تأكيد على أهمية إحداث هيئات للمساواة بين النساء والرجال اختتمت أول أمس الأحد بالصويرة، أشغال الدورة الثالثة لمنتدى «منبر النساء»، الذي احتضنته مدينة الأليزي على مدى ثلاثة أيام، وناقش خلاله المشاركون محاور ترتبط بموضوع «انخراط النساء لفائدة الحكامة». وتميز هذا المنتدى بمشاركة عدد من النساء في مناصب وزارية وجامعية ومقاولاتية وسياسية، فضلا عن فاعلات في المجتمع المدني من عدد من البلدان، وخاصة من فرنسا والولايات المتحدة واليونان وإسبانيا، إلى جانب المغرب. وأجمع المشاركون، خلال أشغال الورشات التي نظمت في إطار المحاور الرئيسية للمنتدى، على إبراز أهمية إحداث هيئات للمساواة بين النساء والرجال بالمغرب وكذا بالخارج، معبرين عن تأييدهم لإدراج نظام الحصص في النصوص القانونية خاصة الدساتير الوطنية. كما دعوا إلى العمل على توفير ظروف نجاح نظام الحصص، وتحسيس الفتيات برهانات السياسة والمواطنة، مشددين على الحاجة إلى النهوض بالنظام التربوي من خلال تحسين جودة التكوين والمكونين وتشجيع كافة أشكال التأطير والمواكبة. وركزت أشغال الندوات على سبل تعزيز الريادة النسائية في المنطقة المتوسطية وإفريقيا، فضلا عن القضايا السياسية والسوسيو - اقتصادية التي يطرحها موضوع انخراط النساء لفائدة الحكامة. وتناول المنتدى، الذي نظمته جمعية «ويمنز تريبيون»، محاور تتعلق بالنساء والحكامة السياسية و»الشباب العربي في موعد المواطنة» و»النساء والدين، أية سبل للتحديث». وقالت مؤسسة «وومنز فوروم» (منتدى النساء) أود دو توان، يوم الجمعة الماضي خلال مشاركتها في أشغال ندوة حول «نظام الحصص.. المراحل الأولى نحو المساواة» في إطار فعاليات «منتدى النساء»، إن المغرب حقق، منذ اعتلاء جلالة الملك محمد السادس العرش، تقدما هاما في مجال تمثيلية النساء داخل الحقل السياسي، مما جعل من المملكة أحد البلدان الرائدة في العالم العربي في هذا المجال. وأوضحت دو توان، أنه وبفضل الإنجازات التي تحققت في عهد جلالة الملك، فإن النساء المغربيات استطعن تحقيق استقلاليتهن ونجحن في الولوج إلى مواطنة كاملة داخل المجتمع. وأشارت المسؤولة الفرنسية، إلى أن إصلاح مدونة الأسرة يعد الإجراء الأساسي الذي انخرط فيه المغرب، مما ساهم في تحقيق طفرة في العلاقات بين الرجال والنساء داخل المجتمع المغربي، مضيفة أن المغرب مدعو إلى بذل مزيد من الجهد من أجل مكافحة وفيات الأمهات والرضع وتعزيز المساواة بين الجنسين. وأجمع باقي المتدخلين خلال هذه الندوة على التأكيد أن التجربة تظهر أن نظام الحصص الذي يطبق في عدد من بلدان العالم، يتوفر على جوانب سلبية، غير أنه يظل الوسيلة المثلى لتحقيق التوازن على مستوى تمثيلية الجنسين في الحقل السياسي. فبالرغم من كونه يعيق تحقيق المساواة الحقيقية بين الرجال والنساء، يضيف المتدخلون، إلا أنه يساهم في استقطاب اهتمام النساء بالعمل السياسي ويعمل على تصحيح التمييز القائم في حقهن ويمكن من تليين مواقف القادة التقليديين لعدد من الأحزاب في مختلف بلدان العالم. من جهة أخرى، أكد المشاركون في أشغال المنتدى، أن تعميق الإلمام بالشأن الديني يعد السبيل الوحيد للنهوض بالمساواة بين الرجال والنساء في كافة المجالات. وأبرز المشاركون خلال مائدة مستديرة حول موضوع «النساء والدين.. سبل التحديث»، الحاجة إلى تطوير الاجتهاد النسائي في الحقل الديني، داعين إلى التحصن في وجه أي نموذج حداثي منسلخ عن الجذور ويحمل مشروعا مستقبليا يقصي إرث الماضي. وفي هذا السياق، أكدت أسماء أسفرودين، الأستاذة المتخصصة في الإسلام بجامعة جون هوبكينز بالولايات المتحدة، أنه يتعين تشجيع الريادة النسائية في المجال الديني، مضيفة أن الاجتهاد والتربية يشكلان عنصرين أساسيين كفيلين بتحقيق استقلالية النساء. ومن جهتها، أشارت الجامعية الفرنسية سينتيا فلوري إلى أن الحرية الدينية لصيقة بالحرية الفكرية، مبرزة الحاجة إلى مكافحة تسخير الدين لأغراض سياسية. أما المحامية السورية هند كبوات، فقد سجلت أن المرأة تضطلع بدور هام في النهوض بثقافة المساواة من خلال تربية النشء على احترام الآخر أيا كان جنسه أو عرقه أو دينه، مضيفة أن «النموذج العلماني يعد الضامن للمساواة في سياق متعدد الأديان على غرار النموذج السوري». وتطرق الكاتب المغربي عادل حجي إلى أهمية التأويل الدائم للنصوص الدينية في تطوير المجتمع، مبرزا أن «اتخاذ الرموز الدينية، على غرار ارتداء الحجاب لا يعد بالضرورة خضوعا لأي إكراهات بقدر ما يشكل وسيلة لتأكيد الهوية والذات في سياق مجتمع حداثي تطبعه فوضى الإيديولوجيات». ومن جانبها، دعت عضو مجلس الشيوخ الفرنسي باريزا خياري إلى ممارسة للإسلام تتميز بالروحانية والحرية والمسؤولية، مشيرة إلى أن المساواة في الولوج إلى كافة أشكال المعرفة يعد شرطا أساسيا لتحقيق المساواة بين الرجال والنساء.