تجدد المواجهات الطائفية في مصر تجددت المواجهات صباح أمس الأحد بين الأقباط والسلفيين، وأصيب نحو خمسة أشخاص حسبما أفادت به وكالة الأنباء الفرنسية، فيما تم اعتقال أزيد من 190 شخصا على خلفية هذه الأحداث. وقتل 11 شخصا على الأقل وأصيب أكثر من 150 آخرين مساء أول أمس السبت في مواجهات بين مسلمين ومسيحيين في القاهرة كما أحرقت كنيسة في الحي نفسه فيما تعهد الجيش بتطبيق صارم للقانون على مثيري الشغب وبتوقيع عقوبات شديدة عليهم. ولم تعلن بعد الديانة التي ينتمي إليها الضحايا في هذه المواجهات التي وقعت في حي إمبابة الشعبي بشمال غرب العاصمة المصرية. وقال عضو في المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية ليل السبت-الأحد إن القانون سيطبق بصرامة على مثيري الاضطرابات التي وقعت في منطقة إمبابة الشعبية في القاهرة. وأكد لواء في المجلس العسكري طلب عدم كشف هويته، في تصريحات لقناة اون تي في المصرية الخاصة أن «كل من هو موجود في الشارع سيعامل على انه بلطجي» مضيفا «سيتم تفعيل القانون اعتبارا من هذه اللحظة». وتابع «لن يسمح لأي تيارات أن تطغى على مصر» في إشارة على ما يبدو إلى الحركة السلفية التي نشطت في البلاد بعد إسقاط نظام الرئيس السابق حسني مبارك في 11فبراير الماضي. وتحدثت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية في وقت مبكر صباح الأحد عن سقوط تسعة قتلى وأكثر من مئة جريح. وبدأت الصدامات حين هاجم مسلمون كنيسة قبطية مؤكدين أنهم يريدون تحرير امرأة مسيحية قالوا أنها محتجزة هناك بعدما أرادت اعتناق الإسلام. وقال المسؤول في الكنيسة الأب هرمينا لوكالة فرانس برس إن خمسة أقباط على الأقل قضوا حين قام «بلطجية وسلفيون بإطلاق النار علينا». وسجيت في الكنيسة جثة لفت ببطانية عليها الكتاب المقدس فيما بدت أثار دماء على ارض الكنيسة. وقام جنود موجودون في المكان بإطلاق النار في الهواء في محاولة لتفريق الجانبين. وأفاد مراسل فرانس برس أن مسلمين رشقوا مسيحيين بقنابل حارقة ما أدى إلى احتراق الدور الأول من بناية مجاورة لكنيسة مار مينا. وقال ممدوح وهو متظاهر مسلم «هم من بدئوا بإطلاق النار علينا، كنا مسالمين». ونقل الجرحى المصابون بكسور أو بجروح ناتجة من الرصاص في سيارات إسعاف إلى أربعة مستشفيات في المدينة، بحسب مصادر طبية. وظل الوضع متوترا إلى الثالثة فجرا تقريبا عندما كثفت قوات الجيش انتشارها حول كنيسة مار مينا وبدأت بتحذير المتجمهرين عبر مكبرات الصوت من أن كل من سيبقى في الشارع سيطبق عليه قانون «البلطجة» وسيحاكم إمام القضاء العسكري. فيما شدد الأنبا ثيئودسيوس أسقف عام الجيزة على ضرورة تعامل الحكومة بالحزم مع مشعلي الفتن، وقال ل»إيلاف» إن ما يحدث في إمبابة من حصار لكنيسة ماري مينا وإشعال النار في كنيسة العذراء، ليس الهدف منها الإفراج عن فتاة سرت شائعات أنها أسلمت وأن الكنيسة تخفيها بداخلها، بل الهدف إشعال الفتنة بين المسلمين والمسيحيين. ودعا رئيس الوزراء المصري عصام شرف الأحد إلى اجتماع طارئ للحكومة بعد مواجهات عنيفة بين مسلمين وأقباط أسفرت عن سقوط تسعة قتلى، وأرجأ زيارة مقررة إلى الإمارات العربية المتحدة، كما أعلنت وسائل الإعلام الرسمية. وقال احمد السمان الناطق باسم الحكومة لوكالة أنباء الشرق الأوسط أن «رئيس الوزراء شرف دعا إلى اجتماع طارئ للحكومة للبحث في الإحداث المؤسفة في إمبابة» في القاهرة. وأوضح تلفزيون الدولة أن شرف «قرر تأجيل زيارته إلى البحرين والإمارات العربية المتحدة التي كانت مقررة اليوم» الأحد. وكان عدد ضحايا الإشباكات الطائفية في منطقة إمبابة بالقاهرة وصل إلى ستة أشخاص و113 مصاباً، فضلاً على احتراق ثلاثة منازل ومقهى، وجاءت الاشتباكات التي وقعت في محيط كنيسة ماري مينا الواقعة بمنطقة إمبابة الشعبية، على خلفية انتشار شائعات تزعم احتجاز فتاة، لإجبارها على العودة للمسيحية، بعد أن اعتنقت الإسلام، فيما قال شهود عيان ومصادر طبية أن عدد القتلى يصل إلى 15 شخصاً و113 مصاباً. وتشتهر منطقة إمبابة بأنها معقل للإسلاميين المتشددين، منذ بداية السبعينيات من القرن الماضي. وقال محمد فهمي أحد سكان منطقة إمبابة ل»إيلاف» إن الأزمة بدأت في حوالي الثامنة مساء، عندما تجمع المئات من السلفيين حول الكنيسة، مطالبين بالإفراج عن فناة محتجزة بداخلها، على خلفية اعتناقها الإسلام، وذلك لإجبارها على العودة للمسيحية، مشيراً إلى أن تلك الفتاة تدعى عبير طلعت خيري، وأنها تنتمي إلى محافظة أسيوطجنوب مصر، وأنها أسمت نفسها أسماء محمد إبراهيم بعد اعتناق الإسلام. وأضاف فهمي أن الأهالي اتصلوا بالشرطة، لكنها تأخرت في الحضور، بعد أن وقعت اشتباكات بالأسلحة النارية بين مسيحيين يتحصنون في الكنيسة، ومسلمين سلفيين يتحصنون في المنازل المطلة على الكنيسة، وأسفرت عن قتل نحو تسعة أو عشرة أشخاص، بينما أصيب حوالي مائة شخص، حيث إن إطلاق النار كان يتم بطريقة عشوائية، في ظل ازدحام شارع الأقصر بالمارة، وكان الغالبية من القتلى والجرحى من هؤلاء المارة. فيما يشير المهندس جمال يوسف أحد شهود العيان إلى أن هناك المئات من المتظاهرين من الجانبين المسيحي والمسلم حول الكنيسة، وكلاهما يطلق هتافات طائفية، فالمسيحيون يهتفون «بالروح والدم، نفديك يا صليب»، فيما يهتف المسلمون «بالروح والدم، نفديك يا إسلام». وأضاف يوسف ل «إيلاف» أن القوات المسلحة حضرت إلى المنطقة بالاشتراك مع قوات الشرطة، وكانت عدد العربات 4 مدرعات وناقلة جنود، وحاولت تفريق المتظاهرين من الجانبين، لكنها فشلت في البداية، في تبادل الجانبين، وإطلاق النار وإلقاء زجاجات المولوتوف الحارقة، واضطرت إلى استخدام القنابل المسلية للدموع وإطلاق الأعيرة النارية في الهواء. ونوه بأن القوات المسلحة والشرطة بعد أن فرقت المتظاهرين تجمعوا في شارع الوحدة الرئيسي بالمنطقة، واندلعت مظاهرات جديدة، واضطرت القوات لمطاردتهم من جديد. فيما قال مصدر طبي بمديرية الصحة بالجيزة ل»إيلاف» إن عدد القتلى يزيد على 13 شخصاً، ونحو 109 مصابين، وليس ستة قتلى و94 مصاباً، كما أعلنت مديرية الصحة. وأشار المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه، إلى أن القتلة وقعوا نتيجة الإصابة بطلقات نارية، وجاءت الإصابات بأعيرة نارية أيضاً، أو الاختناق نتيجة الغازات المسيلة للدموع، وحروق بسبب الزجاجات الحارقة، أو جروح نتيجة الضرب بالزجاجات. ونوه المصدر بأن بعض الجرحى إصاباتهم خطيرة، حيث إنهم مصابون بطلقات نارية في الرأس أو الصدر. وتأتي الإشباكات بالتزامن مع ظهور كاميليا شحاتة، وهي مسيحية، انتشرت شائعات تزعم أنها أسلمت، وأن الكنيسة كانت تحتجزها في الكنيسة، منذ نحو تسعة أشهر، وتظاهر الآلاف من السلفيين أمام الكاتدرائية خلال الأسبوعين الماضيين، مطالبين الإفراج عنها. وبناء على بلاغات للنائب العام، طلبت النيابة العامة حضورها للتحقيق، ولكنها ظهرت على قناة الحياة المسيحية التي تبث من قبرص، لتؤكد أنها مازالت مسيحية. وقال شهود عيان تتواجد منازلهم في المنطقة المحيطة بالكنيسة في إفادات ل»إيلاف» أن تأخر تدخل قوات الجيش والشرطة في التعامل مع السلفيين المحتجين تسبب في زيادة عدد الضحايا بشكل كبير مؤكدين على أن القوات التي تواجدت فور بداية التجمع كان بإمكانها السيطرة على الموقف لولا تخاذلها، على حد تعبيره.