصور انهيارا عالميا في ميزان العرض والطلب للسلع الزراعية، إلا أنها تتفق على تحول كبير في جغرافية الإنتاج والمخاطر المتفاقمة للأمن الغذائي، والمناطق المعرضة للخطر، ولاستكشاف آثار تغير المناخ على هذا القطاع كان لابد من دراسة التغيرات الديموغرافية والنمو الاقتصادي وتوقعات انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، بعد دمج كل من هذه السيناريوهات المناخية من خلال ثلاثة نماذج مناخية لمراعاة أوجه عدم اليقين في الاستجابة المناخية، حيث تم استخدام هذه السيناريوهات المناخية لتحديد الإنتاجية المحتملة للمحاصيل مع المعايير البيئية الأخرى كخصائص التربة والمعايير الاقتصادية كمجموعة من التقنيات المتاحة والتي تم دمجها في نموذج اقتصادي عالمي لتوضيح النظم الزراعية الوطنية، والأسواق الدولية.
وكان لابد من لفت الانتباه إلى التفاوتات المتزايدة بين الشمال والجنوب من حيث إمكانات الإنتاج الزراعي وتحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي، على سبيل المثال بالنسبة لجميع سيناريوهات المناخ لوحظت زيادة في الأراضي الصالحة للزراعة على نطاق عالمي، لكن هذا التأثير يتركز بشكل أساسي في نصف الكرة الشمالي بينما الأراضي الصالحة للزراعة آخذة في الانخفاض في إفريقيا، وتتسع هذه الفجوة أكثر عندما ننظر إلى الأحجام المنتجة فعليا والعواقب الاقتصادية والاجتماعية لتغير المناخ على القطاع الزراعي إلى جانب العائدات المحتملة.
هذه الاختلافات لها تداعيات كبيرة على حصة الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي لكل بلد، ففي المناطق النامية – مع استثناء ملحوظ لأمريكا اللاتينية – تسجل آثارا سلبية : أفريقيا خاصة مع خسائر تمثل 2 إلى 9٪ من الناتج المحلي الإجمالي عام 2080، وتبقى الصورة مختلطة أكثر بالنسبة للبلدان المتقدمة: مكاسب من 3 إلى 13٪ لأمريكا الشمالية، من 0 إلى 23٪ لروسيا وخسائر من 6 إلى 18٪ لأوروبا الغربية في عام 2080، يجب أن يكون مفهوما أنه بالنسبة للبلدان النامية، فإن التأثيرات الكبيرة على القطاع الزراعي سيكون لها عواقب اجتماعية واقتصادية.
الأمن الغذائي في دولة أوغندا
بينما عندما يرتفع متوسط درجة الحرارة بمقدار 2 درجة مئوية، سيتم تقليل المساحات المتاحة لزراعة البن في أوغندا بشكل كبير، والتراجع إلى مناطق مرتفعة الارتفاع، ومع ذلك تبقى الزراعة هي المورد الرئيسي للبلاد: فهي تدعم ما يقرب من 90٪ من 22 مليون نسمة وتولد وحدها 80٪ من الوظائف، وتمثل ما يقرب من 45٪ من الناتج المحلي الإجمالي و 90٪ من الصادرات، وتعد زراعة البن بشكل أساسي للتصدير حيث قدمت ما يقرب من 65٪ من دخل البلاد بالعملة الأجنبية، فإذا تم بالفعل تقليص الأرض المناسبة لزراعة البن بشكل كبير، فلن يتم قياس الضرر الناتج فقط من حيث الإنتاجية المفقودة للقطاع الزراعي نظرًا لأهمية هذا المحصول؛ كما سيأخذ في الاعتبار عواقب الاقتصاد الكلي على المستوى الوطني والعواقب الاجتماعية الوخيمة كالبطالة وهجرة السكان الى الحواضر.
أما فيما يتعلق بالاكتفاء الذاتي الغذائي، من الواضح أن مناطق الإنتاج تتركز في البلدان المتقدمة بينما يزداد اعتماد البلدان النامية على الواردات، في الواقع، يظهر هذا الاتجاه بالفعل في سيناريوهات بدون تغير مناخي ويتفاقم بمجرد أخذه في الاعتبار (تزداد الواردات من البلدان النامية بنسبة تصل إلى 25٪)، من حيث الأمن الغذائي، نظرا لصعوبة وصول بعض البلدان إلى الأسواق الدولية للمنتجات الزراعية، قد لا تتمكن المجتمعات الضعيفة، مثل الفقراء في المناطق الحضرية أو المجتمعات الريفية التي تعتمد غالبا على زراعة الكفاف، من أكثر لتلبية احتياجاتهم الأساسية حيث من المرجح أن يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم قضايا الأمن الغذائي في شبه أفريقيا الصحراء، وبالتالي بالنسبة للسيناريو الثاني فإن الأفراد المعرضين لخطر المعاناة من سوء التغذية ونقص التغذية في عام 2080 يمثلون حوالي 768 مليون شخص في السيناريو دون تغير المناخ، والتي يجب أن يضاف إليها ما بين 50 و 175 مليون شخص (زيادة من 7 إلى 23 ٪) بسبب تغير المناخ وحده.
تغير المناخ وتوافر الموارد المائية
فيما يتعلق بالموارد المائية، تشير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ إلى أن مليار وسبعمائة مليون شخص اليوم أي ثلث سكان العالم يعيشون في مناطق حيث إن وفرة الموارد المائية مهددة حيث يتم استغلال أكثر من 20٪ من التدفق وهي عتبة تستخدم عادة كمؤشر للإجهاد المائي، ومن بينها يعاني حوالي 450 مليون شخص من نقص شديد في المياه، ويمكن أن يصل هذا العدد عام 2025 إلى 5 مليارات فرد، اعتمادا على السيناريوهات الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية التي تم النظر فيها، والتي أظهرت أنها المحددات الرئيسية للإجهاد المائي لهذا الأفق الزمني، قبل تغير المناخ بفارق كبير.
الإجهاد المائي بدول المغرب
العربي وأوروبا
بالنسبة للبلدان المغاربية، التي تعاني كلها حاليا من تبعات تغير المناخ، يمكن للنمو الديموغرافي القوي والتطور الفوضوي للمراكز الحضرية أن يدفع توافر المياه السنوي للفرد إلى ما دون عتبة الندرة المحددة في 500 متر مكعب في السنة، ومع ذلك يمكن أن يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم الوضع في عدد من المناطق، ولا سيما آسيا الوسطى وجنوب أفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط.
أما على الصعيد العالمي فإن تقييم المسار السريع العالمي تقييما متكاملا لعواقب تغير المناخ على الأمن الغذائي ووفرة المياه وخطر الفيضانات في المناطق الساحلية وانتشار الملاريا، يشير بالتالي إلى أن مخاطر نقص المياه تتزايد بشكل كبير: بالنسبة لمتوسط الاحترار العالمي +2 درجة مئوية في أفق عام 2050، فإن عدد الأفراد الذين تتعرض إمدادات المياه لديهم للتهديد يصل تقريبا الى مليارين وخمسمائة مليون شخص نتيجة لتغير المناخ.
أما في بأوروبا يؤكد التقرير زيادة مخاطر الندرة والجفاف في الجنوب مع نمو الطلب وزيادة التبخر خلال فترة الصيف في ظل التأثير المشترك لانخفاض هطول الأمطار، مع زيادة في التباين بين السنوات، وقبل كل شيء في ارتفاع درجات الحرارة، ومخاطر سوء إدارة المورد، والتي تتفاقم بسبب هوامش عدم اليقين الكبيرة جدا، وبالمثل في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل، حيث يمكن أن تزداد مخاطر الجفاف المزمن، وأخيرا لابد أن نشير إلى تأثير التراجع المحتمل للأنهار الجليدية الجبلية تحت تأثير تغير المناخ مع عواقب وخيمة، على سبيل المثال في دولة البيرو حيث تلعب دور الخزانات المائية للسكان المتركزين على الشريط الساحلي بمناخ جاف في الصيف و متغير جدا أيضا بسبب ظاهرة النينيو المناخية المتطرفة.
التعرض للأحداث المتطرفة
الأحداث المتطرفة هي إحدى القنوات الرئيسية التي يتفاعل من خلالها المناخ والاقتصاد، ووفقا لشركات إعادة التأمين فإنها تؤثر على أكثر من مليون شخص كل عام وهي مسؤولة عن عدد كبير من الضحايا، كما يشتبه في أنها تمثل عقبات رئيسية في التنمية الاقتصادية لأفقر البلدان، لأنها تدمر البنية التحتية اللازمة لهذه البلدان، هذا ما دفع رئيس وزراء هندوراس إلى القول: "إن إعصار ميشيل أعاد التنمية الاقتصادية للبلاد عشرين عاما إلى الوراء".
وضربت التطرفات مناطق مختلفة من العالم بطريقة غير متكافئة للغاية: تقع البلدان الفقيرة في مناطق أكثر عرضة للخطر (مناطق الأعاصير أو الرياح الموسمية) ولا تحمي بنيتها التحتية السكان بشكل جيد، وبالتالي، من اللافت للنظر أن الدول الأغنى تتحمل 40٪ من الخسائر الاقتصادية 2٪ من الوفيات بينما تتحمل الدول الأفقر 12٪ من الخسائر الاقتصادية بينما تتحمل 80٪ من الوفيات، على الرغم من انخفاض القيمة، يجب الاعتراف بأن الضرر الذي يلحق بالبلدان النامية لا يزال يمثل في كثير من الأحيان جزءا كبيرا من ناتجها المحلي الإجمالي، مع عواقب وخيمة على اقتصاداتها وسكانها، وهكذا تسبب إعصار إيفان الذي ضرب غرناطة في إلحاق أضرار تقدر ب200٪ من الناتج المحلي الإجمالي، مما أثر على ما يقرب من ثلثي السكان (90٪ من المنازل مدمرة) وأدى إلى ركود اقتصادي.
ليس من الضروري أن يصبح المناخ أكثر عنفا لإحداث ضرر أكبر، حيث من الممكن تماما أن يتغير المسار المتوسط للانخفاضات غير المدارية مع الاحترار، وفي هذه الحالة فالمناطق المدارية هي حاليا في منأى نسبيا عن العواصف الكبرى، وبالتالي فإن التأقلم مع هذه الأحداث سيصبح قليلا أو ضعيفا وسيتضرر بشدة، وبالتالي يمكن أن تزيد الخسائر الناجمة عن المنخفضات دون تعديل تواترها أو شدتها، ومع مثل هذه التغييرات سيتأثر أمن الناس والممتلكات بشكل مباشر وستكون التدابير المكلفة ضرورية لموازنة الآثار السلبية لهذه الكوارث: إنشاء أنظمة إنذار وإغاثة أفضل حجما وأكثر كفاءة، وإنشاء صناديق الدعم العام والخاص لمساعدة الأشخاص المتضررين والأنشطة، وتدابير التكيف المادي في مواجهة الأحداث: السدود، ونظام الصرف، والتغيير في معايير البناء، وما إلى ذلك، وفي الواقع فإن زيادة الكوارث الطبيعية لها عواقب على توزيع الدخل وعلى الاقتصاد بشكل عام، والتي تختلف حسب مستوى التنمية في البلدان التي يتم النظر فيها.
في الدول الغنية، تؤثر الأضرار بشكل رئيسي على المباني والبنية التحتية، كما تتكبد الخسائر بشكل رئيسي الأسر الميسورة (التي تمتلك العقارات)، وشركات التأمين والدولة، والتي يجب أن تضاف إليها، فئات اجتماعية ضعيفة معينة كالفلاحين والصيادين، وبعد ذلك يمكن أن توفر عملية إعادة الإعمار العديد من الوظائف غير الماهرة لفئات العمال المتأثرين بشكل خاص بالبطالة، وتلعب دور تحفيزيا يمكن أن يكون مربحا. أما في البلدان النامية فينعكس التأثير بما أن الخسائر بشرية في الأساس، فإن الفئات السكانية الأقل تعليما والأكثر استنارة، والذين لا يعيشون في مساكن دائمة والذين يعملون في الهواء الطلق هم الأكثر تضررا، أما من الناحية الاقتصادية، تدعم الزراعة وصيد الأسماك أغلبية السكان الأشد فقرا هناك، وهذان نشاطان معرضان بشكل خاص للظروف المناخية المتطرفة، والتي يمكن أن تعطل النشاط لفترات طويلة أو تلغي الإنتاج لعدة سنوات، وهذا ما يمكن أن يزعزع استقرار هذه البلدان بشكل كبير، وهكذا دمرت الأعاصير نباتات البن في عدد كبير من الجزر الاستوائية ووقت إعادة نمو نباتات البن كان أطول من أن يحتمل، وأصبحت هذه الجزر متخصصة فيما بعد في زراعة قصب السكر أو الموز، وهو أسرع في الإنشاء ولكنه الآن أقل ربحا، ويضاف إلى ذلك اعتماد البلدان النامية على تدفقات رأس المال الأجنبي، والتي يمكن تحويلها إذا ضربت دولة ما سلسلة من الكوارث، لذلك أصاب التطرف الفئات الأشد فقرا في البلدان النامية بشدة.
صراعات محلية حول استخدام
الموارد الطبيعية
على المستوى المحلي، يمكن أن يؤدي تغير المناخ أيضا إلى تأجيج النزاعات بين المجموعات حول استخدام الموارد الطبيعية من خلال زيادة ندرتها، وترجع الندرة الى سبب تدهور أو تدمير رأس المال الطبيعي، وزيادة الضغط البشري وعدم المساواة في توزيع حقوق الوصول أو الملكية، ومن خلال العمل على أول هذه الأسباب يمكن أن يحقق تغير المناخ ذلك: يمكن للمرء أن يتخيل بسهولة التوترات على المياه أو على الأراضي الخصبة، على سبيل المثال الاشتباكات بين البدو الرحل من منطقة الساحل والأشخاص المستقرين من غانا ونيجيريا.
وفي هذا السياق يمكننا تحليل الروابط القائمة بين ندرة البيئة وقضايا الأمن، والتأثير بشكل أساسي على طبيعتها غير المباشرة، وتلعب الندرة البيئية دورا محفزا من خلال وضع بعض السكان في موقف محفوف بالمخاطر عن طريق تفاقم التوترات بين المجتمعات.
دعونا نتذكر ما قامت به المعارضة الشعبية لأي مشروع لنقل المياه بين المقاطعات في إسبانيا حيث نصت الخطة الهيدرولوجية الوطنية لحكومة غونزاليس السابقة على تحويل رئيسي لمياه إيبرو، النهر الرئيسي للبحر الأبيض المتوسط في البلاد، لصالح مدريد، ثارت على إثرها عاصفة من الاحتجاجات التي أثارها الإعلان عن الخطة مما أجبر رئيس الوزراء أخيرا على التخلي عن المشروع، وفي بداية عام 2001 قام خوسيه ماريا أزنار بدوره بمسح عداء الحشود تجاه الخطة الهيدرولوجية الوطنية الجديدة، هذه المرة بتوفير نقل المياه من إيبرو إلى منطقتي فالنسيا وإشبيلية، وهما المصدران الرئيسيان للنبلاء، المعارضة لمناطق أراغون وكاتالونيا، المتاخمة لمجرى إيبرو السفلي، ولفهم هذا الموقف بشكل كامل، يجب أن نتذكر أن إدارة المياه بسبب ندرتها النسبية تحقق في إسبانيا وظيفة رمزية مهمة للغاية، كدليل ملموس على القوة، ومع ذلك، فإن مثل هذا المثال يثير تساؤلات حول استدامة التضامن الأوروبي، والتي يمكن أن تتغير بيئتها بشكل كبير بسبب تغير المناخ: نقل الماء من حوض الرون إلى برشلونة هل سيتم قبوله إلى أجل غير مسمى من قبل سكان لانغدوك؟ ما هي آليات التعويض التي سيتم وضعها لمحاولة الحد من التفاوتات بين شمال أوروبا التي تم تجنيبها نسبيا كما يبدو وجنوب أوروبا التي تتميز بخطر مزمن من الجفاف والإجهاد المائي؟
مجلس الأمن الدولي يربط
بين الأمن والمناخ
هذا ما أكده ميروسلاف جينكا الأمين العام المساعد للشؤون السياسية وبناء السلام لمجلس الأمن الدولي خلال اجتماع المناخ والأمن المنعقد شهر يوليوز الماضي عبر تقنية الفيديو في زمن كورونا قائلا: "إن حالة الطوارئ المناخية تشكل خطرا على السلام"، وأضاف: "وقد دعي المجلس مرارا وتكرارا لتعبئة العمل المناخي الجماعي، (في مواجهة) تغير المناخ الذي يتفاقم ويخلق مخاطر جديدة، رغم أنه ليس مرتبطا بشكل مباشر بالصراع في جميع أنحاء العالم حيث تجد البلدان الهشة والمتأثرة بالصراعات نفسها أكثر عرضة للخطر وأقل قدرة على التعامل مع تأثير تغير المناخ". ونبه جينكا إلى أنه "ليس من قبيل المصادفة أن 7 من البلدان العشرة الأكثر ضعفا والأقل استعدادا للتعامل مع تقلبات المناخ تستضيف عملية سلام أو مهمة سياسية خاصة"، ووفقا لميروسلاف جينكا، فإنه يجب اتخاذ عدة إجراءات وعلى عدة جبهات، ويؤكد الأمين العام المساعد على أن: " أهم الإجراءات تبدأ بالعمل المناخي الطموح والالتزام بتسريع تنفيذ اتفاق باريس، وعدم القيام بذلك من شأنه أن يقوض جهود منع نشوب الصراعات وصنع السلام مما يهدد بوقوع البلدان الضعيفة في شرك حلقة مفرغة من الكوارث الطبيعية والصراعات".
منطقة الساحل الإفريقي
في منطقة الساحل، أكد مدير المركز الوطني للدراسات الاستراتيجية والأمنية أن 80٪ من السكان يعتمدون على أنشطة حساسة للمناخ، وحذر العقيد محمدو سيدو ماغاغي من أن: "تغير المناخ سيكون له حتما عواقب سلبية على السلام والأمن الإقليميين"، وبالفعل حدثت في النيجر معظم النزاعات في المناطق القروية بين المزارعين والرعاة وتتفاقم هذه المنافسة في وسط مالي وشمال نيجيريا، وراهن مدير المركز على تفاقم التوترات بشكل كبير، بالنظر إلى توقعات الطقس وحقيقة أن منطقة الساحل لديها واحدة من أعلى معدلات النمو السكاني في العالم حوالي 3٪ سنويا.
واختتم رئيس المركز الوطني للدراسات الفضائية في النيجر عرضه بست توصيات إلى الأمم المتحدة: تقييم الأمن المناخي قبل مساعدة أي بلد؛ تعزيز القدرات الوطنية والمحلية لرصد وإدارة آثار تغير المناخ؛ جمع المعلومات عن تأثير المخاطر الأمنية المتعلقة بالمناخ في حالات النزاع؛ دمج إدارة المخاطر الأمنية المتعلقة بالمناخ في أطر عمل الأمم المتحدة للمساعدة الإنمائية مع إيلاء الاعتبار الواجب لقضايا الجنسين؛ تعزيز "برنامج الأمم المتحدة للمعلومات المكانية لإدارة الكوارث والاستجابة في حالات الطوارئ" لإضافة عنصر "تقييم" للمخاطر الأمنية المتعلقة بالمناخ لمجلس الأمن؛ وأخيرا إنشاء آلية الأمم المتحدة لتنسيق إدارة مخاطر الأمن المناخي.
منطقة المحيط الهادي
أما بالنسبة لمنطقة المحيط الهادئ، فإن ارتفاع مستوى سطح البحر، كما قالت مديرة "مركز استشارات منطقة المحيط الهادئ المستدامة" لتوضيح سبب جعل القادة تسجيل الحدود البحرية أولوية لضمان ذلك مرة واحدة ثابتة، فهي ليست محل خلاف على الرغم من آثار تغير المناخ، وتحدثت كورال باسيسي أيضا عن هذه الآثار على الاقتصاد الأزرق، وقالت: "إن بعض الدول تخاطر بخسائر تصل من 10 إلى 15٪ من دخلها، علاوة على ذلك، في غياب تدابير التخفيف والتكيف الطموحة، سيقرر الآلاف من سكان الجزر الفرار والهجرة"، وقالت: "إنه يتعين على مجلس الأمن حشد الطموح الدولي قبل أن يواجه العالم مشكلة أمنية أكثر خطورة لا يمكن لأحد معالجتها" وأضافت: "إن مسؤولية مجلس الأمن عن ضمان التقدم المستدام في تنفيذ اتفاقية باريس للمناخ أساسية للحفاظ على السلام والأمن الدوليين وأن اتفاقية باريس هي أهم سلاح لكسب هذه الحرب".
وأشارت باسيزي مديرة مركز "استشارات المحيط الهادئ المستدامة"، إلى أن قادة منتدى جزر المحيط الهادئ، منذ أكثر من عقد وكل عام أعلنوا في بيانهم السنوي أن: "تغير المناخ يمثل أكبر تهديد أمن منطقتنا"، وتتكون المياه من 98٪ من أراضيها، حيث يمثل المحيط الهادئ قارة زرقاء، تمثل مناطقها الاقتصادية الخالصة 28 مليون كيلومتر مربع وأكثر من 20٪ من هذه المناطق في العالم، وترتبط اقتصادات المحيط الهادئ وبيئته وشعوبه وأمنه بشكل جماعي وفردي ارتباطا وثيقا بالمحيط واليقين من أنه يمكن إدارته على نحو مستدام وتسخير موارده الآن وفي المستقبل.
وأشارت المتحدثة إلى أن اتفاقية قانون البحار لا تغطي الآثار المحتملة لتغير المناخ، وهي ظاهرة تؤثر على الحدود البحرية للعديد من الدول حول العالم، وتعد البلدان النامية الجزرية الصغيرة في المحيط الهادئ من بين أكثر البلدان تضررا، بسبب جزرها المرجانية المنخفضة، ونقاطها الأساسية، المستخدمة لترسيم الحدود البحرية، والمكونة من الجزر المرجانية والجزر الرملية، هذه البلدان معرضة بشكل خاص لارتفاع مستوى سطح البحر الناجم عن تغير المناخ وتحمض المحيطات وتدهور أنظمة الشعاب المرجانية. بالنسبة لبلد ما، لا يوجد تهديد للأمن أكبر من اختفاء اختصاصاته القضائية المنشأة بموجب القانون الدولي، ويفسر حجم هذا التحدي الأمني سبب جعل قادة المحيط الهادئ تسجيل الحدود البحرية من أولوياتهم، لقد سعوا إلى خيارات قانونية لضمان أنه بمجرد إنشائها وفقا لاتفاقية قانون البحار، لن يتم الطعن في الحدود على الرغم من آثار تغير المناخ وارتفاع مستوى سطح البحر.
ثم تحدثت باسيسي عن تأثير تغير المناخ على الاقتصاد الأزرق، مشيرة إلى أن غرب ووسط المحيط الهادئ موطن لأكثر من نصف مخزون التونة في العالم، وتستمد الدول التسع من الدول الجزرية الصغيرة النامية في المحيط الهادئ ما معدله 10-84٪ من إجمالي الدخل من رسوم الترخيص لصيد سمك التونة، وهي صناعة توظف حوالي 6-8٪ من القوة العاملة وغالبا نسبة أعلى من النساء، وتشير التقديرات إلى أن الدول المتضررة ستخسر 90 مليون دولار سنويا من الدخل بحلول عام 2050، وستخسر ما يصل إلى 10 إلى 15٪ من الدخل للعديد منها، إذا تركت عواقب هذه التهديدات دون معالجة، يمكن أن تحفز الصراع وعدم الاستقرار في اقتصادات الجزر.
ثم حذرت من أنه في غياب تدابير التخفيف والتكيف الطموحة، فإن الآلاف من سكان الجزر سوف يفرون ويهاجرون، ويخاطر بعض الشباب بفقدان الحقوق التي تأتي من ثقافتهم وتقاليدهم، حتى جنسيتهم، حيث يبقى الحل الوحيد هو عكس اتجاه تغير المناخ، من خلال تنفيذ طموح لاتفاق باريس. على الرغم من كونه مروعا، فإن وباء كوفيد 19 يمثل فرصة جيدة لتغيير المسار الآن بعد أن أدركنا أهمية المجتمعات الصحية والمتصلة والمرنة، لن يكون أي شيء ممكنا بدون عمل مناخي جماعي، من الصحيح أن الدول التي لم تساهم إلا قليلا في الاحتباس الحراري ومع ذلك تخاطر بفقدان كل شيء، أن تطلب من مجلس الأمن أن يفعل كل شيء لحل هذه المشكلة، يجب أن يستفيد المجلس من أفضل التقييمات العلمية وأن يحشد الطموح الدولي قبل أن يصبح هذا تحديا أمنيا أكبر لا يمكن لأحد مواجهته.
انتهى وقت الصبر الديبلوماسي
وزير الخارجية الألماني أكد خلال اجتماع مجلس الأمن الدولى على أنه: "انتهى وقت الصبر الدبلوماسي، وأصبحنا قبل أي وقت مضى في حاجة ماسة إلى مؤشرات الإنذار المبكر لإعطاء وجه للمناخ والأمن، ولذلك دعا هيكو ماس إلى: "تعيين ممثل خاص في أقرب وقت ممكن بشأن المناخ والأمن" وهو اقتراح أيده من بين أمور أخرى وزير خارجية جمهورية بليز باسم تحالف الدول الجزرية، وهي إحدى الجزر المتواجدة بأمريكا الوسطى بالقرب من جواتيمالا والميكسيك.
واتفقت فرنسا وبلجيكا على أنه: "ينقصنا صفارات الإنذار"، متمنيتان أن يقوم الأمين العام بهذا الدور من خلال تقديم كل سنتين للجمعية العامة ومجلس الأمن تقريرا عن حالة المخاطر التي يمثلها تغير المناخ على السلام والأمن في جميع مناطق العالم.
الطعن في العلاقة بين الأمن
وتغير المناخ
في حين تم الطعن في العلاقة السببية بين المناخ والأمن من قبل ممثل جنوب إفريقيا في اجتماع مجلس الامن الدولي، التي جادلت بعدم وجود أدلة علمية كافية، لكنها اعترفت بأنه في الحالات التي ينظر فيها إلى تغير المناخ على أنه عامل مشدد في السلم الدولي، يجب على مجلس الأمن أن يبدي ملاحظات مصممة خصيصا للسياق المحدد للبلدان المعنية، وشددت على أن تغير المناخ هو أولا وقبل كل شيء مسألة تنمية مستدامة.
إن محاولات استخدام مجلس الأمن لتحويل الانتباه عن الصلة بين تغير المناخ والتنمية شجبها في الواقع الاتحاد الروسي، الذي أعرب عن مخاوفه بشأن مستوى الموارد المخصصة لمكافحة الأسباب الجذرية للصراعات، وقال ممثل روسيا: "إن بعض الدول المانحة تحاول سحب البطاقة الأمنية لإخفاء حقيقة أنها لا تفعل شيئا بشأن تمويل المناخ وتقاسم التكنولوجيا".
ودعا الأمين العام المساعد إلى الاستفادة من التكنولوجيات الجديدة وتحسين القدرات التحليلية لترجمة التنبؤ بالمناخ على المدى الطويل إلى تحليل ملموس قصير الأجل، حيث وضعت آلية الأمن المناخي مبادئ توجيهية في هذا المجال، بينما تقوم بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق بإنشاء نظام إنذار مبكر يجمع بين تقنيات الاستشعار عن بعد وتحليل المناخ، الكثافة السكانية وبيانات الحركة لتوقع التوترات المحتملة على موارد المياه، ودعا جينكا الناس إلى أن يكونوا في صميم الجهود وأن يتعلموا من أولئك الذين يعانون من عواقب تغير المناخ على أمنهم بشكل يومي، كما دعا إلى تحقيق تكامل أفضل لأهداف بناء السلام والبيئة والمساواة بين الجنسين من خلال الاستفادة من قوة النساء والشباب كعوامل للتغيير، كما أوصى جينكا بتقوية الشراكات متعددة الأبعاد وسد الفجوة بين عمل الأمم المتحدة والدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية، من بين أمور أخرى، وشدد على أن تغير المناخ لا هوادة فيه وأن آثاره المتتالية ستستمر في النمو والتطور، ودعا إلى امتلاك الشجاعة واليقظة لتعديل النهج القائمة بحيث تتكيف مع عالم تم تعديله من خلال التغير المناخي، وقال: "إن الأهم من ذلك هو أننا يجب أن نترجم الأقوال إلى أفعال، مشددا على أن التعافي من الوباء يمثل فرصة لبناء المرونة وتعزيز العدالة المناخية".
القدرة على التفاوض مع الطبيعة
أشار هيكو ماس، الوزير الاتحادي للشؤون الخارجية لألمانيا، إلى أنه إذا كان للدبلوماسيين دور التفاوض من أجل الوصول إلى توافق دولي، إلا أنهم لا يملكون القدرة على التفاوض مع الطبيعة، لأن هذه هي الحقائق الفيزيائية والكيميائية والجغرافية للاحتباس الحراري التي لن تساوم معنا، وقال ماس قبل أن يحذر من أن تغير المناخ سيكون عاجلا أم آجلا عاملا مساعدا في "تغير المناخ يحدث وعواقبه على السلام والأمن حقيقية بالفعل، من الساحل إلى جزر المحيط الهادئ والكاريبي"، تقريبا كل الصراعات التي نواجهها، في مواجهة الحاجة إلى العمل للحفاظ على الأجيال القادمة، اقترح الوزير ثلاث خطوات يمكن اتخاذها على الفور.
وفي إشارة إلى أن مجلس الأمن يحتاج إلى معلومات أفضل عن المخاطر الأمنية المتعلقة بالمناخ، شدد ماس أولا على الحاجة إلى مؤشرات الإنذار المبكر للعمل قبل نفاذها وقال إن المؤتمر الدولي الذي عقد في برلين مؤخرا شهد إطلاق التقييم العالمي لمخاطر الأمن المناخي والتبصر، على سبيل المثال أوضح أن ألمانيا تمول خبيرا يقدم المشورة للفريق القطري في الصومال بشأن الآثار الأمنية لتغير المناخ، وأصر ماس قبل أن يطلب من الأمين العام أن يعين في أقرب وقت ممكن ممثل خاص معني بالمناخ والأمن أنه: "حان الوقت للتعبير عن المناخ والأمن"، حيث يحتل تغير المناخ مكان الصدارة في عمل مجلس الأمن، وحث على أنه "يجب أن تكون الأمم المتحدة مستعدة للعمل عند ظهور مخاطر أمنية متعلقة بالمناخ"، مشيرا إلى أنه يجب معالجة هذه المخاطر في جميع ولايات واستراتيجيات منع الصراع، وقال إن ألمانيا ستعقد مع شركائها مجموعة خبراء غير رسمية لمجلس الأمن بشأن المناخ والأمن في أقرب وقت ممكن، وإيمانا منه بأن "وقت الصبر الدبلوماسي قد انتهى" ، أعرب ماس عن أمله في ألا تؤدي مكافحة تغير المناخ إلى تقسيم الدول الأعضاء، وقال إنه يجب معالجة تغير المناخ للأشخاص في جميع أنحاء العالم الذين يواجهون بالفعل العنف والنزوح نتيجة لهذه الظاهرة.
دلتا ميكونغ بالفيتنام والأمن الغذائي
أشار فام بينه مينه نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية في فيتنام، إلى أن دلتا ميكونغ هي ضرورية للأمن الغذائي لبلده والمنطقة، وهي واحدة من أكثر المناطق تضررا من الارتفاع من مستوى سطح البحر والتملح، كما حذر من أن تغير المناخ يشكل خطورة مضاعفة للمخاطر ويزيد من تفاقم الأوضاع السياسية والأمنية الهشة، ودعا مجلس الأمن إلى مواصلة معالجة الأسباب الكامنة وراء الصراع وإدماج عواقب تغير المناخ في تحليله للنزاع، وقال إن هذا ضروري لتطوير استراتيجيات قادرة على الاستجابة لجميع جوانب الصراع، ثم اعتبر الوزير الفييتنامي أن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاق باريس يجب أن تستمرا في توجيه الاستجابة، سواء كانت وطنية أو دولية، من حيث التخفيف، التكيف والمرونة، وجدد الوزير التأكيد على أنه في الرد على الأسئلة المتعلقة بالمناخ والأمن، يتعين على المجلس احترام سيادة الدول وملكيتها الوطنية ومسؤوليتها.
مجلس الأمن ومكافحة المخاطر الأمنية المتعلقة بالمناخ
وقال ألكسندر دي كرو، نائب رئيس الوزراء ووزير المالية والتعاون الإنمائي في بلجيكا، إن بلاده تدعم دائما زيادة دور مجلس الأمن في مكافحة المخاطر الأمنية المتعلقة بالمناخ من بين الإجراءات الثلاثة ذات الأولوية لتحسين عمل المجلس في هذا المجال، وأشار نائب رئيس الوزراء إلى توفير البيانات وأدوات التحليل والتنبؤات لتغذية أنظمة الإنذار المبكر وتحسين القدرات لمنع الصراع، وقال إن الأمم المتحدة بحاجة إلى "غرفة تبادل معلومات مؤسساتية" تتيح الخبرات الحالية لمجلس الأمن، ورحب نائب رئيس الوزراء البلجيكي بتشكيل فريق خبراء غير رسمي لإضفاء الطابع المؤسسي على مشاركة المجلس، كما أكد على أنه ينبغي أن يقدم الأمين العام تقارير منتظمة إلى المجلس عن المخاطر المتعلقة بالمناخ والتدابير الوقائية من أجل فهم أفضل لتجارب المناطق والقطاعات الأكثر تضررا، كما شجع دي كرو الأمانة العامة للأمم المتحدة على تنظيم إحاطات استكشافية عن المناخ، وأخيرا حث المجلس على دمج المخاطر الأمنية المتعلقة بالمناخ في إجراءاته، وأعرب عن أمله في: "أن يتم تزويد البعثات في جمهورية الكونغو الديمقراطية وغرب إفريقيا والسودان ومالي بالقدرات اللازمة، سواء من حيث الأفراد والتدريب، وأن تدعم هذه الجهود المنظمات الوطنية والإقليمية، كما نطلب أن تكون بعثات الأمم المتحدة على دراية بالبصمة البيئية الخاصة بها"، وخلص إلى أن: "بلجيكا تساهم بمبلغ 15 مليون يورو سنويا في مرفق البيئة العالمية، كما يخطط بلدي لمضاعفة مساهمته في الصندوق الأخضر للمناخ ورفعها إلى 100 مليون يورو للفترة 2020-2023 على مدى السنوات الأربع الماضية".
في حين دعا رين كوك، وزير البيئة في إستونيا، إلى اتخاذ إجراءات فورية بشأن تغير المناخ الذي يمارس ضغوطا متزايدة على أساس يومي، وقال إن حجم المخاطر الأمنية المتعلقة بالمناخ لا يستهان به، وبالتالي من "الأهمية بمكان" أن يتبنى مجلس الأمن نهجا معينا لمعالجتها من أجل تحسين قدرة مجلس الأمن على تقليل هذه المخاطر الأمنية، وأوصى بتعيين ممثل خاص مسؤول عن المناخ والأمن لتعزيز التنسيق بين كيانات الأمم المتحدة ذات الصلة، كما أصر الوزير على الحاجة إلى معلومات موثوقة ودقيقة ودعا إلى تحسين جمع البيانات ورصدها وتحليلها، وقال إن: "عرضا منهجيا للأمين العام أمام مجلس الأمن بشأن مخاطر المناخ سيسهم في مثل هذا النهج" كما دعا كوك إلى: "الاستثمار في التقنيات الخضراء والمستدامة والتركيز على أدوات واستراتيجيات الوقاية".
وبصفتها المزود العالمي الرائد للمساعدات في حالات الكوارث، قالت الولايات المتحدة إنها تعمل مع شركائها لبناء القدرة على الصمود في مواجهة مثل هذه الكوارث الطبيعية. وتشمل البرامج الأمريكية بشأن الحفاظ على الغابات والنظم البيئية الأخرى، أو تحسين الممارسات الزراعية، أو بناء المرونة، أو الحد من الانبعاثات، مجموعة واسعة من الشركاء من القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني. وقال ممثل الولايات المتحدة إن التركيز على العمل على الأرض هو الذي سيحدث فرقا.
فرنسا والدعوة إلى إعلان حالة الطوارئ المناخية
وأعلنت فرنسا أن العالم في حالة طوارئ مناخية، وأنه "عالم في خطر"، ومعرض لمخاطر أمنية متزايدة وتهديدات جديدة. وقالت إن التداعيات الأمنية الدولية لتغير المناخ وانهيار التنوع البيولوجي يجب أن تصبح عنصرا أساسيا في أجندة منع النزاعات وحلها. من الضروري إجراء تحليل صارم ومنتظم لهذه المخاطر ويصلح للمصلحة العامة ويجب أن تكون مصحوبة بتدابير وقائية تنفذها الحكومات والمنظمات الإقليمية وشركاء التنمية ووكالات الأمم المتحدة.
وفيما يتعلق بالإجراءات المتعلقة بتغير المناخ، أشار الوفد الفرنسي إلى أن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاق باريس هي المعنية، وأعربت فرنسا عن قلقها إزاء الجهود المبذولة لاستخدام مجلس الأمن لتوجيه المناقشة بشأن تغير المناخ بعيدا عن آثاره السلبية على التنمية، وقال الوفد: "إن ذلك سيضر في نهاية المطاف بأضعف الناس، ولا سيما أقل البلدان نموا والبلدان النامية غير الساحلية والدول الجزرية الصغيرة النامية والبلدان التي تعاني من تدابير قسرية أحادية الجانب تتعرض لها، أكثر خطورة بسبب وباء كوفيد 19 يبدو لنا أن بعض الدول المانحة تحاول سحب "البطاقة الأمنية" للتغطية على عدم تحركها لزيادة تمويل المناخ والتبادل التكنولوجي، بما يتماشى مع التزاماتها السابقة، ولتقديم مساعدة عملية كافية لأولئك الذين يفعلون ذلك هنا والآن"، كما أوضح الوفد.
الاتحاد الأوروبي وتفعيل الروابط
بين تغير المناخ والأمن
"بالنظر إلى كل هذا، لا يمكننا تحمل فقدان طموحنا في مواجهة أزمة المناخ العالمية أثناء مكافحة الوباء"، هذا ما أصر عليه الاتحاد الأوروبي، وأوصى بعدم غض الطرف عن العواقب التي تتحقق بالفعل، وبالنسبة له، فإن هذا يؤكد أهمية تمكين مجلس الأمن من التعامل بشكل أكثر منهجية وفعالية مع الروابط بين تغير المناخ والأمن، مع ملاحظة التقدم المحرز في هذا المجال خلال العام الماضي، ولا سيما من خلال عمل آلية الأمن المناخي في الأمانة العامة، دعا الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز هذه الآلية التي تخلق روابط بين خبرات أجزاء مختلفة من منظومة الأمم المتحدة تتراوح بين منع النزاعات والوساطة، إلى الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية.
ويظل الاتحاد الأوروبي ملتزما التزاما راسخا بتنفيذ التزاماته بموجب اتفاقية باريس، بما في ذلك من خلال الصفقة الخضراء للاتحاد الأوروبي، ويشجع جميع شركائه على إظهار نفس التصميم على الطريق الى قمة المناخ في نسختها السادسة و العشرين وباعتبارها أكبر مانح للمناخ في العالم، فإن الكثير من مساعداتها تهدف إلى الجمع بين التكيف مع ظاهرة الاحتباس الحراري والتدخلات التي تهدف إلى تحسين إدارة الموارد المستدامة مع منع النزاعات، حسبما ذكر الوفد، مستشهدا بأمثلة على دعمها من ناحية من خلال تبادل الصور من قمرها الصناعي كوبرنيكوس ودعم المبادرة الأفريقية للجدار الأخضر العظيم.
تغير المناخ ومسلسل تهديد
الدول الجزرية الصغيرة
وقالت ممثلة جمهورية فيجي: "إن تغير المناخ يمثل أزمة وجودية للدول الجزرية الصغيرة النامية في المحيط الهادئ، وطالب الوفد بأن ارتفاع مستوى سطح البحر يجب ألا يؤثر على الحدود البحرية لدول المحيط الهادئ أو يهدد سيادتها أو يحد منها، وأوضحت أن ارتفاع درجة حرارة المياه قد تسبب في تحولات واسعة النطاق في الأرصدة السمكية المهاجرة من المنطقة الاقتصادية الخالصة لدول المحيط الهادئ إلى المياه الأكثر برودة، مما أدى إلى خسارة أكثر من مليار دولار سنويا، أو ما يقرب من ضعف إجمالي المساعدة الإنمائية الرسمية المخصصة لهم كل عام.
وشرعت جزر فيجي والعديد من البلدان الأخرى في المنطقة في إعادة توطين المجتمعات المحلية "بعيدا عن وطنهم وبعيدا عن مناطق صيدهم، وبعيدا عن قبور أسلافهم وبعيدا عن أراضيهم التقليدية" حيث يتم يوميا وكل ساعة فقدان المزيد والمزيد من الأراضي الصالحة للزراعة وفقدان المياه العذبة والأنهار بسبب التملح وارتفاع منسوب مياه البحر.
ومن دون شك سينزل خبر تحطيم الرقم القياسي العالمي لذوبان القطب الشمالي هذا الاسبوع كالصاعقة على شعب جزر فيجي الصامد في وجه موجة تغير المناخ، هذا الخبر سيعجل برحيله كما فعل شعب الهندوراس نهاية الأسبوع الجاري، شباب وعائلات وأطفال هاربون من جائحة الجوع والبطالة والفقر متوجها في موجة بشرية ضخمة وفي زمن كورونا نحو الولايات المتحدة الامريكية في أكبر موجة هجرة مناخية تاريخية يشهدها العالم.

بقلم: محمد بنعبو
خبير في المناخ والتنمية المستدامة
رئيس المكتب الوطني لجمعية مغرب أصدقاء البيئة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.